بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابى أبو بكر البغدادي، توجهت أنظار العالم صوب قرية باريشا الصغيرة فى محافظة إدلب شمالى غربى سوريا، والتى تتواجد به العديد من الخلايا الإرهابية النائمة وعصابات تهريب البشر والأسلحة.
وتقع قرية باريشا شمال مدينة إدلب على مسافة 5 كيلومتر عن الحدود التركية قرب باب الهوى الذى يعد أحد أبرز المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، ويعيش في القرية ما يقرب من 7 آلاف نسمة يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية، حيث يتواجد فى القرية العديد من النازحين السوريين الذين يقيمون في أكواخ وخيام مقامة بين أشجار الزيتون.
وتعد قرية باريشا أحد أبرز القوى القابعة تحت سيطرة جبهة النصرة الإرهابية، والتى تهيمن على مساحات شاسعة من محافظة إدلب، وهى المحافظة التى تنشط فيها فصائل مسلحة عديدة غير هيئة تحرير الشام.
وتنتشر فى القرية التى كان يختبئ بها البغدادى عناصر لمليشيات ما تسمى "حراس الدين" وهى خليط من فصائل مسلحة ولائها لتنظيم القاعدة الإرهابى، وقد احتضنت القرية عدد من الإرهابيين التابعين لداعش الفارين من معركة بلدة الباغوز التي تمكنت خلالها القوات الكردية من اعتقال المئات من الدواعش وقتل العشرات منهم.
قرية باريشا هى معقل الجماعات المتطرفة فى سوريا ومنها جماعة حراس الدين وهى بقايا القاعدة وهيئة تحرير الشام، ويوجد فيها خلايا لداعش وحدثت اشتباكات مع الجماعات الجهادية بشكل أساسي.
بدوره قال رئيس المرصد السورى لحقوق الإنسان رامى عبد الرحمن، إن هناك مفارقة عجيبة وهى أن أردوغان يريد إبعاد الأكراد عن الحدود التركية بذريعة أن قوات سوريا الديمقراطية إرهابية، معربا عن دهشته من وجود البغدادى بالقرب من الحدودة التركية بالإضافة لجماعات آخرى متشددة ومصنفة إرهابيا تتمركز فى إدلب دون اشتباك مع القوات التركية التى تعبر بشكل يومى عبر حواجز تلك الجماعات المتشددة فى أماكن تمركزها وفقا لاتفاق سوتشى.
وأكد عبد الرحمن فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن المعلومات المؤكدة أن طائرات مروحية أمريكية أقلعت من كردستان العراق إلى مطار سيرين لتنفيذ عملية اغتيال البغدادى، لافتا إلى أنه بعد الاعلان عن ساعة الصفر انطلقت الطائرات الأمريكية من مطار سيرين وقامت بمناورة عبر الحدود السورية التركية كى تكون قريبة من نقطة العمليات.
فيما أكد الدكتور واثق الهاشمى، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية أن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادى كان لديه مشكلة صحية والمخابرات العراقية تتبعته منذ فترة، لافتا إلى أن البغدادى تواجد فى إدلب لسببين أولهما ليكون بعيدا عن أعين الدول التى تتعقب تحركاته، وثانيهما هو تواجده بالقرب من الحدود التركية للبحث عن فرصة للدخول إلى الأراضى التركية.
وأشار الهاشمى فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" إلى التعاون الاستخباراتى بين العراق وقوات سوريا الديمقراطية مع واشنطن لتحديد مكان اختباء البغدادى، لافتا إلى أن التنظيم المتطرف يعيش مشكلة كبيرة بعد مقتل القيادات البارزة ما دفع الدواعش لمبايعة عبد الله قرداش لقيادة التنظيم.
وأوضح أن البغدادي منذ عدة أشهر يواجه مشكلة فى التواصل مع قيادات التنظيم الإرهابى، لذا شكل ما يعرف باللجنة الأمنية كى تدير الأمور ويكون اتصاله بها فقط، لافتا إلى أن الفرصة باتت مواتية كى تتعاون الاستخبارات العراقية مع دول الجوار للوصول للخلايا النائمة التابعة لداعش، لأن التنظيم سيحاول تنفيذ عمليات انتقامية بالعراق بسبب وجود العديد من الخلايا النائمة التابعة له فى ظل وجود أنفاق تحت الأرض على الحدود العراقية السورية.
إلى ذلك، قال سلمان بارودو وزير الاقتصاد والزراعة فى الإدارة الذاتية فى شمال وشرق سوريا إن مخابرات قوات سوريا الديمقراطية ساهمت بشكل كبير فى تقديم معلومات إلى واشنطن حول مكان اختباء أبو بكر البغدادى، لافتا إلى أنها كشفت عن معلوماتها بخصوص تهريب زعيم تنظيم داعش الإرهابى إلى مدينة إدلب السورية.
وأوضح "بارودو" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" أنه كان من المفترض تنفيذ العملية الأمريكية قبل شهر من الآن لكن الغزو التركى أخر العملية، لافتا إلى أن مخابرات "قسد" تمكنت من تحديد مكان البغدادى بشكل دقيق قبل يوم واحد من قتله.