محمود جاد يكتب: هل تسقط "شماعة الأمن" من "دولاب الجبلاية" قبل الذكرى الثامنة لمذبحة بورسعيد؟.. جماهير الضرورة الغائبة عن ملاعب الاستقرار أسئلة شائكة فى الطريق للاستاد.. متى يتخلى اتحاد الكرة عن معارك

- متى يدرك الخطيب الفارق بين «الصفقات التاريخية» و«المبادرة التاريخية»؟ - متى يستثمر الجميع تجربة «تذكرتى».. متى نصبح أقوى من «السوشيال ميديا»؟ - متى نخلق بيئة جاذبة للاستثمار لتكرار تجارب «بيراميدز» و«الجونة»؟ - متى ندرك أن المدرجات الخاوية تسىء للدولة؟ ظلام لا يكسره إلا وميض الشماريخ وأعيرة نارية متقطعة.. كان الصراخ يدوى من باطن الجحيم فى استغاثة لم تجد صدى، وتوسلات لم تصادف رحمة.. هنا بورسعيد، وهنا الموت الأكيد ولا سبيل إلى الهرب، فى تلك الليلة سقط الجميع أسيراً لأبواب موصدة بفعل فاعل، وفى شراك مؤامرة أشرف الشيطان على أركانها ليدفع الثمن 74 شهيداً، وما يقرب من 500 مصاب فى كارثة حجزت مكانها فى دفاتر التاريخ باسم «مجزرة الاستاد». كان ذلك قبل أقل قليلاً من 7 سنوات، خلفت المجزرة، التى ربما تكون الأشهر فى تاريخ مصر الحديث، جرحاً يأبى أن يلتئم منذ ذلك الحين، فما بين أم ثكلى ورفيق فقد صديق «التالتة شمال»، وما بين مشجع ترك مقعده فى صفوف الجماهير، ليجاور دكة البدلاء على كرسى متحرك، تساقط جيل كامل من اللاعبين على عتبات الاعتزال المبكر، تلاشوا حينما سكنتهم آلام العجز، وطالهم فقدان الشغف، وما بين حكاية تروى وذكرى حزينة تنمو، دقيقة خالدة فى ملاعب مصر، لا تعرف تشجيع من يمرر ومن يصنع ومن يسجل، لا تعرف إلا هتاف «فى الجنة يا شهيد»، ليسقط من بقى أسيراً لذكرى من رحل، ويصير حضور الجماهير رهناً لـ«دواع أمنية»، يراها البعض ضرورة لا بد منها، ويراها آخرون هاجساً لا يوجد ما يبرره. الجرح دام بلا شك، والمشاهد لا تزال حاضرة فى الذاكرة، بممرات غرف اللاعبين التى امتلأت بجثامين غابت عنها الروح، وأخرى تصارع بحثاً عن نبض يبقيها على قيد الحياة، ولا تزال ليلة الصراخ على شاشات التوك شو حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى تدوى فى الآذن مع بيانات وزارة الصحة المتتالية، التى تضخمت فيها الأرقام واحداً تلو الآخر، لتنتهى الدولة من رفع آثار العدوان، ويقف العدد عند الرقم 74. الجرح دام، لكن ضرورات العبور من ممالك الشهداء إلى جمهورية الأحياء فرض، وعودة الحياة إلى مدرجات الساحرة المستديرة ضرورة، لمواكبة عصر تخلفنا عنه فى غفلة من الجميع داخل المنظومة الكروية، فالأزمة القائمة فى الملاعب، والغياب الذى طال للتطبيع بين الأمن والجماهير وبين الجماهير نفسها، لا يتحمل وزره الطرفان، فلا الأمن مسؤولاً عن الاحتقان، ولا الجماهير مسؤولة عما سال من دماء. اتحاد زراعة الألغام الجرح دام ، وما سال من دماء كان سبباً فى استقالة اتحاد الكرة فى ذلك الحين برئاسة سمير زاهر، الجرح دام، وعجز عن أن يداويه من توافدوا على رئاسة الاتحاد بداية من جمال علام، وثروت سويلم مروراً بهانى أبوريدة، وحتى تولى عمرو الجناينى رئاسة الاتحاد المؤقت، فعلى امتداد السبع العجاف فى عمر كرة القدم داخل مصر، كان كل ما يدور فى دوائر صنع القرار داخل الجبلاية هو البحث دون جدوى عن الخروج بجدول منتظم للبطولات المحلية واتساقها مع نظيرتها القارية، وتلافى المزيد من الشحن الجماهيرى بسبب الفشل فى تحقيق هذا الانتظام، وما تبعه بطبيعة الحال من إخلال بمبادئ فى مقدمتها تكافؤ الفرص بين أندية الصف الأول وبعضها البعض، وبين أندية الصف الأول وما دونها. على امتداد السبع العجاف، لم يقدم اتحاد الكرة أى مبادرات صلح ـ جادة أو غير جادة ـ بين جماهير النادى الأهلى والمصرى البورسعيدى، أو بين إدارة الناديين، بل على العكس، فبدلاً من إزالة ما استقر من ألغام فى طريق عودة للجماهير المصرية للمدرجات، ساهمت اتحادات الكرة المتعاقبة فى زراعة ألغام جديدة، ليقف فى الوقت الحالى جماهير القطبين ـ الأهلى والزمالك ـ على فوهة بركان يستعد للانفجار فى أى لحظة، وهو ما تجسد بشكل واضح فى الهروب من إقامة مباراة القمة فى الدورى الممتاز للموسم