ما يجب أن تعرفه عن الزواج بشريك ناجٍ من اعتداء فى الطفولة.. العنف الجنسى والنفور من العلاقة الزوجية آثار طويلة المدى للاعتداء.. والاحتواء والأمان كلمة السر فى التعافى

لا يمر يوم دون أن نصدم بخبر جديد عن اعتداء جنسى على الأطفال، ولكن الأسوأ من هذه الحوادث المعلنة هى تلك التى تمر دون أن يعرف أحد عنها شيئًا، حتى أقرب المقربين منهم، كالوالدين أو الأسرة، بسبب تهديد المعتدى بالقتل، أو فى أحسن الأحوال بالضرب حال كشف ما حدث، فضلاً على خوف الأطفال من رد فعل الأهل وقت إخبارهم بما حدث لهم.

وبسبب هذا الصمت يحملون السر وحدهم، ويدفعون ثمنه وحدهم أيضًا، فلا يتوقف ألم هذا الاعتداء الجنسى - سواء للولد أو البنت - على الضرر البدنى بالأعضاء التناسلية، أو التعرض للإصابة بالعدوى بمرض ما، إلا إنه يمتد لما هو أسوأ، وما لا يمكن أن يشفى أبدًا، وهى الندوب النفسية التى تعيش مع الأطفال حتى اليوم الأخير من حياتهم، والتى ينتج عنها خلل كبير فى الشخصية، وخلل فى طريقة التعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى مشكلات جنسية كبيرة تفسد الحياة، وتفسد أيضًا حياة شريكه الذى يعانى هذه المشكلات دون أن يعرف عن سببها شيئًا، لأنه من الصعب على طفلة أو طفل تعرض لاعتداء جنسى ولم يكشف عنه حتى للوالدين، أن يكشف عنه بعد كل هذه السنوات لشريكه، خاصة فى ظل النظرة المجتمعية الخاطئة لمن تعرض للاعتداء الجنسى.

وعلى الرغم من المحاولات المستميتة لإخفاء ما حدث وتناسيه، لا ينسى الجسد أبدًا ما حدث له، ويحاول بطريقته الإفصاح عما تعرض له، ويمكن ببعض التركيز أن يدرك الشريك أن غالبية المشكلات التى يعانيها مع شريكه من نفور أو عدم اهتمام بالعلاقة الجنسية، وراءها الاعتداء الجنسى فى الطفولة، وهنا تصبح مسؤوليته كبيرة فى كيفية دعمه ومساعدته على الخروج من الأزمة دون حتى أن يواجهه بما عرف.

6 مشاكل جنسية يسببها الاعتداء فى الطفولة إلى جانب الأعراض النفسية من انطواء وفقدان الشعور بالأمان وضعف الثقة بالنفس، يتسبب الاعتداء الجنسى على الأطفال فى العديد من المشكلات الجنسية حين يكبرون ويرتبطون بعلاقة زواج، يمارسون فى إطارها العلاقة الجنسية بشكل طبيعى. يقول الدكتور محمد عادل الحديدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة المنصورة، زميل الجمعية الأمريكية للطب النفسى وعلاج الإدمان، لـ«انفراد» إن أسوأ ما فى الاعتداء الجنسى على الأطفال هو «كسرة النفس» والإحساس بالضعف، وأنه لا حول له ولا قوة، فالمعتدى يختاره طفلاً لأنه ضعيف، ويستغل كونه غير قادر على أن يدافع عن نفسه أو يقاومه، وهو الشعور الذى يؤثر فى شخصية الطفل بينما هى قيد التكوين.

وهذا الشعور يجعل الأطفال المعتدى عليهم يفقدون الثقة بالنفس بشكل شبه كامل، ويصبح الطفل انطوائيًا وغير قادر على التعامل مع الناس، مما يؤثر على تعاملاته كلها كإنسان بشكل عام، وفى الكثير من الأحيان يظل شعوره بأنه لم يتمكن من الدفاع عن نفسه يزعجه ويضعف ثقته بنفسه، وأحيانًا يتحول إلى شعور قاس بالذنب، بالإضافة إلى تدنى احترامه لنفسه.

اضطراب الهوية الجنسية أما عن المشكلات الجنسية التى يتسبب بها الاعتداء، فيقول إن شعور الطفل بالاستغلال الجنسى، خاصة بالنسبة للطفل الولد، يجعله معرضًا لاضطراب الهوية الجنسية، يتساءل: أنا بنت أم ولد؟، وهو ما قد يتطور إلى انحراف فى الهوية الجنسية لدرجة تقوده أحيانًا إلى الشذوذ، والشك فى هويته الجنسية، هل أنا ولد أم بنت؟، وإذا كنت ولدًا لماذا فعل معى هذا؟، ولماذا قمت بدور الأنثى فى هذه العلاقة.

