جه يكحلها عماها، مقولة ربما ينطبق معناها على الأب الذى أراد إصلاح حال ابنه فأنهى حياته، فمن شدة حبه له قتله، ليتحول فى لحظات إلى متهم فى جريمة قتل، بغض النظر عن الهدف الذى كان يسعى إليه.
الحاج "عزت" مزارع بسيط، رب أسرة تقطن بمنطقة "برطس" التابعة لمدينة أوسيم، حياته طبيعية مثل باقى أفراد عائلات المنطقة الهادئة، إلا أن أمرا واحدا كان دايما ما ينغص عليه حياته، وحولها فى النهاية إلى كابوس".
ابنه " حسين " شاب فى مقتبل عمره، لكنه ضل الطريق، حيث أغرقوه أصدقاء السوء فى الإدمان، وأصبح أسيرا لتعاطى المخدرات، يغيب عن منزله لفترات طويلة، يبحث عنه والده وفى النهاية يتمكن من إعادته.
اعتقد الحاج "عزت" أن صلاح حال ابنه "حسين" ربما يكون فى الزواج، وأن الهداية كما يقال تأتى فى زوجة صالحة، وعادة ما يكون فى تحمل مسئولية أسرة، إلزاما بالابتعاد عن الأهواء، والطريق الأعوج، اختارت العائلة فتاة ليتزوجها، وتمت مراسم العرس، ومرت الأشهر حتى رزق "حسين" بطفلة، إلا أن حاله كما هو، ما زال يتعاطى المواد المخدرة، يغيب عن المنزل بالأيام، احتار والده فى إصلاحه، ولم يجد بدا فى أن يؤدبه كتأديب الصغار، علقة ساخنة ربما تعيده إلى رشده.
استعان الحاج "عزت" بابن اخر له "عامل" وبحثا عن "حسين" الذى ترك المنزل منذ 3 أيام، متخليا عن دور الأب، ورعاية ابنته حديثة الولادة، لا ينفق عليها ولا على زوجته، حتى انتهت عملية البحث بالعثور عليه، اصطحبه والده وشقيقه إلى سطح العقار، قيدا حركته، وبدأ الأب فى تأديب ابنه، انهال عليه ضربا بعصا خشبية، إلا أن انفعاله تطور ليضع يده حول رقبة "حسين" ويشتد خنقه له دون أن يشعر بنفسه، لحظات وانهارت قوى الابن، سكنت حركته، أنفاسه التى كانت تتصاعد بسرعة توقفت فجأة، حاول والده وشقيقه إفاقته، إلا أنهما لم يجدا أى مؤشر لاستعادته وعيه، حملاه وأسرعا به إلى المستشفى، وكانت المفاجأة عقب توقيع الأطباء الكشف الطبى عليه، فارق "حسين" الحياة، نتيجة الاعتداء الذى تعرض له، لم يتحمل جسده حجم الإصابات التى لحقه به، ولا الخنق.
تم إبلاغ المقدم مجدى موسى رئيس مباحث مركز شرطة أوسيم بالواقعة، انتقل على الفور إلى مكان الحادث، وكشفت تحرياته ومعاونه الرائد وليد كمال، أن والد القتيل وشقيقه وراء ارتكاب الجريمة.
تمكن رجال المباحث من ضبط المتهمين، وبمواجهتهما اعترفا أمام العميد عمرو طلعت رئيس مباحث قطاع شمال الجيزة، والعقيد أحمد الوليلى مفتش المباحث الجنائية، بتفاصيل الحادث الذى أسفر عن مقتل "حسين"، وأكدا أنهما لم يقصدا قتله.
حرر محضر بالواقعة، وتم إحالتهما إلى النيابة، التى قررت حبسهما 4 أيام على ذمة التحقيق، والتصريح بدفن جثة الضحية عقب تشريحها.