الحالى، وإرجائها إلى أجل غير مسمى بحجة الدواع الأمنية. يحتاج اتحاد الكرة أن يستغل ما أتيح من فرص ولا يزال، فعودة الجماهير فى مباريات المنتخب الأول والأولمبى، ونجاح تجربة تذكرتى فى خلق حالة من النظام والانضباط، تستحق أن يتم البناء عليها وتمهيد الطريق أمام تكرار التجربة نفسها فى مباريات الدورى والكأس لتعود ملاعب مصر نابضة بالهتاف، وعامرة بالحياة. مبادرات غائبة وفى الطريق إلى المدرجات أشواك لم يزرعها فقط اتحاد الكرة، فمن سقطوا تحت رحمة منصات التواصل الاجتماعى، ومن أداروا ملفاتهم ومعاركهم بسياسة «بالون الاختبار»، والتسريبات التى ينتظرون من ورائها جس نبض الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعى، زرعوا المزيد وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فالانتصار للجماهير فى المعارك الضيقة، وإن سلمت النوايا لا يغنى، والحسم فى الحروب الكلامية، وإن صحت المقاصد لا يكفى، وكلاهما لا يعكس إلا هروب من مواجهة التحديات الحقيقية ممثلة فى العودة الكاملة غير المشروطة للجماهير فى ملاعب الكرة. يحتاج الكابتن محمود الخطيب، رئيس مجلس إدارة النادى الأهلى، لمن يهمس فى أذنيه صادقاً مخلصاً، ويخبره بأن اسمه وتاريخه وما استقر حوله فى وجدان عشاق الساحرة المستديرة من جماهير نادى الزمالك قبل الأهلى، بل ومن جماهير الكرة داخل وخارج مصر.. كل ذلك يؤهله للإقدام بشجاعة على «البطولات الاستثنائية»، فليس بالصفقات فقط يكتب التاريخ، ولا بصون ما استقر فى عقول البعض تحت لافتة «الحقوق التاريخية» تدون عبارات المجد، ولكن بالمبادرات التى تحيل المستحيل إلى ممكن، والتى تمد جسورا قوية، قادرة على أن تحمل جماهير الكرة من مدرجات السوشيال ميديا إلى ملاعب تنبض بالحياة. ونحن نقترب من الذكرى الثامنة لحادث بورسعيد الدامى، يحتاج من يهمس فى أذن الكابتن محمود الخطيب، ليصارحه بأن دولاب البطولات عامر مستقر، وإن غابت عنه منذ سنوات الأميرة الأفريقية، وأن ما يحتاجه الأهلى بما يمثله من كيان وجماهير هو مبادرة استثنائية وزيارة تطوى صفحة الدماء، زيارة إلى بورسعيد تجسد حقاً عبارة «الأهلى يحكم» لتسقط قناعة عارضة وطارئة مفادها أن «السوشيال ميديا تحكم». يحتاج الجميع أن يطالع بعين لا ينقصها إنصاف، وعقل لا يشوبه انفعال ما آلت إليه كرة القدم فى مصر. يحتاج الجميع فى اتحاد الكرة والأندية أن يطالعوا الأرقام والقيمة التسويقية ومقابل حقوق البث التليفزيونى ليس فى الدوريات الأوروبية ولكن فى دوريات عربية شقيقة، لندرك أننا تخلفنا وابتعدنا كثيراً عن المنافسة. يحتاج الجميع أن يدرك أن المدرجات الخاوية لن تصنع فرقاً قوية، وأن الفرق الضعيفة لن تشكل منتخبات قادرة على المنافسة، وهو ما ظهر فى بطولة كأس العالم ، ولا يزال حاضراً فى تصفيات أمم أفريقيا 2021، يحتاج الجميع أن يدرك أنه بات لدينا أجيال كاملة من اللاعبين لم يسبق لهم اللعب أمام جمهور لدواع لا حيلة لهم تجاهها. يحتاج القائمون على صناعة وإدارة كرة القدم أن يدركوا أن ما أحرزته الدولة المصرية على مدار سنوات مضت من تقدم، وما حققته من استقرار، هو ما مهد بدوره الطريق أمام استثمارات أجنبية طموحة، كان للرياضة نصيب منها، كما هو الحال فى تجربة بيراميدز التى أثرت بلا شك فى الكرة المصرية، ومبادرات واستثمارات وطنية جادة فى المجال نفسه، كما هو الحال فى تجربة الجونة على سبيل المثال، وأن كل تلك التجارب تظل فى حاجة لأن تكتمل الصورة بعودة الجماهير لتساهم فى أن تتحول كرة القدم إلى صناعة حقيقية وركن رئيسى من أركان الاقتصاد. على الجميع أن يخجل من أن دولاً فى الجوار تعانى حروباً أهلية ومدرجاتها «كامل العدد».. يحتاج الجميع من الأندية واتحاد الكرة، أن يدركوا حقاً أن الدولة المصرية تستحق ملاعب نابضة بالحياة، وألا يكون ملف الجماهير ورقة فى يد من يصطادون فى الماء العكر للترويج زوراً أن الأمن المصرى لا يستطيع تأمين 100 ألف مشجع ، وأن الدولة المصرية تعادى شبابها وتخشى من هتاف وراية.












الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;