هل تشعل العملات الرقمية الحرب بين الولايات المتحدة والصين.. مؤسس فيس بوك يدافع عن عملته "ليبرا" ويعتبرها تحديا للتنين الصينى وضمانا للهيمنة الأمريكية.. بكين تصدر قانونا لتنظيم التشفير.. والكونجرس قلق

دافع مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذى لشركة فيس بوك، أثناء إدلائه بشهادته أمام الكونجرس منذ عدة أيام عن عملته الرقمية الجديد "ليبرا"، مؤكدا أن عليه الإسراع بإطلاقها قبل أن تعلن الصين عن عملتها الجديدة، إذ قال زوكربيرج وقتها: "الصين تتحرك بسرعة لإطلاق فكرة مماثلة فى الأشهر المقبلة، وسيتم دعم ليبرا فى الغالب بالدولار، وأعتقد أن ذلك سوف يمدد القيادة المالية الأمريكية، وكذلك قيمنا الديمقراطية والرقابة، لكن إذا لم تبتكر أمريكا فإن قياداتنا المالية ليست مضمونة". وكانت لجنة الكونجرس تستجوب زوكربيرج بشأن خطط طرح "ليبرا"، والتى أثارت الجدل وتسببت فى قلق المسئولين وواجهت الكثير من الانتقادات القاسية، حتى قرر عدد من الشركات الشريكة الانسحاب من دعم العملة خوفا من تأثر سمعتها أو أرباحها من هذه الحرب على "ليبرا". ما هى ليبرا؟ تعد إحدى العملات الرقمية الافتراضية التى تعتمد على تقنية البلوك تشين وتديرها جمعية "كاليبرا" التى تتخذ من جنيف السويسرية مقراً لها، إذ يعتبرها زوكربيرج أنها وسيلة أسهل لتداول الأموال فى عصر التقدم التكنولوجى، إذ أصدر موقع "فيس بوك" بيانا لشرح العملة قال به: "الفكرة وراء ليبرا هى أن إرسال الأموال يجب أن يكون سهلاً وآمنًا مثل إرسال رسالة نصية، وستكون ليبرا بمثابة نظام دفع عالمى، مدعومًا باحتياطى نقدى وغيره من الأصول عالية السيولة، وأعتقد أن هذا شىء يحتاج إلى البناء". وعند الكشف عن "ليبرا" فى 18 يونيو الماضى انضمت عدة كيانات كبرى عالمية للمشروع، حيث تمكن زوكربيرج من ضم 27 مؤسسة عالمية، وبدأت الإجراءات فى طريقها للبدء فى المشروع والإعداد له. وأوضح ديفيد ماركوس، الذى يرأس مشروع ليبرا، فى ندوة مصرفية أن الهدف الرئيسى هو إنشاء نظام مدفوعات أكثر كفاءة، مؤكدا أن فيس بوك كان ولا يزال يهدف إلى إطلاق ليبرا فى يونيو 2020، لكنه أقر بأن الخطط قد تشهد بعض التأجيل بسبب العقبات التنظيمية. حرب العالم على ليبرا بعد أيام قليلة من الإعلان عن ليبرا سارع عدد من المؤسسات والكيانات والدول فى رفض فكرة وجودها، لما قد تمثله هذه العملة من خطر مع وجود مجتمع كبير مثل مليارات الأشخاص على فيس بوك، مما يعنى أن لديهم متطلبات تنظيمية محددة تتعلق بالاحتيال وغسل الأموال وفرض العقوبات. انسحاب الشركات من دعم ليبرا وتفاقمت الأزمة الخاصة بعملة ليبرا مع انسحاب بعض الشركات الكبرى من اتفاقها مع فيس بوك، فقد كانت البداية مع شركة PayPal التى انسحبت يوم 4 أكتوبر الحالى، ثم بحلول السبت 11 أكتوبر انسحبت 4 شركات أخرى هم "فيزا وماستر كارد وStripe وMercado Pago". وهذا يعنى أن كل خدمة دفع رئيسية فى الولايات المتحدة غادرت تحالف عملة فيس بوك الرقمية الجديدة، وهو ما يشير إلى تحول كبير فى دعم المشروع وانطلاقه. إعلان وزير المالية الألمانى الحرب على ليبرا انتقد وزير المالية الألمانى أولاف شولتس مرارا خطط فيس بوك لإطلاق عملاتها المشفرة ليبرا، وقال إنه يجب منع إطلاق عملة عالمية جديدة، وأشار للصحفيين أثناء اجتماعات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى إلى تنامى القلق حيال مثل تلك العملات المشفرة المستقرة، والمخاطر الدولية المحتملة التى تشكلها، مؤكدا أنه "متشكك للغاية" حيال خطط فيس بوك، وأنهم سيقومون بمراقبة الوضع بعناية وبجميع الوسائل المتاحة. مجموعة الدول السبع تحذر من ليبرا