باتت قضية الاعتداء الجنسى على الأطفال فى المدارس، ظاهرة متكررة فى عدد من المحافظات، وتجددت مؤخرا بعد ما أثير عن التعدى الجنسى على 5 أطفال بأحد المدارس الدولية التى اتهم فيها أحد أفراد أمن باغتصاب أطفال، وبحسب البيانات والإحصائيات الصادرة عن المركز القومى للطفولة والامومة فإن نحو 1000 حالة اغتصاب بالمدارس للأطفال ذكوراً وإناثاً، تم تسجيلها فى الفترة ما بين يناير وأكتوبر من العام 2014، يأتى ذلك بينما توقعت الدكتور هدى بدران رئيس الاتحاد النوعى لنساء مصر أنه إذا كانت الأعداد الرسمية تشير إلى 1000 حالة فإن الحالات غير المسجلة تصل إلى أكثر من 3000 حالة سنويا.
الأرقام التى تدل على كارثة محققة، تشير فى أغلب وقائعها إلى أن الجانى غالبا ما يكون من العاملين بالمدرسة، سواء أن كان فرد أمن أو عاملا أو حتى مدرس.
فرد أمن يعتدى على 5 طلاب
وكشف عدد من أولياء أمور أطفال بأحد المدارس الدولية بمدينة نصر، اغتصاب 5 أطفال لا تتعدى أعمارهم 3 سنوات بينهم طفلة من قبل فرد أمن قام باستدراجهم فوق سطح المبنى.
الواقعة التى ترويها والدة أحد الأطفال المغتصبين، تفجرت قبل أسبوع حينما لاحظت أن نجلها البالغ من العمر 3 سنوات، يعانى من إعياء شديد، الأمر الذى تتكرر فى اليوم التالى وسط بكاء الطفل، دون أن يحكى ما حدث له، حتى اكتشفت بالصدفة بعد إلحاح على الطفل، فقد قال لها الطفل إن رجل الأمن قام بالاعتداء عليه وعدد آخر من الأطفال، بعد أن قام باستدراجهم إلى السطح وقام بنزع بنطلون الطفل، مؤكدة أنها بعد اكتشاف الجريمة واجهت المدرسة، ولكنها أنكرت الحادث بالكامل. وقالت إنها قامت بتوقيع الكشف الطبى على الطفل بمستشفى هليوبوليس وأثبتت الواقعة. المدرسة ردت على الاتهامات الموجهة لها من جانب أولياء الأمور بأن الحادثة لم يتم إثباتها بعد، ويتم التحقيق فى الواقعة حاليا من الجهات المختصة، والمدرسة تقوم بأخذ الاحتياطات اللازمة للأمان تجاه الأطفال خلال اليوم الدراسى.
نجل الفراش يعتدى على الطفلة الخرساء
فى نهاية عام 2014 قررت النيابة الإدارية التحقيق فى واقعة اغتصاب تلميذة خرساء بالصف الثانى الابتدائى داخل مدرسة التوفيقية الخاصة بمحافظة القاهرة، حيث قام نجل فراش المدرسة باغتصابها بعد الاعتداء عليها بالضرب لتخويفها.
الكشف عن وقائع الجريمة بدأ بشكوى قدمتها والدة التلميذة قالت فيها إن ابنتها شكت من ألم بمكان حساس بـجسدها وبفحصها وملابسها وجدت شيئا كالزلال بالملابس الداخلية، فاضطرت الأم إلى الذهاب بابنتها لطبيب أمراض نساء الذى أكد لها أن ابنتها تعرضت لاعتداء جنسى.
وتوجهت عقب ذلك إلى قسم شرطة مصر الجديدة، وحررت محضرا بالواقعة القت أجهزة الأمن القبض على الفراش ونجله، واعترف المتهم أنه كان يعتدى بالضرب على الطفلة كلما صدر عنها استغاثة بصوت عال حتى انتهى من جريمته.
الطالب متهم أيضاً
قبل عام تقريبا وفى مدرسة الخصوص للغات، بمحافظة الدقهلية، تعرضت الطالبة «ندى» فى الصف الأول الابتدائى للاغتصاب من قبل أحد الطلبة بالمدرسة، وقال والدها إن ابنته تعرضت لمحاولة اغتصاب داخل المدرسة، مؤكدة أن من حاول اغتصاب نجلته هو أحد طلاب المرحلة الثانوية، وأن المدرسة فيها جميع المراحل التعليمية من رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة، مؤكدًا أن الواقعة ليست هى الأولى التى تحدث فى المدرسة، وإن نجلته أصيبت بحالة نفسية سيئة، وأن لسانها أصيب بلعثمة فى الكلام، بالإضافة إلى امتناعها عن دخول الحمام، لشعورها بحالة من الخوف الشديد.
