أصدرت هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين تقريرًا بمناسبة دخول الأسير القائد مروان البرغوثى العام الـ15 فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، حيث كان قد اختطف يوم 15 أبريل 2002 وحكم عليه بالسجن 5 مؤبدات وأربعين عامًا.
وجاء فى التقرير، أن ذكرى اعتقال مروان البرغوثى تأتى فى ظل إطلاق حملة دعم وترشيح البرغوثى لجائزة نوبل للسلام، والتى بادر إليها الأرجنتينى (أدلفو بيرير اسكيفيل) والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1980، وإعلان اللجنة الرباعية للحوار الوطنى فى تونس الحائرة على جائزة نوبل للسلام عام 2015 عن دعمها وترشيحها لمروان البرغوثى لهذه الجائزة.
واعتبرت هيئة الأسرى الفلسطينيين، أن ترشيح البرغوثى لجائزة نوبل للسلام يحمل دلالات رمزية عديدة ورسائل سياسية وإنسانية وقانونية، فالترشيح هو انتصار للأفكار والمبادئ اإبنسانية والوطنية التى دعا إليها مروان البرغوثى والمتمثلة بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف وحق العودة، وإقامة مجتمع فلسطينى ديمقراطى يسوده القانون والحرية والتعددية والمساواة.
ترشح القائد الفلسطينى مروان البرغوثى الترشيح انتصارًا للمواقف
ويعد ترشح القائد الفلسطينى مروان البرغوثى الترشيح انتصارًا للمواقف التى دعا إليها "مانديلا فلسطين"، وأبرزها مقاطعة محاكم الاحتلال الاسرائيلى وعدم الاعتراف بشرعيتها، وتوسيع نطاق مقاطعة إسرائيل اقتصاديًا وثقافيًا بصفتها دولة عنصرية لا تحترم حقوق الشعب الفلسطينى، واستمرار مقاومة الاحتلال الإسرائيلى حتى نيل تقرير المصير، وكما يقول البرغوثى "اليوم الأخير فى عمر الاحتلال هو اليوم الأول للسلام".
وبالرغم من اعتقاله لمدة 15 عامًا من قبل حكومة إسرائيل لا يزال القائد الفلسطينى مروان البرغوثى أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية المؤثرة فى الشباب الفلسطينى، إضافة لتصدره كافة الاستفتاءات التى أجريت حول خليفة الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن فى الحكم، وقد أعلن عضو المجلس التشريعى محمد دحلان، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات، دعمهما لمروان البرغوثى فى حال إعلانه خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
واعتقال إسرائيل للقائد مروان البرغوثى، حيث كان يشغل أمين عام حركة فتح فى فلسطين، ونائب منتخب فى المجلس التشريعى الفلسطينى، قد وضع إسرائيل فى مأزق سياسى وقانونى، وتصدرت عملية اعتقاله الرأى العام الدولى وحتى الإسرائيلى، والتى اعتبرت اعتقاله يأتى فى سياق سياسى وجزء من الحرب على الرئيس الراحل ياسر عرفات فى ذلك الوقت، ووصفه باللاشريك.
وتسعى إسرائيل منذ الانتفاضة الثانية إلى تدمير السلطة وإضعاف حركة التحرير الوطنى الفلسطينى "فتح"، التى تقود المشهد السياسى الفلسطينى، والتى كان لمروان البرغوثى دورًا بارزًا فى تقوية الشبيبة المنتمين للحركة على أساس سليم حتى تصمد الحركة بوجه التحديات الكبيرة، وقد اتهمت حكومة إسرائيل وقادتها الأمنيين القائد مروان البرغوثى بإشعال انتفاضة الأقصى وقيادة كتائب الأقصى، وأطلقت عليه آن ذاك "مهندس الانتفاضة"، لاسيما أن مروان كان يمتلك رؤية سياسية تقوم على أساس المزج بين المقاومة والمفاوضات.
البرغوثى استنتج أن اتفاق أوسلو فخ ومصيدة للشعب الفلسطينى
وقد استنتج البرغوثى بعد 15 عامًا من المفاوضات أن إسرائيل حولت إتفاق أوسلو إلى فخ ومصيدة للشعب الفلسطينى، حيث زاد الاستيطان وتنصلت تل أبيب من التزاماتها القائمة على إنشاء دولة فلسطينية فى نهاية المرحلة الانتقالية عام 1999، وعزلت مدينة القدس المحتلة بالاستيطان والتهويد وغيرها من الممارسات التى تحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وذات سيادة فى حدود الرابع من يونيو.
وتعرض القائد مروان البرغوثى لتحقيق قاس وصعب على مدار مائة يوم، ولم تنجح حكومة تل أبيب فى الحصول على أى كلمة أو اعتراف منه، بل وجدوا أمامهم رجلاً صلبًا وجريئًا وقائدًا لا يلين، وتم عزله لمدة عامين متواصلين فى محاولة لطمس صوت البرغوثى وإخماد صوت الانتفاضة الثانية التى كان البرغوثى أحد قادتها ومفجريها.
ورفض القائد الفلسطينى مروان البرغوثى الاعتراف بشرعية المحكمة الإسرائيلية، معتبرًا اعتقاله "باطل وغير شرعى" ووجه لائحة اتهام طويلة ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلى، وأحدث البرغوثى شرطاً وجدلاً فى المجتمع الإسرائيلى ولدى قادته السياسيين، الذين وجدوا أن اعتقاله قد أضرّ بالصورة الاخلاقية لإسرائيل، وقد علقت عشرات البلديات فى دول العالم خاصة فرنسا علقت صورة البرغوثى أمام أبوابها، وبعضها أصدرت جوازات سفر للبرغوثى، وتحول إلى رمز وطنى لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية ومدافع عن الحرية والعدالة الإنسانية.
وقد تمكن القائد مروان البرغوثى من الحصول على درجة الدكتوراه داخل السجن، وقاد العملية التعليمية للأسرى داخل السجون والتأكيد على الثوابت الوطنية لأبناء الشعب الفلسطينى، ومنعت تل أبيب فى السنوات الأخيرة مروان البرغوثى من الظهور فى الإعلام، خشية من خطاباته التى تحرك الماء الراكد وتشحذ همم الشباب الفلسطينى الذى ينظر لمروان باعتباره رمزًا للنضال الوطنى.
ويحسب لمروان البرغوثى الفضل فى صياغة وثيقة الوفاق الوطنى- وثيقة الوحدة الوطنية - التى شكلت أول حكومة وحدة وطنية فلسطينية فى العام 2006، وهو من الداعيين بقوة وإصرار على انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية رافعا شعار "شركاء فى الدم شركاء فى القرار"، ورجح العديد من الفلسطينيين أن الوحدة الفلسطينية والمصالحة الشاملة لن تتم إلا بجهود مروان البرغوثى.
وقد دعا مروان البرغوثى إلى وضع استراتيجية فلسطينية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلى، وكان له ظهور بارز فى الانتفاضة الفلسطينية التى اندلعت أكتوبر الماضى، ودعا ولتصعيد المقاومة الشعبية السلمية ومقاطعة إسرائيل بسبب عدم التزامها بالشرعية الدولية، واستمرار ممارساتها الاستيطانية والعدوانية، واستحضر أبناء الشبيبة الفلسطينية مقولات مروان البرغوثى حول الوحدة الوطنية وتحرير التراب الوطنى ورفعوه خلال انتفاضتهم الأخيرة.