إله واحد و5 أركان.. مسجد الاستقلال فى جاكرتا.. لوحة معمارية بتوقيع مهندس مسيحى.. شيده فريدريك سيلبان ليصبح الأكبر فى جنوب شرق أسيا.. المبنى يتحول إلى رمز لاندحار الاستعمار وسر خاص وراء بناء 12 عمودا ب

يقع فى قلب العاصمة الإندونيسية جاكرتا، صرحا ظل منذ بناءه قبل عشرات السنوات رمزا لاستقلال البلاد من الاستعمار الهولندى، ومع مرور الوقت بات نموذجا لقيم التسامح والتعايش السلمى التى تعرف بها اندونيسيا، إنه "مسجد الاستقلال"، أكبر مساجد جنوب شرق آسيا وثالث أكبر مسجد سنى فى العالم، الذى بناه المعمارى المسيحى فريدريك سيلبان. ويقول بخاري سائل الطاهرى، نائب رئيس قسم التعمير بالهيئة التعميرية لمسجد الاستقلال، إن اندونيسيا حصلت على استقلالها فى 17 أغسطس 1945، وأراد زعماء البلاد آنذاك أن يبنوا مسجدا كبيرا هو الأول بعد سنوات مضت فى استعمار رافض لبناء المساجد. وخاطب وقتها وزير الشئون الدينية الزعيم أحمد سوكارنو، أول رئيس لأندونيسيا ووافق، ليطلق فى عام 1951 مسابقة للتقدم بأفضل تصميم. وبالفعل شارك أكثر من ٣٠ مهندس من الجامعات المختلفة سواء داخل إندونيسيا أو خارجها، ثم تم اختيار أفضل 5 تصميمات، ثم اختير منهم تصميم المهندس الإندونيسى فريدريك سيلبان. ويشرح بخارى كيف عكف المهندس سيلبان على زيارة العديد من البلدن الإسلامية للاطلاع على المعمار الإسلامى المستخدم فى بناء المساجد. وبدأ بناء المسجد من عام ١٩٦١ حتى عام ١٩٧٦، موضحا أنه خلال الـ 15 عاما التى شهدت بناء المسجد، انتهت ولاية الرئيس سوكارنو فى سنة ١٩٦٦، ثم تولى الرئيس سوهارتو الرئاسة وتم افتتاحه خلال ولايته. وبسؤاله عن أبرز سمات المسجد، قال بخارى ردا على "انفراد" أن فريدريك سيلبان ذكر في كتابه أنه صمم المسجد بطريقة فريدة ومختلفة عن أى مسجد، حيث زار بلدان كثيرة للتعرف على الثقافات المعمارية لأنه أراد أن يكون تصميمه فريدا من نوعه. ورغم أنه مسيحى، إلا أنه عكف على وضع الرموز الإسلامية فى مختلف أركان المسجد. فعلى سبيل المثال بناه بمئذنة واحدة لتدلل على أنه لا يوجد سوى إله واحدا. كما شيد ١٢ عمودا ليرمز إلى ميلاد النبى محمد "عليه الصلاة والسلام"، حيث ولد فى ١٢ ربيع الأول. فضلا عن أن المسجد مكون من 5 طوابق لتمثل أركان الإسلام الخمسة. ويبلغ ارتفاع المئذنة ٦٦. ٦٦م وهذا عدد آيات القرآن، بينما بنى عمود فى الجزء الآخر من المئذنة يبلغ ارتفاعه ٣٠ مترا لتمثل أجزاء القرآن. وأوضح أن هذا الصرح ينقسم إلى قسمين، فالمسجد _الرمز الدينى - يتجه نحو قبلة الكعبة والقسم الثاني قومى حيث يتجه نحو النصب التذكارى "موناس" الذى يمثل المعركة الإندونيسية ضد الاستعمار. وأكد أن المسجد بنى فى هذا المكان تحديدا حيث كان مقرا لحديقة هولندية قديمة، فتم بناء المسجد في نفس المكان تأكيد على الاستقلال، كما تم بناء كاتدرائية أمامه تأكيدا على قيم التسامح والتعايش فى اندونيسيا. وأشار نائب رئيس قسم التعمير إلى أن المسجد يعتبر اكبر إنجازات المهندس المعمارى فريدريك وقد كرمته الدولة عدة مرات لهذا التصميم. وسرد كيف كان سيلبان شخصية تحظى باحترام وتقدير الجميع، فرغم أنه مسيحى إلا أنه كان يلبس الزى الإسلامى ويقضى معظم وقته فى المسجد. ولا يخلو المسجد من الرموز القومية كذلك، فرغم أهميته الدينية لآلاف المصلين الذين يأتون كل يوم للصلاة والحصول على الدروس والاستفادة من الأنشطة التى يقدمها، إلا أنه يحمل أهمية وطنية كذلك، نظرا لأنه يرمز إلى انتهاء الاستعمار. وبنى فريدريك قطر القبة على مساحة 45 متر لتمثل عام استقلال أندونيسيا، بينما يبلغ قطر القبة الثانية 8 مترا، لتمثل شهر أغسطس، شهر الاستقلال، كما شيد العمود الكبير على ارتفاع 17 مترا، هى يوم الاستقلال. وأضاف بخارى أن المسجد يساع إلى ٢٠٠ ألف مصلى خلال الصلاة الواحدة، فمساحة المسجد حوالى ٣٠٠ الف متر وهو سابع أكبر مسجد فى العالم. وحول النشاطات التى ينظمها المسجد، قال نائب رئيس قسم التعمير بالمسجد إنه يوجد نشاطات كثيرة منها إقامة الدروس بعد صلاة الظهر والفجر والمغرب. كما يتم تنظيم مجالس التعليم اسبوعيا يومى السبت والأحد. ويخصص وقت للنساء للحصول على الدروس بالإضافة إلى الرحلات المدرسية وتكون جميعها مجانا. وأعرب عن أمنيته تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف ومسجد الاستقلال قائلا إن بعض مشايخ الأزهر قاموا بالفعل بزيارة المسجد والصلاة به، مؤكدا أن العلاقة بين مصر وإندونيسيا قوية وقديمةللغاية، وتتسم بالقوة منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس سوكارنو. وبحديثه عن تمويل المسجد قال إن بعض التمويل يأتي من الدولة نفسها والبعض الآخر من تبرعات المجتمع، وأضاف أن دور الهيكل الإدارى للمسجد مختلف على حسب كل قسم فعلى سبيل المثال يوجد قسم التعمير وهو مسئول عن عمل النشاطات العبادية والتوصيات المختلفة بالمسجد، ويوجد أيضا قسم الرعاية وقسم الصيانة وقسم الإدارة وقسم التربية حيث يوجد داخل المسجد مدرسة دينية من مرحلة الحضانة إلى مرحلة الثانوية.