تبقى دوماً الخصومات الثأرية بمثابة الصداع الذى يدق فى رأس المجتمع، خاصة فى جنوب البلاد، لذا جاءت التحركات الأمنية لوقف سلسال الدم وإنهاء هذه الخصومات وبدء حياة جديدة.
وفى هذا الإطار، نجحت وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية، فى القضاء على العديد من الخصومات الثأرية بين العائلات المتناحرة، لتعود الحياة لطبيعتها مرة أخرى، وذلك بالتنسيق مع المحليات والمحافظين والأزهر والأوقاف ورموز العائلات.
وفى هذا الصدد، قال اللواء خالد الشاذلى الخبير الأمنى، إن إنهاء الخصومة الثأرية ليس له عائد أمنى فقط، ولكن له عائد اجتماعى وتنموى، فعندما تنتهى الخصومات تعود الحياة الإجتماعية بين العائلات، ويعود الهاربين من جحيم الخصومات للعمل فى الحقول والزراعات فيزيد الدخل والاقتصاد.
وأضاف الخبير الأمنى فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"،: نجحت فى إنهاء نحو 230 خصومة ثأرية بمحافظة سوهاج، عندما كنت مديراً للمباحث بها، بينهم خصومة فى إحدى قرى المراغة كان عمرها 40 سنة، والآن طرفيها يأكلون فى إناء واحد.
وحول كيفية الإعداد لإنهاء الخصومات الثأرية، قال "الشاذلي": يلتقى رجال الشرطة بأطراف الخصومة كل طرف على حده، ويقدموا مذكرة بها شرح تفصيلى بما حدث، يتم فحصها، وبعدها يتم التواصل مع الطرفين وصولاً لصيغة معينة فى الصلح، ثم تبدأ مراسم الإعداد عن طريق سرادق كبير ومشهد تقديم الكفن المتعارف عليه، ثم العناق بين الطرفين والتراضي.
وأردف الخبير الأمني: كل طرف من الطرفين يتمنى الصلح، ولكن يبحث عن "الوسيط" المناسب حتى يبدأ الصلح، وأهم ما يجب أن يميز هذا الوسيط أن يكون مقنع للطرفين ومقبول للاثنين، ويعطى كل طرف حقه، وقتها يتنهى سلسال الدم ويتم تقليص الخصومات الثأرية بالصعيد وفى الأرياف.
ولفت الخبير الأمنى إلى أن أى خصومة ثأرية تلد من رحم محضر إدارى ويكون عبارة عن مشكلة "أراضى أو جيرة، أو خلافا" تتحول لمشكلة أكبر إذا لم يتم حلها، ومن ثم من الأهمية بمكان الإهتمام بهذه المشاكل بالتوزاى مع حل الخصومات الثأرية القديمة.
وبشأن الوقاية من الخصومات الثأرية، قال "الشاذلى" يجب يكون هناك حوار مجتمعى، فضلاً عن تفعيل دور العمدة وشيخ البلد فى القرى والنجوع للحديث مع المواطنين.
وعن دور المرأة فى الثأر، أكد "الشاذلي" أن المرأة أحياناً تكون شرارة الخصومة الثأرية، وأحياناً أخرى تكون بمثابة "حمامة السلام" التى تساعد رجال الشرطة والقائمين على الصلح فى إنهاء الخصومات الثأرية بما تمتلكه من رجاحة عقل وقدرتها على إقناع أسرتها بوقف نزيل الدماء.
وطالب "الشاذلي" بأهمية إنشاء مجلس قومى لإنهاء الخصومات الثأرية يساعده المحافظون ومدراء الأمن فى المحافظات للقضاء على الخصومات والحد منها.
وأوضح "الشاذلي" أن الشرطة لا تعمل على إنهاء الخصومات الثأرية فقط، ولكن تحرص على جمع السلاح الذى يستخدم فى هذه الخصومات، حيث نجحت خلال شهر واحد من خلال حملات على مستوى الجمهورية فى ضبطت 4934 قطعة سلاح نارى غير مرخصة بحوزة 4481 متهما، بينها "رشاش جرينوف – 8 رشاش - 528 بندقية آلية – 980 بندقية "مششخنة وغير مششخنة"– 398 مسدس – 3019 فرد محلى – 14178 طلقة مختلفة الأعيرة"، و11 ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بدون ترخيص، و8376 قطعة سلاح أبيض".