بداية عاصفة وشهادات قوية شهدتها أولى جلسات عزل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مجلس النواب، والتى بدأت أمس الأربعاء، لتؤكد أن الأشهر المقبلة ستشهد معارك شرسة داخل أروقة الكونجرس، وأن الصدام بين الديمقراطيين والجمهوريين سيصبح أكثر قوة عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكل هذا يدور حول شخص الرئيس ترامب.
صحيفة "واشنطن بوست" علقت على اليوم الأولى لجلساتعزل الرئيس، وقالت إن الجلسة شهدت صداما بين السياسيين والدبلوماسيين بقدر الصدام المعتاد بين الديمقراطيين والجمهوريين، ومثل كل شىء آخر تقريبا فى واشنطن فى السنوات الثلاثة الماضية، وحتى بدون وجود ترامب فى المكان نفسه، كان هذا حلقة أخرى من ترامب شو، وتحول الحكومة الأمريكية إلى دراما طويلة حول شخصية كبرى.
ووصفت الصحيفة الجلسة التى عقدت أمام لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب بأنها كانت درسا دقيقا فى "المدنية"، وتذكيرا بأن الولايات المتحدة توظف كتائب من المبعوثين الذين يعيشون لفترات طويلة فى بلدن غير صديقة فى كثير من الأحيان، ويمثلون مصالح وطنهم.
وكانت الجلسة أيضا، كما تقول الصحيفة، مسرحا لخطاب نارى، شهد هجوم أبرز جمهورى مدافع عن الرئيس، وهو النائب ديفين نيوينز، على الإجراءات ووصفها بـخدعة العزل، ويقول إنها عرض تلفزيونى ومسرحى نظمه الديمقراطيون.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجلسة كشفت عن تفاصيل جديدة، منها ما قاله السفير ويليام تايلور، القائم بأعمال السفير الأمريكى لدى أوكرانيا بأن أحد موظفيه سمع ترامب يسأل عن التحقيقات التى حث أوكرانيا على إجرائها بشأن نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه هانتر.
وذهبت الصحيفة إلى القول إنه رغم تركيز الجلسة على ترامب، مكالماته الهاتفية وتحولاته السياسية وسعيه لإيجاد معلومات مسيئة لمنافس ديمقراطى بارز، فإن إمكانية الإطاحة بالرئيس بدت مفتقرة للفاعلية والثقل التى شهدتها إجراءات العزل السابقة.
وابتعد أعضاء اللجنة إلى حد كبير عن الخطابة القاتمة التى شهدتها مناقشات العزل فى عامى 1973 و1998، عندما أدت الإطاحة المحتملة بكل من ريتشارد نيكسون وبل كلينتون إلى إلقاء خطب عن السياسات الخطيرة وأثارها النفسية السيئة.
من جانبها،وصفت صحيفة نيويورك تايمز الجلسات بالتاريخية، وقالت إنها بدأت بـشهادة جديدة مذهلةمن دبلوماسى أمريكى رفيع المستوى تورط الرئيس ترامب بشكل أكبر فى حملة الضغط على أوكرانيا للالتزام علنا بالتحقيق عن نائب الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن.
وقالت نيويورك تايمز إن ويليام تايلور، الذى شغل منصب القائم بأعمال سفير واشنطن لدى أوكرانيا، قد أحيا بشهادته مزاعم الديمقراطيين بأن ترامب أساء استخدام منصبه بمحاولة تجنيد قوى أجنبية لمساعدته فى الانتخابات.
وقال تايلور أمام لجنة الاستخبارات بمجلس النواب أنه علم مؤخرا فقط بمكالمة هاتفية تمت فى شهر يوليو سمعها أحد مساعدى ترامب. وكان الرئس ترامب منشغلا برغبة أوكرانيا فى القول بأنه ستنظر فما قام به بايدن ونجله هانتر الذى عمل لصالح شركة طاقة أوكرانية. وقال تايلور إن المساعد علم بعذ ذلك مباشرة أن ترامب مهتم بالتحقيق عن بايدن أكثر من أوكرانيا.
وفيما يتعلق بمكاسب الديمقراطيين،قالت صحيفة "الجارديان" إن بثالجلسات تلفزيونيا كان أول فرصة لهم لنقل قضيتهم إلى الشعب الأمريكى بأن ترامب استخدم سلطة الرئاسة لاستغلال حكومة أجنبية للمساعدة ضد خصومه السياسيين فى الداخل. بينما رأى الجمهوريون أنفسهم كمدافعين عن ترامب، وأثاروا نظريات لا أساس لها واتهامات للإلهاء عن الأدلة المتزايدة بشأن ارتكاب الرئيس لمخالفات.
لكن الصحيفة رأت أن مصير ترامب لن يتحدد داخل جدران الغرفة 1100 فى مجلس النواب. ولكنه سيعتمد على ما إذا كان بإمكانالديمقراطييناختراق الاستقطاب السياسى العميق الذى أطاح بالبلاد وكان سمو رئاسة ترامب. ويعتقدون أن هذه أفضل فرصة لهم لاقتحام الغرف الحزبية وجذب انتباه البلاد، كما حدث أثناء جلسات الاستماع لمساءلة بل كلينتون وريتشارد نيكسون.
وبحسب استطلاع يتتبع العزل، فإن حوالى 48% من الأمريكيين يقولون إنهم يدعمون العزل بشكل أو بآخر. بينما قال 44.4% إنهم لا يدعمونه. غير أن كلا المشاركين فىدراما الكابيتول أمس، الأربعاء، يدركون تمام الإدراك أن الجلسات المذاعة لها القدرة على التأثير على مشاعر العام. فقد زاد الدعم لمساءلة ريتشارد نيكسون سريعا بعد الإذاعة التلفزيونية ومعرفة الكثير من الأمريكيين بتفاصيل القضية لأول مرة.