قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن الأصدقاء القدامى للرئيس التركى يهددون حكمه، مشيرة إلى أن رجب طيب أردوغان يواجه تمردا ضد حكمه الاستبدادى فى الوقت الذى يصارع فيه الركود الاقتصادى.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركى الأسبق تعهد فى مايو 2016 عندما تمت الإطاحة به بالولاء الداخلى لأردوغان.
وقال إنه سيواصل علاقته بالرئيس التركى حتى آخر نفس، على الرغم من التوترات المعروفة بين الاثنين، وقال فى هذا الوقت أيضا إن أحدا لن يسمع على الإطلاق كلمة تخرج من فمه ضد أردوغان.
لكن بعد ثلاثة سنوات، كسر داود أوغلو صمته ليخرج كمعارض قوى لحكم أردوغان، ففى 13 سبتمبر الجارى استقال من حزب العدالة والتنمية بعدما تم تهديده بالاستبعاد.
والآن، أصبح أوغلو البالغ من العمر 60 عاما واحدا من الوزراء الذين تركوا الحزب فى الأشهر الأخيرة، وهو يقود أحد فصيلين يخططان لتشكيل حركات لتحدى أردوغان، ببينما يقود وزير الاقتصاد السابق على باباجان الآخر، وهو الذى يحظى بدعم أحد حلفاء أردوغان السابقين، الرئيس السابق عبد الله جول.
ومن المتوقع أن يطلق السياسيون المخضرمون حزبيهما الجديدين قبل نهاية العام.
ونقلت "فايناشيال تايمز" عن شخصيات بارزة فى المعسكرين قولهما إن ما يحركهما هو القلق المتزايد إزاء ما يرونه من تكتيكات قمعية بشكل متزايد من قبل أردوغان تجاه المعارضين، وخطابه القومى القاسى وسوء إدارته الاقتصادية وعدم احترامه لحكم القانون وعدم استعداده الواضح للاستماع لمن يحثونه على تغيير المسار.
وقال معارض من حزب العدالة والتنمية: "لقد كنا نعتقد أنه سيفهم الرسالة، لكن كانت هناك دوما أعذارا، ولو لم نفعل شيئا الآن، سنندم فى المستقبل".
الانشقاق يهدد الهيمنة السياسية لأردوغان
ووصفت "فاينانشيال تايمز" الانشقاق بأنه مهم ليس فقط للانقسام غير المسبوق الذى يمثله فى صفوف العدالة والتنمية، ولكن للضرر السياسى الذى يمكن أن يحدثه لهيمنة أردوغان على الساحة السياسية الوطنية فى تركيا المستمرة منذ 17 عاما.
ففى تركيا التى ينقسم فيا التصويت بين معسكرين متقاربين مع وضد أردوغان، فإن انقسام جزء لو صغير من تحالف العدالة والتنمية الذى فاز بـ 52.6% فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، سيغير بشكل جذرى المشهد الساسى.
ويقول إبراهيم أوسلو، أحد منظمى استطلاعات الرأى فى تركيا" إن كل صوت يمكن جمعه قادر على تغير توازن القوى، ولهذا السبب، فإن هذه الأحزاب الجديدة هى الحراك الأكثر أهمية فى السياسة التركية.
وكان أردوغان قد اعتاد أن يردد كلمات أغنية شعبية تركية تقول "لقد مشينا معا على طول الطرق"، لكن كما قال الصحفى التركى بارى تيركولجلو مؤخرا أصبح الأمر أكثر صعوبة على حزب العدالة والتنمية أن يغنى هذه الأغنية معا، فعدد قليل جدا من الذين كونوا الحزب مع أردوغان فى 2001 لا يزالوا بجانبه.
استياء فى الصفوف العليا للحزب
وأكدت "فاينانشيال تايمز" أن الاستياء فى الصفوف العليا للحزب الحاكم فى تركيا قائم منذ فترة، فالوزارء السابقون يقولون إن هناك مؤشرات منذ 10 سنوات على أن أردوغان ليس مستعدا للاستماع إليهم.
كما أن صعود صهر أردوغان بيراق ألبيرت، الذى جعله وزيرا للمالية العام الماضى، كان نقطة رئيسة أخرى للتوتر،حيث أصبح هو وشبكته القوية من الأصدقاء والحلفاء محل انتقاد من داخل الحزب.
ولفتت الصحيفة إلى أن كلا من أردوغان وباباجان يستهدفان جماهير مختلفة، فيقول أيز أياتا، أستاذ العلوم السياسية بجمعة الشرق الأوسط التقنية فى أنقرة، إن داود أوغلو يحاول استقطاب القطاعات الأكثر محافظة من السكان، فى حين أن فصيل باباكان يخاطب من يطلق عليهم البرجوازيون، وهما نمطان مختلفان وقطاعان مختلفان.
كما يرى محللون أن باباجان هو الذى يتمتع بفرصة أفضل للنجاح. فبعد الانخفاض البالغ فى الليرة التركية أمام الدولار وارتفاع التضخم والبطالة وصول البلاد إلى حالة ركود، ينظر إلى وزير الاقتصاد السابق على أنه يمثل الأوقات الجيدة.