انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، برئاسة المستشار محمد قشطة، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، إلى مخالفة الأحكام الواردة فى الباب السابع من مشروع قانون الرياضة، والمتعلق بتسوية المنازعات الرياضية بالمحكمة الرياضية الدولية فى زيورخ لأحكام الدستور.
وكان قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار محمود رسلان، قد رفض قانون الرياضة، وطلب من وزير الشباب والرياضة استطلاع رأى الجهات القضائية والمتمثلة فى "المجلس الخاص بمجلس الدولة" ومجلس القضاء الأعلى"، و"الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع" بشأن مدى دستورية الباب السابع من مشروع قانون الرياضة المتعلق بتسوية المنازعات الرياضية والفصل فيها.
وتضمنت الفتوى التى ينفرد "انفراد" بنشرها أحكام الباب السابع من مشروع قانون الرياضة موضوع طلب الرأى وإنشاء لجنة أو أكثر لتسوية المنازعات الرياضية، تختص دون غيرها بالمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام الأنظمة الأساسية للجنة الأولمبية المصرية واللجنة البارالمبية والاتحادات الرياضية الأولمبية والأندية الرياضية أعضاء الجمعيات العمومية لهذه الاتحادات، وتكون اللجنة برئاسة أحد القضاة ممن له خبرة فى هذا الشأن وممثلا للهيئة والطرف المتنازع، أو من ينوب عنه، وتصدر اللجنة توصيات تعرض على اللجنة الأولمبية المصرية، فإذا اعتمدتها اللجنة الأولمبية المصرية، قررت لجنة تسوية المنازعات الرياضية إثبات ما تم فى محضر تسلم منه لذوى الشأن صورة رسمية توضع عليها الصيغة التنفيذية وتكون لها قوة السند التنفيذى.
كما تضمن المشروع إنشاء لجنة عليا أو أكثر باللجنة الأولمبية لتسوية المنازعات الرياضية تختص بنظر الطعون على قرارات لجنة تسوية المنازعات الرياضية، وتتكون اللجنة من ثلاث قضاة بدرجة مستشار على الأقل أو بدرجة رئيس محكمة ابتدائية، وتختص هذه اللجنة دون غيرها ابتداءً بنظر الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المشار اليها، ويكون الطعن على قرارات اللجنة العليا لتسوية المنازعات الرياضية أمام المحكمة الرياضية الدولية.
وأضافت الفتوى أنه ورد مشروع قانون الرياضة إلى رئيس قسم التشريع مرة أخرى، مرفقا به رد وزارة العدل على ما تضمنه الباب السابع من مشروع قانون الرياضة، حيث اقترحت وزارة العدل مشروعا معدلا لهذا الباب، وقد تضمنت نصوص هذا الباب بعد تعديلها من قبل وزارة العدل إنشاء لجنة قضائية أو أكثر بمقر كل محكمة استئناف لتسوية المنازعات الرياضية، على أن تؤلف هذه اللجان برئاسة أحد القضاة من درجة نائب رئيس بمحكمة الاستئناف وعضوية اثنين من القضاة من درجة رئيس بالمحاكم الابتدائية من الفئة أ، واثنين من أرباب المهن الرياضية، وتختص هذه اللجان دون غيرها ولائيا بنظر جميع المنازعات الرياضية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الرياضة، وأحكام الأنظمة الأساسية للجنة الأولمبية المصرية واللجنة البارالمبية، والاتحادات الرياضيات الأولمبية، والأندية الرياضية أعضاء هذه الاتحادات وتصدر اللجنة حكمها مسببا، ويكون الطعن على الأحكام الصادرة عن اللجان القضائية المشار إليها أمام لجنة قضائية عليا دون غيرها تنعقد بمقر ذاته، وتؤلف برئاسة أحد القضاة من درجة رئيس بمحاكم الاستئناف وعضوية اثنين من القضاة من درجة قاض بمحاكم الاستئناف على الأقل أو اثنين من أرباب المهن الرياضية، ويكون الطعن فى الأحكام الصادرة على اللجنة القضائية العليا أمام المحكمة الرياضية الدولية دون غيرها، ويطبق على المنازعات التى تختص بنظرها اللجان القضائية المشار إليها، فيما لا يرد بشأنه نص فى قانون الرياضة، أحكام النظم الأساسية للجنة الأولمبية المصرية واللجنة البارالمبية والاتحادات الرياضية الأولمبية ولوائحها وذلك فيما لا يخالف القواعد والمعايير الدولية الملزمة.
وقالت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، رأيها فى المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التى تحال إليها بسبب اهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء، أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة، يستلزم منها حال نظرها للموضوع الماثل أن تتعرض له بصورة متكاملة، بحيث يتم إبداء الرأى فى الأحكام التى تضمنها المشروع الوارد من الوزارة ذاتها بعد اقتراح تعديله من قبل وزارة العدل.