حذرت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7، فى بيان، من إطلاق عملة "ليبرا" التابعة لفيس بوك، وطالبت الشركة بالتمهل فى قرارها حتى التأكد أنها آمنة ومأمونة، إذ ترى أكبر الاقتصادات فى العالم أن العملات المشفرة مثل ليبرا تشكل خطراً على النظام المالى العالمى. وفصلت المجموعة فى بيانها 9 مخاطر رئيسية تشكلها هذه العملات الرقمية، مطالبة بضرورة معالجة مثل هذه المخاوف، مؤكدا أنه فى حالة فقد لا يحصل المشروع على موافقة من المنظمين فى النهاية، فيما يأتى هذا التحذير بعد أيام فقط من انسحاب كل من PayPal وماستركارد وفيزا وeBay وStripe من مشروع ليبرا، مشيرين إلى عدم اليقين التنظيمي. مخاوف اليابان وأوضحت مصادر حكومية أن السلطات اليابانية تناقش التأثير الذى يمكن أن تحدثه العملة على السياسة النقدية والتنظيم المالى، إذ تسعى من خلاله اليابان إلى تنسيق السياسات لمعالجة التأثير الذى قد تحدثه عملة Libra على التنظيم والسياسة النقدية والضرائب وتسديد المدفوعات. خطط الصين لطرح عملة رقمية كشف تقرير حديث عن أن خطط الصين لطرح عملة رقمية مشفرة مدعومة من الدولة قد تلغى الحاجة إلى حسابات مصرفية، فضلاً عن كونها منافس قوى لعملة "ليبرا". وبحسب موقع independent البريطانى فقدم تقرير نشرته Binanceأكبر بورصة للعملات المشفرة فى العالم نظرة عامة على الشكل الذى يتوقع أن تبدو عليه العملة الرقمية للبنك المركزى الصينى، وكيف ستقارن بعملة البيتكوين وعملة ليبرا القادمة من "فيس بوك"، وبناءً على التفاصيل المقدمة من الكيانات المرتبطة بالبنك المركزى الصينى، سيتم دعم العملة الرقمية باحتياطيات من العملة التقليدية، وستسمح للناس بتحويل الأموال حتى لو لم يكن لديهم حساب بنكى. وفى وقت سابق من هذا الشهر، قال مسئول كبير فى بنك الشعب الصينى (PBOC) إن العملة المشفرة كانت "على وشك الخروج"، على الرغم من عدم تحديد تواريخ محددة لإزاحة الستار عنها، وقال نائب مدير بنك الشعب الصينى (PBOC)، مو تشانج تشون، إن العملة الرقمية الجديدة ستستخدم نظامًا من مستويين. كما أوضح التقرير كيف يمكن استخدام العملة الرقمية التى لم يتم تحديدها بعد لدعم وتحسين شبكة المراقبة المتسعة بالفعل فى الصين، فيما أشار التقرير إلى أن بنك الشعب الصينى يهدف إلى تحسين فعالية سياسته النقدية، مع رسم صورة أكثر شمولاً لجميع الأفراد والشركات فى جميع أنحاء الصين. وعلى عكس عملات الخصوصية ستكون السلطات المركزية قادرة على جمع المعلومات، وفى نهاية المطاف من المرجح أن يتم ربط الهويات بالمحافظ الفردية، مما يجعلها غير مجهولة بالكامل على عكس البيتكوين. ولكى تعمل العملة الرقمية الجديدة على نطاق واسع ستحتاج البنية الأساسية للدفع بالعملة الجديدة إلى أن تكون قادرة على معالجة حجم ضخم من المعاملات والتعامل معه، ويشير التقرير إلى أن هذا سيكون فى مكان ما فى المنطقة من 300 ألف معاملة فى الثانية، على الرغم من أنه لا يوجد حاليًا أى قيود يمكن أن تدعم هذا الحجم الكبير. ومن المفترض أن تتطلب العملة المشفرة للمستخدمين امتلاك هواتفهم الذكية، حتى لو لم يكن لديهم حسابات بنكية، وتشير التقديرات الحالية إلى أن حوالى نصف سكان الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة يمتلكون هواتف ذكية، وقد تم تصميم العملة الصينية الجديدة لتوفير الخدمات المالية الرئيسية لأولئك الذين ليس لديهم حسابات بنكية. فيما بدأ بنك الشعب الصينى (PBOC) لأول مرة فى البحث عن إمكانات عملة مشفرة جديدة فى عام 2014، ولكن وفقًا لتقرير Binance، تم تطوير عملية تطوير العملة المشفرة بشكل سريع بعد أن أعلن فيس بوك لأول مرة عن خططه لطرح ليبرا فى وقت سابق من هذا العام.