فى أول زيارة لمسئول مصرى رفيع المستوى لتركيا، منذ 30 يونيو، يرأس وزير الخارجية سامح شكرى غدا الخميس، وفد مصر فى القمة الإسلامية التى تبدأ على المستوى الرئاسى بإسطنبول، ويسلم شكرى رئاسة القمة للرئيس رجب طيب أردوغان، بدلا من الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى يغيب عن القمة بسبب الأزمة السياسية والدبلوماسية التى تعصف بالعلاقات بين البلدين.
وقال مصدر دبلوماسى إن زيارة شكرى ستستغرق بضع ساعات وسيقوم خلالها بتسليم القمة فقط دون إجراء أى لقاءات ثنائية مع الجانب التركى، لافتا إلى أن تمثيل مصر فى القمة بوزير الخارجية لا يعد تمثيلاً منخفضاً، وتواترت أنباء خلال الأيام الماضية بأن التمثيل المصرى فى القمة سيقتصر على القائم بأعمال السفارة المصرية بأنقرة، إلا أن الجهود التى قامت بها السعودية والأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى جعلت مصر تقرر رفع مستوى تمثيلها فى القمة التى ستشهد مناقشة عدد من الملفات الهامة التى تطلب على الأقل وجود وزير الخارجية فى القمة.
وجود شكرى فى تركيا ليس تطبيعا
ورأت القاهرة بعد بحث الأمر أن وجود شكرى لا يعنى تطبيعًا للعلاقات بين القاهرة وأنقرة، وأن الأمر مقتصر على حضور اجتماعات القمة الإسلامية فقط، فى وضع مشابه لاجتماعات دولية وإقليمية سابقة خاصة بالوضع فى سوريا ومكافحة تنظيم داعش والتحالف الاسلامى الذى أعلنت عنه السعودية، جمعت مسئولين مصريين وأتراكا على طاولة واحدة دون أن يحدث نقاش بينهم.
ومثل السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية مصر، فى اجتماعات وزراء الخارجية التى عقدت على مدى يومين وألقى كلمة وزير الخارجية التى تجاهل فيها ذكر الحكومة التركية وقدم التحية للشعب التركى وقال " بمناسبة وجودنا وسط أشقائنا من الشعب التركى، أتقدم بالتحية لهذا الشعب الشقيق الذى تربطه بالشعب المصرى أواصر الصداقة والإخوة والاعتزاز".
وطالب بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة بين الدول أعضاء المنظمة لمنع التحريض على الإرهاب والعنف والتطرف بجميع أشكاله، خاصة عبر وسائل الإعلام والفضاء الإلكترونى، والتوقف عن استضافة أو تقديم الدعم المباشر أو غير المباشر لكيانات وأشخاص ثبت تورطهم بالدليل القاطع فى تنفيذ عمليات إرهابية أسفرت عن وقوع ضحايا أبرياء، ونالت من أمن واستقرار الدول الأعضاء.
تغيرات وتحديات للأمة الإسلامية
وأكد أن الأمة الإسلامية شهدت خلال تولى مصر رئاسة الدورة الثانية عشر لمؤتمر القمة العديد من التغيرات المتلاحقة، والتحديات المصيرية، ولا أريد أن أطيل بالحديث عن ملامح وجذور الأزمات التى تشهدها الدول الإسلامية وبصفة خاصة فى الشرق الأوسط، حيث إننا لطالما شرحنا رؤيتنا لأسباب تلك الأزمات باستفاضة فى مناسبات متعددة.
الإرهاب
وشدد على خطورة تنامى ظاهرة الإرهاب، وتهديدها لأمن واستقرار دولنا، وارتباطها للأسف بفكر متطرف قائم على تفسير مغلوط للمفاهيم السمحة لتعاليم الدين الإسلامى، ويبعد كل البعد عن رسالة الإسلام السامية، وهو ما يرفضه أكثر من مليار ونصف المليار مسلم.
ومن هنا، كانت الدعوة لإرساء خطاب دينى جديد يرتكز على إعلاء قيم الإسلام الحقيقية، ووسطيته، وعدله، وسماحته، بما يدعم رسالته للإنسانية بإعمار الأرض، ونبذ التطرف والعنف والكراهية، ووقف نزيف دماء الأبرياء فى كل مكان، "وأود أن أنوه فى هذا الخصوص بالدور التاريخى للأزهر الشريف فى نشر تعاليم الإسلام السمحة، وترويج نهج الوسطية والاعتدال الذى تحتاجه تفاعلاتنا مع واقعنا المعاصر أكثر من أى وقت مضى"، على حد قوله.
وأكد مساعد وزير الخارجية على أهمية تصويب المفاهيم المغلوطة والخاطئة عن الإسلام والمسلمين، والتى أدت لاستفحال ظاهرة الإسلاموفوبيا، تلك الظاهرة التى نلحظ بقلق بالغ تناميها بسبب الاتهامات الباطلة التى تربط بين الإسلام وظاهرة الإرهاب، وذلك على الرغم من أن تعاليم ديننا السَمِح أرست قيم التعايش المشترك بين الشعوب، ومن هذا المنطلق نجدد التأكيد على الحاجة الملحة لتعزيز الحوار بين الحضارات، والتركيز على المبادئ والقيم السامية المشتركة بين الأديان.
القضية الفلسطينية
وأشار إلى أن القضية الفلسطينية قضية المسلمين جميعاً، والباعث الرئيسى وراء إنشاء منظمة التعاون الإسلامى فى عام 1969، وحرصت مصر فى إطار عضويتها بفريق الاتصال المعنى بالقدس، على تفعيل خطة التحرك التى اعتمدها الفريق المنبثق عن المنظمة، حيث قامت المجموعة الثالثة للفريق الذى تترأسه مصر بزيارة كل من النرويج وروسيا والصين، وجارى التنسيق مع الجانب السويدى لإتمام زيارة مماثلة، ذلك بهدف حشد التأييد الدولى لصالح القضية الفلسطينية، ولمواجهة جمود مفاوضات عملية السلام، والسياسات الإسرائيلية الاستيطانية المستمرة الرامية إلى تهويد القدس الشريف، وتقويض حل الدولتين، ناهيك عن الحصار الجائر على قطاع غزة.
وأوضح أن الحل العادل للقضية الفلسطينية من شأنه أن يقضى على الذرائع التى شكلت نواة رئيسية لنمو أفكار بعض تيارات الإرهاب والعنف والتطرف الذى يُمارس باسم الدين، وذات الأمر ينطبق على القضايا الإقليمية الأخرى، والتى يتعين البحث عن الوسائل والآليات المطلوبة لإيجاد الحلول اللازمة لها، وعلى رأسها الملف السورى، والملف الليبى، والملف اليمنى.