كما ارتأت الجمعية العمومية إخطار رئيس مجلس الدولة بهذا الإفتاء حتى يكون تحت نظره ونظر أعضاء المجلس الخاص للشئون الإدارية حال مباشر اختصاصهم الوارد بحكم المادة 185 من الدستور بإبداء الرأى فى مشروعات القوانين المنظمة لشئون الجهة القضائية، التى يقومون على إدارة شئونها، كما رأى إخطار رئيس الوزراء باعتبار أن مشروع القانون المعروض معد من الحكومة ويفترض تقديمه إلى مجلس النواب منها، وذلك بالإضافة إلى إخطار وزير الشباب والرياضة بحسبانه المعنى بصفة أساسية بموضوع طلب الرأى.
وتبين للجمعية العمومية أن المادة 84 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أنه "ينظم القانون شئون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقا للمعايير الدولية، وكيفية الفصل فى المنازعات الرياضية"، وتنص المادة 97 منه على أن "التقاضى حق مصون ومكفول للكافة".
وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى، وتعمل على سرعة الفصل فى القضايا، ويحظر تحصين أو عمل أى قرار إدارى من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعى، والمحاكم الاستثنائية محظورة، وتنص الماده 184 المفتتح بها الفصل الثالث، السلطة القضائية، من الباب الخامس نظام الحكم، على أن السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون، ويبين القانون صلاحيتها والتدخل فى شئون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم.
كما تنص المادة 188 منه على أنه "يختص القضاء بالفصل فى كل المنازعات والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى، ويدير شئونه مجلس أعلى ينظم القانون تشكيلة واختصاصاته".
كما تنص المادة 190 منه على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحدة الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعته وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
وتنص المادة 191 منه على أن "المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها"، وتنص المادة 192 على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية والفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائى والفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أى جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها والقرارات الصادرة منها ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة".
كما تنص المادة 204 من الدستور على أن "القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره فى الفصل فى كل الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداء مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحرية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرا على ضباطها أو أفرادها، بسبب تأدية أعمال وظائفهم ويحدد القانون تلك الجرائم ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى.
وتنص المادة 224 من الدستور على أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقى نافذا ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد والإجراءات المقررة بالدستور، وتلتزم الدولة بإصدار القوانين المنفذة لأحكام هذا الدستور، كما تنص المادة 227 على أن يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجا مترابطا.
واستظهرت الجمعية العمومية أنه على وفق ما تضمنه الدستور الحالى من نصوص تنظم جهات القضاء واختصاص كل منها لم يعد جائزا بوجود جهات أو هيئات أخرى أيا كان تشكيلها تفصل فى المنازعات على اختلاف أنواعها، بخلاف الجهات التى حددها الدستور حصرا، فقد حدد الدستور جهات القضاء وهى: "القضاء العادى ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا والقضاء العسكرى".
وخلصت الجمعية العمومية إلى أن النصوص الواردة فى الباب السابع من مشروع قانون الرياضة سواء ما ورد فى صورته الأولى أو ما ورد فيه بعد اقتراح تعديله من وزارة العدل، جاءت متصادمة مع الأحكام الواردة فى الدستور، فإن المنازعات الرياضية تخرج بالكلية من بدايتها إلى نهايتها عن ولاية جهات القضاء المحددة بالدستور، حيث ناط مشروع القانون المعروض الفصل فى تلك المنازعات بلجان تنشأ لذلك الغرض.
وقالت الفتوى إن استخدام عبارة "دون غيرها" عند النص على اختصاص تلك اللجان، قاصداً إسناد الاختصاص بحسم المنازعات الرياضية لتلك اللجان وحدها، وهو ما يناقض أحكام الدستور من عدة نواح، فمن ناحية أولى يعد ذلك إخلالا بحق التقاضى المكفول بالمادة 97 من الدستور، ومن ناحية ثانية فإن ذلك التنظيم يتصادم مع ما تضمنته نصوص الدستور من تنظيم متكامل لجهات القضاء وتحديد اختصاص كل منها على نحو يمتنع معه على المشرع إنشاء جهات أو هيئات أخرى تنازع الجهات القضائية فى اختصاصاتها أو تنتزعها منها، ومن ناحية ثالثة فإن مشروع القانون المعروض إذا أناط بغير مجلس الدولة الفصل فى المنازعات الإدارية التى تنشأ فى نطاق المجال الرياضى، فإنه ينتقص بذلك من اختصاص مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بالفصل فى جميع المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى بالمخالفة للمادة 190 من الدستور.