مشيرا إلى أن النيابة حفظت القضية، لأنها واقعة إدارية ويفصل فيها من قبل وزارة التربية والتعليم»، وذلك على حد وصفه.
طالب مدرسة العمرانية كان ضحية واقعة الاغتصاب فى مدرسة «الصديق» للتعليم الأساسى بالعمرانية، لسبعة من زملائه الذين اعتدوا عليه جنسيا فى الحمام، هددوه بالسلاح الأبيض، حينما كان يلعب مع زملائه فى فناء المدرسة، حيث اقتاده أحدهم بـ«مطواة» إلى مسرح الجريمة، وأجبره على خلع البنطلون.
ومن ضمن وقائع التعدى جنسيا على الطلاب واقعة كان المدرس بها مغتصبا، حيث اتهمت والدة طالبا بالصف الأول الثانوى الصناعى بالغردقة فى بلاغ مقدم لقسم أول الغردقة مدرس بالتحرش بنجلها وعدد كبير من الطلاب، وتم ضبط المعلم وأخلت النيابة سبيله على ذمة القضية.
ضعف الإشراف المدرسى
من جانبها قالت الدكتورة هدى بدران، رئيس الاتحاد النوعى لنساء مصر، إن التحرش بالأطفال والتعدى الجنسى عليهم لم يعد حالات فردية متفرقة، ولكنها أصبحت ظاهرة بشعة تهدد الأطفال، مشيره إلى أنه إذا كانت إحصائيات المركز القومى للطفولة والأمومة تشير إلى 1000 حالة اغتصاب للأطفال خلال عام 2014، فإن الحالات غير المسجلة تصل إلى أكثر من 3000 حالة سنويا، بسبب خوف الأهالى من الحديث عن مثل هذه الأمور، خوفا على سمعة أبنائهم، ورضوخا لمساومات مسؤولى المدارس الذين يطالبونهم بعدم الإبلاغ عن هذا النوع من الوقائع خوفا على سمعة المدرسة.
وتابعت أن أهم أسباب تفشى الظاهرة هو ضعف الرقابة والإشراف من المسؤولين داخل المدرسة، بالإضافة توظيف أى حد قد يكون من أصحاب الشخصيات غير السوية، بالإضافة إلى ضعف رقابة وزارة التربية والتعليم على المدارس التابعة للوزارة، وأيضا المدارس الخاصة والدولية.
وعن مكافحة التحرش شددت على ضرورة أن يكون التعيين بالمدارس من خلال مقابلات شخصية للكشف عن الشخصية السوية المؤهلة للعمل بالمدرسة، والتى تستطيع الحفاظ على الأطفال وحمايتهم من هذه الظاهرة، بالإضافة إلى اختبارات اجتماعية ونفسية لكل من يرغب فى العمل بالتدريس.
وعن العقوبات التى يجب أن توقعها وزارة التربية والتعليم أكدت أنها يجب أن تتمثل فى حرمان مسؤولى المدرسة من العمل، وأن تخضع المدرسة للإدارة من قبل الوزارة.
من جانبه كشف أحمد حنفى مسؤول داخل الجهاز الأعلامى للمجلس القومى للطفولة والأمومة عن تلقى خط نجدة الطفل بالمجلس 53 حالة عنف جنسى تجاه الأطفال داخل المؤسسة التعليمية تنوعت ما بين 8 حالات هتك عرض لأطفال، و19 حالة تحرش جنسى، 26 حالة اغتصاب، مشيرا إلى أن البلاغات التى كانت تتعلق بالاعتداء على الأطفال الذكور 9حالات مقابل 44 حالة للإناث.
كما صنفت البلاغات طبقا للمرحلة العمرية، ففى الفئة العمرية من 1 إلى 6 سنوات وصلت إلى 11 حالة فى مقابل عدد 25 حالة للأطفال فى الفئة العمرية من 7 إلى 12 عاما، وعدد 17 حالة فى الفئة العمرية من 13 إلى 18 عاما.
أفلام إباحية
وقال هانى هلال رئيس مركز حقوق الطفل: إن التعليم، خاصة فى مرحلة رياض الأطفال تحول إلى كارثة كبرى بسبب العنف الممنهج الذى يوجه ضد الأطفال، سواء تمثل فى الاعتداء الجسدى أو الجنسى وهو ما أدى إلى احتلال مصر للمركز قبل الأخير فى تقرير التنافسية لجودة التعليم.
