يوم بعد يوم، تتضح قوة وصحة موقف الحكومة المصرية، فى توقيعها اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وهى الاتفاقية التى أثارت لغطا وجدلا فى بعض الأوساط السياسية والشعبية، واستغلها البعض فى تشويه وتزييف الحقائق، وتصوير الأمر، على غير الحقيقة، بأنه تنازل عن تراب وطنى مصرى، وبيع جزيرتى تيران وصنافير للسعودية مقابل المال، وهو الأمر الذى ثبت كذبه، وأكد على صلابة موقف الحكومة المصرية، وأن ما أعادته كان حقاً سعوديًا، ولم يكن فى يوم من الأيام تراباً مصرياً.
وبعد زيادة اللغط حول اتفاقية ترسيم الحدود، واستغلال اللجان الالكترونية وبعض الفضائيات للأمر للوقيعة بين مصر والسعودية، وتشويه الثمار الكثيرة التى ستجنيها الدولتين من زيارة الملك سلمان للقاهرة، وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التى تصب فى صالح الشعبين الشقيقين، بادرت الحكومة فى نشر الكثير من الوثائق التاريخية والمكاتبات التى تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان، وأن مصر كانت تسيطر على الجزيرتين بالاتفاق مع السعودية، للرد على الأكاذيب والترهات التى تروج لها اللجان الإلكترونية فى فضاء مواقع التواصل الاجتماعى.
وبعيداً عن الوثائق الرسمية، التى تثبت صحة موقف الحكومة المصرية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى، صفحتين من كتابين للمؤرخ الكبير الدكتور عبد العظيم رمضان، يؤكد فيهما أن جزيرتى تيران وصنافير ليستا مصريتين، بل هما سعوديتان احتلتهما مصر فى عهد حكومة الوفد حتى تستطيع السيطرة على خليج العقبة، وتحاصر إسرائيل بحرياً.
وفى إحدى صفحات كتابه "القضية الفلسطينية بين مصطفى النحاس وعبد الناصر" والذى صدر عام 2003 يذكر المؤرخ الكبير الدكتور عبد العظيم رمضان نصاً: "ولكن عودة الوفد إلى الحكم، فى عام 1950، أعاد مصر إلى دائرة الصراع العربى الإسرائيلى، ففى ذلك الحين، لم تكن جزيرة تيران أرضاً مصرية، إنما كانت أرضاً سعودية، لكن حكومة الوفد، اتفقت مع الحكومة السعودية على ضم تيران إلى أرض مصر، واستخدمت هذا الحق، فى منع مرور إسرائيل فى مضيف تيران، وفرض الحصار عليها فى خليج العقبة والبحر الأحمر".
كلام المؤرخ عبد العظيم رمضان يؤكد بوضوح أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان وليستا مصرية، واتفقت حكومة الوفد مع السعودية على احتلال مصر لها، حتى تتمكن فى التحكم من الملاحة فى خليج العقبة، وتمنع مرور السف الإسرائيلية.
وفى كتاب آخر بعنوان "الصراع الاجتماعى والسياسى فى عصر مبارك" صدر عام 1994م يؤكد المؤرخ الكبير، فى إحدى فصول كتابه على أن الجزيرتين سعوديتين، وأن مصر سيطرت عليهما بالاتفاق مع السعودية، حيث قال نصاً: "وبالنسبة للصراع العربى الإسرائيلى فقد قامت حكومة الوفد بفرض الحصار البحرى على إسرائيل فى البحر الأحمر، ومنعت مرور سفنها فيه، وذلك عن طريق اغلاق المنافذ الشمالية، المؤدية إليه، وهى خليج العقبة وقناة السويس. ولتحقيق هذه الغاية، أقدمت حكومة الوفد على احتلال جزيرتى تيران وصنافير، اللتين تتحكمان فى خليج العقبة وذلك بالاتفاق مع الحكومة السعودية".
وهو تأكيد آخر من المؤرخ الكبير، بأن الجزيرتين لم تكونا يوما مصريتين، بل هما فى الأصل جزيرتين سعوديتين.