الأمين العام لـ«الاتحاد من أجل المتوسط»:منطقة المتوسط الأكثر تأثرًا بتغير المناخ ومصر قدمت خطوات كبيرة فى مكافحة هذه الظاهرة تحول مصر إلى منصة إقليمية للغاز يؤثر إيجابيًا على استقلال المنطقة فى توفير

شاركت مصر فى قمة العمل من أجل المناخ لتمثيل رفيع انطلاقًا من اهتمامها بقضية تغير المناخ، والتى احتلت جزءًا مهمًا من جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الجارى «2019». الاجتماعات الخاصة بالمناخ خلال الدورة الـ74 للجمعية العامة شاركت بها العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، وكان من بينها منظمة «الاتحاد من أجل المتوسط»، التى تجمع فى عضويتها 43 دولة من شمال وجنوب البحر المتوسط، والأمين العام لها السفير ناصر كامل والذى كشف فى حواره مع «انفراد» عن أهم النتائج الخاصة بدراسة أجراها الاتحاد من أجل المتوسط، والتى من المقرر أن يتم نشرها فى وقت لاحق من أكتوبر المقبل.. وإلى نص الحوار: تصدرون أول تقرير بشأن تأثير الاحتباس الحرارى على منطقة المتوسط.. فما هى النقاط الرئيسية التى يضمها التقرير فى هذا الصدد؟ قضايا المناخ والبيئة أحد أهم محاور عمل الاتحاد من أجل المتوسط؛ فقرابة 40% من أنشطة الاتحاد تركز على هذه القضايا، و60% من المشروعات التى ندعمها تتعلق بهذا المجال أيضًا. ونتيجة لوجود قاعدة بيانات عن تأثير ظاهرة تغير المناخ والاحتباس الحرارى على منطقة المتوسط التى تتبع القارات الثلاثة آسيا وأفريقيا وأوروبا؛ فإن كل الدراسات كانت قارية بطبيعتها. والاتحاد من أجل المتوسط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة فى إطار مبادرة تتعلق بالبرنامج الأممى تسمى «الخطة الزرقاء» تشاركا وأنشآ أول مجموعة علمية من 80 باحثا وعالما من المنطقة لدراسة مدى تأثر حوض البحر الأبيض المتوسط بآثار تغير المناخ. وتقدم هذه المجموعة أولى النتائج المبدئية لهذا البحث العلمى الدقيق على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد من أجل المتوسط فى مطلع أكتوبر، وستقدم رسائل رئيسية لصناع القرار عما يجب على الدول اتخاذه فى الاعتبار للتعامل مع الظاهرة. وإلى أى مدى تتأثر منطقة المتوسط بالظاهرة؟ التقرير يظهر أن منطقة المتوسط هى بالفعل واحدة من أكثر مناطق العالم تأثرًا بظاهرة الاحتباس الحرارى، والمرعب أنها ثانى أكثر المناطق بعد القطب الشمالى تأثرًا، علمًا بأن القطب الشمالى غير مأهول بالسكان، بينما منطقة البحر المتوسط يعيش بها 500 مليون نسمة. وأحد الآثار المحتملة زيادة معدل الفقر المائى فى كل حوض المتوسط، بالإضافة إلى تأثر التنوع البيولوجى وكمية الأسماك، وتوضح الدراسة أنه ما لم تتحرك دول شمال البحر الأبيض المتوسط لدعم دول جنوب البحر المتوسط «الدول العربية» فإنها ستتأثر بنفس القدر. هل تناولت الدراسة ما يتم تداوله حول آثار التغير المناخى على منطقة الدلتا واحتمالات غرق الإسكندرية نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر؟ فى مجمل الدراسة يتضح أنه ما لم تُتخذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى فى المنطقة والتوافق مع هدف عدم زيادة درجات الحرارة بأكثر من 1.5 درجة، فسيكون هناك عدة آثار ومن ضمنها بالفعل إمكانية ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل يؤثر على كل المدن الساحلية المطلة على البحر المتوسط وليس الإسكندرية فقط، لكن هذه السيناريوهات مبنية على افتراض أن الدول لن تتحرك ولن تتعامل مع هذا التحدى، وعلى سبيل المثال، اتخذت مصر العديد من الخطوات على مدى السنوات الخمس الماضية بالتحول من مصادر الطاقة التقليدية إلى المصادر المتجددة وحماية سواحل البحر المتوسط ومشروعات البنية الأساسية. هل تتساوى مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة بين الدول الصناعية وغيرها؟ التأثر شامل ولن ينجو منه أحد، فالعالم كله سيتأثر وأكثر المناطق تأثرًا هى الدول الجزرية، وتدرك الدول الصناعية أن مسؤوليتها أكبر نتيجة للمنظور التاريخى للظاهرة، ولما لديها من إمكانيات اقتصادية أكبر فى مواجهتها، وبالتالى ما يسمى بالإلزامات الوطنية تتفاوت من دولة لأخرى وفقًا لقدرتها ودرجة الانبعاثات الحرارية المتسببة فيها، وتُعد دول الاتحاد الأوروبى من أكثر الدول الصناعية الكبرى إدراكًا لحجم المشكلة وإسهامًا فى التعاطى معها، فهى ملتزمة بمقررات قمة المناخ فى باريس وملتزمة بمساهمتها الطوعية وبتقديم دعم فنى وتقنى لدول جنوب المتوسط فى التعرف على التحديات ووضع استراتيجيات وإيجاد التمويل. أشرت إلى مشروعات البنية التحتية الخاصة بمصادر الطاقة الصديقة للبيئة.. فما حجم ربحيتها بالمقارنة بغيرها؟ تثبت الدراسات والواقع على الأرض أن المشروعات المسؤولة بيئيًا التى ليس لها انبعاثات مثل الطاقة المتجددة والزراعات البيولوجية هى مشروعات ذات جدوى اقتصادية، فالقطاع الخاص يبحث عن فرص استثمار لمشروعات بنية أساسية مسؤولة بيئيًا لما لها من عائد. وهناك تجربة فى البرازيل عندما تم تغيير إضاءة الشوارع باللمبات الليد أدى ذلك إلى انخفاض الانبعاثات الناتجة عن إضاءة المدينة بنسبة 63% وحقق القطاع الخاص ربحا 14% وخفضا لاستهلاك الكهرباء بلغ 64%. هذا ونجد صناديق الاستثمار التابعة للمعاشات فى أوروبا والولايات المتحدة والشركات الكبرى التى لديها تريليونات الدولارات أصبحت من ضمن سياساتها أن توجه نسبة من الأموال للاستثمار فى هذه المشروعات. ما المساعدات التى تقدمها دول شمال المتوسط لدول الجنوب فى إطار دعم مواجهة الظاهرة؟ المساهمة تتعلق بـ4 مجالات من بينها الدعم المادى الواضح لعدد من الدول، وعدد المشروعات التى يدعمها الاتحاد ويتبناها، والتى تبلغ قيمتها 2.3 مليار يورو فى كل دول جنوب المتوسط. كما تقدم دول شمال المتوسط المساعدة الفنية ودراسات الجدوى ذات الأثر التى تؤدى بشكل سريع إلى خفض معدلات الانبعاثات الحرارية، مثل مشروع محطة بنبان فى أسوان لتوليد الطاقة من الشمس وهو أحد أضخم المشروعات فى العالم، إذ إن جزءا من تمويله يأتى من الشمال وجزءا من القطاع الخاص. ونقوم أيضًا من خلال الاتحاد بالهيكلة المالية للمشروعات داخل الدول بحشد التمويل ودراسة الجدوى، ونتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات المعنية لتحقيق هذه القيمة المضافة لكى نربط بين دولنا ورأس المال المتوفر فى السوق العالمى لتمويل المشروعات المسؤولة بيئيًا. ما هى الخطوات الفعلية التى اتخذتها مصر فى مواجهة الظاهرة؟ مبادرة الدولة المصرية فيما يتعلق باستخدام اللمبات الموفرة واحدة من المبادرات البيئية المسؤولة وجدواها الاقتصادية جيدة، كذلك بناء محطة بنبان كأكبر محطة للطاقة الشمسية فى العالم والعطاءات التى طرحتها الدولة فى مجال توليد الطاقة من الرياح، وهناك بالفعل خطة قومية للوصول إلى مزيج طاقة تصل فيه الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول عام 2025. كل هذا يوضح أن مصر تسير على الطريق الصحيح. إلى أى مدى قادرون على مواجهة الظاهر؟ أنا متفائل بما يتم اتخاذه من خطوات جادة لمكافحة الظاهرة من قبل حكومات المنطقة، ففضلا عن ما ذكرته هناك أيضا زراعة أيكولوجية لا تستخدم المبيدات أو الأسمدة الصناعية وهى زراعات منظفة للبيئة، كذلك أسلوب معالجة النفايات. إن المطلوب هو الإرادة السياسية وإعادة هيكلة الاستثمارات وطرح مشروعات كثيرة ومدروسة حتى تقبل عليها السلطات المحلية وأصحاب رؤوس الأموال. بعيدا عن ظاهرة تغير المناخ.. لماذا ظل الاتحاد بعيدًا عن أزمة المهاجرين والنازحين؟ أزمة الهجرة أكثر حدة فى دول جنوب المتوسط من شمالها وعدد المهاجرين الذين استقبلتهم دول الجنوب يفوق كثيرًا الأعداد التى استقبلتها دول الشمال. والاتحاد من أجل المتوسط مدرك أن قضية الهجرة لا تلقى توافقا بين دول الاتحاد الأوروبى فيما بينها ثم الاتحاد ككتلة ليس على اتفاق تام مع دول المتوسط، بالتالى اخترنا كمنظمة ألا نتعامل مع قضية ملف الهجرة وهى قضية سياسية بالأساس، لكن نتعامل مع جذور المشكلة وبينها تغير المناخ الذى هو أحد الأسباب الرئيسية الطاردة للسكان من دول الساحل والصحراء ودول أفريقيا جنوب الصحراء نتيجة الجفاف والسيول، وكذلك قضية التوظيف من خلال عملنا على التنمية المستدامة والتنمية البشرية. مع اكتشافات غاز المتوسط، تخطط مصر للتحول إلى مركز إقليمى للطاقة.. فما هو الدور الذى يمكن أن يلعبه الاتحاد فى هذا الصدد؟ الاتحاد من أجل المتوسط لديه 3 منصات تتعلق بالطاقة، فلدينا منصة الغاز ومنصة للطاقة المتجددة وثالثة لتخفيض استخدام الطاقة من المصادر التقليدية. فيما يتعلق بالغاز فإن تحول مصر إلى منصة إقليمية للغاز له تأثير إيجابى للغاية على أكثر من محور، والتى يتعلق أهمها باستقلال المنطقة فى توفير احتياجاتها من الغاز، بالإضافة إلى أن الغاز أحد المصادر الأقل تلوثًا للبيئة، وبالتالى ما تقوم به مصر يساعد فى توفير مصادر الطاقة، والاتحاد يدعم أى نوع من التعاون بين أعضائه فمثلًا ندعم التعاون بين دول 5+5 ودول المغرب العربى والأوروبية المطلة على غرب المتوسط، وفيما يتعلق بغاز المتوسط فإن الهدف الرئيسى أن تكون مصر مصدرا لتجميع غاز المنطقة ثم تسييله وتصديره لأوروبا. لماذا لم نشهد حتى الآن منطقة تجارة حرة بين دول الاتحاد؟ يجب أن أعترف أن ملف التجارة لا يتحرك داخل المتوسط كما ينبغى، وحلم إنشاء منطقة تجارة حرة بين دول المتوسط لا يزال بعيدًا، ولأسباب كثيرة لا يتقدم بالمعدل الكافى، أهمها خلافات رئيسية بين الدول الأعضاء وتحديدًا ما يتعلق بالخلاف بين إسرائيل وفلسطين.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;