وأكد أن تكرار الحوادث التى يتعرض لها الأطفال وبالأخص داخل المؤسسات التعليمية سواء كانت حكومية أو خاصة ترجع إلى عدة أسباب تأتى فى مقدمتها إهمال الدولة وحكومات ما بعد ثورة 25 يناير لذلك الملف لصالح الملف الاقتصادى والأمنى، إلى جانب عدم اهتمام وزارة التربية والتعليم بتطبيق الإجراءات الخاصة بحماية الطفل التى وردت فى قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008.
وأكد «هلال» أن التقرير الذى أعده المركز يؤكد أن الانتهاكات التى يتعرض لها الأطفال سواء عنف جسدى أو جنسى، لا تقتصر على مكان بعينه، وإنما تشمل كل الأماكن التى تتعامل مع الأطفال سواء كانت مدارس حكومية أو خاصة أو تابعة للأزهر أو مؤسسات عقابية أو حتى فى النوادى الرياضية.
وأكد أن فساد العملية التعليمية وصل إلى رصد استغلال بعض المدارس وتحويلها إلى وكر للممارسة الدعارة مقابل مبالغ مالية، وصلت إلى 300 جنيه فى الساعة الواحدة أو قيام عدد من تلاميذ المدارس بارتكاب أفعال غير أخلاقية أثناء اليوم الدراسى، وهو أمر لم يقتصر على مدارس البنين فقط، وإنما امتدت إلى مدارس الإناث أيضاً.
ورصد التقرير الأول الذى تم إعداده فى بداية العام الدراسى الحالى عن وجود حاليتين استغلال جنسى داخل إحدى مدارس اللغات التابعة لإدارة الخصوص التعليمية، ومشاهدة أفلام إباحية داخل مدرسة ثانوية الفنية بنات ببنى مزار فى محافظة المنيا، وممارسة أعمال منافية للآداب داخل إحدى مدارس الثانوى للبنات فى محرم بك بالإسكندرية.
وأكد «هلال» أن هناك العديد من الوقائع التى تم تضمينها خلال الشهور التى تلت إعداد التقرير السابق، وهو ما يعكف المركز على توثيقه خلال الأيام المقبلة.
تعامل غير رادع
وقال أحمد مصيلحى رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال: إن الأطفال فى الوقت الحالى يعيشون واقعا وصفه بالسيئ بسبب الانتهاكات التى يتعرضون لها بصفة مستمرة التى تعدت مرحلة العنف الجسدى إلى الاعتداء الجنسى التى تحولت إلى ما يشبه ظاهرة خطيرة فى الوقت الحالى، وهو ما يؤكده الكشف عن واقعة اعتداء جنسى تعرض لها الأطفال ما بين فتره وأخرى.
وأوضح «مصيلحى» أن تكرار تلك الحوادث يرجع فى المقام الأول إلى العقوبات التى يتم توقيعها على الجانى، إلى جانب التفرقة الشاذة فى العقوبة بحسب نوع الضحية، سواء كانت طفلة أم طفلا.
وتابع «مصيلحى»: يتم التعامل مع عقوبة الاعتداء الجنسى على الطفل على أنها هتك عرض التى تصل فيها العقوبة إلى سنوات فقط، فى حين أن القانون يعاقب على نفس الفعل بعقوبة تصل إلى 15 عاما، وقد تصل إلى الإعدام فى حالة اقتران الاغتصاب بالخطف.
وأكد «مصيلحى» أن التفرقة فى العقوبة لا تستند على أساس صحيح، حيث إن الأعراض والنتائج السلبية التى يتأثر بها الطفل واحدة، سواء كان ذكرا أو أنثى، بل ويمكن اعتبار أن فى حالة الطفل تكون أشد خطورة، حيث ينتج عن ذلك وجود شخص مشوه يعانى من خلل نفسى نتيجة الاعتداء عليه فى صغره، وهو ما قد يسعى إلى تكرار ذلك الفعل فى أطفال آخريين ما لم يتم علاجه.
التعليم: يوجد خلل بين أطراف العملية التعليمية
من جانبه قال بشير حسن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم: إن حالات التعدى على الأطفال هى محالات فردية يتم التحقيق فيها فورا، رافضا وصفها بالظاهرة، مرجعا هذه الحالات إلى خلل فى العلاقة بين أطراف العملية التعليمية.
وتابع «حسن» أما ما يخص واقعة المدرسة الدولية فإن المتهم محبوس على ذمة التحقيقات، والوزارة أرسلت لجنة للتحقيق بالمدرسة واكتشفت بعض المخالفات الإدارية التى سيتم التحقيق فيها للتأكد من مدى صحتها.
وأضاف، أن للوزارة الحق فى توقيع عقوبات على المدرسة إذا ما أدان القضاء المتهم، منها وضع المدرسة تحت الإشراف المالى والإدارى للوزارة، وقد تصل إلى حد الإغلاق النهائى للمدرسة.