الصدمة الجنسية والخوف الشديد من العلاقة الجنسية المشكلة الثانية هى أن هذه الحادثة تسبب له ما يسمى بالصدمة الجنسية، بمعنى أن العلاقة الجنسية بالنسبة له لم تكن مقرونة بالسعادة ولا متبوعة بها بشكل نفسى وفيزيائى، ولأن أول خبرة للطفل بالعلاقة الجنسية تأتى فى هذا الشكل، تجعل الطفل يشعر بالخوف الشديد من الممارسة الجنسية، حتى حين يكبر ويفعلها فى إطار رسمى وشرعى.

ونجد أن البنت بشكل خاص ترفض هذه العلاقة مع زوجها، وتصبح مرتبطة معها بالخوف الشديد، وعندما تبدأ الممارسة تصاب بالرعب، أما الولد فيكره مجرد ذكر العلاقة أو شكلها، لأنها فى البداية لم تأتِ بطريقة طبيعية وسليمة.

النفور من العلاقة الجنسية يقول الدكتور إبراهيم حسين، استشارى الطب النفسى، لـ«انفراد» إنه من الآثار الطويلة المدى للاعتداء الجنسى النفور من العلاقة الجنسية، خاصة بالنسبة للفتيات، ويضيف: «الدراسات تقول إن نحو 70% من الفتيات اللائى تعرضن لاعتداء جنسى فى الطفولة ينفرن من العلاقة الزوجية، ويشعرن بألم شديد خلال ممارستها وكراهية للرجل بشكل عام حتى لو كانت تحب زوجها».

العنف فى العلاقة من المشكلات الجنسية الأخرى التى يشير إليها الدكتور إبراهيم حسين هى العنف فى العلاقة، ويقول: «مقابل النسبة الكبيرة التى تصاب بالنفور من العلاقة، بعض الفتيات اللائى تعرضن لاعتداء فى الطفولة يكون عندهن ميل دائم للعنف خلال ممارسة العلاقة الحميمة مع زوجها، أو تطلب ممارسات غير مقبولة شرعًا، الأمر نفسه بالنسبة للرجال الذين يصبحون أكثر عنفًا وشراسة فى العلاقة الزوجية».

الشره الجنسى ويشير استشارى الطب النفسى إبراهيم حسين إلى أنه فى بعض الحالات لا تحدث حالة نفور لدى من تعرضوا لاعتداء جنسى فى الطفولة، وإنما يصبحون أكثر ميلاً للشره الجنسى.

التفكك والخدر فى أثناء العلاقة مشكلة جنسية أخرى يشير إليها موقع «healthy place» الطبى، وهى «التفكك والخدر» كآلية للدفاع يلجأ إليها الناجون من الاعتداء الجنسى دون أن يتعمدوا ذلك، فهى تتشكل خلال الاعتداء الجنسى، خاصة إذا كان مستمرًا، بحيث ينظر لجسده خلال تعرضه للإساءة من وجهة نظر عالية، وكأنه منفصل عن جسده، ويتخدر جسده بحيث لا يشعر بأى ألم، ولكن المشكلة هى أن هذه الآلية الدفاعية تعمل دون أن يشعر خلال العلاقة مع الشريك أو الشخص الذى يحبه.

ماذا تفعل إذا اعترف لك شريكك بتعرضه لاعتداء جنسى فى طفولته؟ من النادر أن يكشف الناجى من الاعتداء الجنسى فى الطفولة سره الكبير بعد كل هذه السنوات، خاصة إذا لم يكن كشفه حتى لوالديه، لا سيما إذا كان هذا الحادث خلّف لديه شعورًا بالذنب لأنه لم يتمكن من الدفاع عن نفسه. ولكن حين تتفاقم المشكلات الجنسية بينه وبين شريكه، ويشعر أن العلاقة بينهما قد تنتهى بسبب هذه المشكلات الخارجة عن إرادته، من الممكن أن يصارحه بالحقيقة، خاصة إذا كانت تربطه به علاقة حب قوية ويثق بأنه محب ومتفاهم، وفى هذه الحالة تصبح مسؤولية التعافى من آثار اعتداء الطفولة مشتركة يتحملها الطرفان ليعبرا بعلاقتهما إلى بر النجاة.

يقول الدكتور «حمد عادل الحديدى: «لأن جزءًا كبيرًا من مجتمعنا للأسف لا يتفهم هذا الموضوع ولا يتقبله، بل من الممكن بمجرد أن تعترف فتاة لزوجها أنها تعرضت لاعتداء جنسى فى الطفولة، صفات الزوج الشرقية تثير لديه الحذر والغضب منها، وتبدأ مرحلة من الشكوك تجاهها على الرغم من أنها غير مذنبة».

ولهذا لا يفضل فى مجتمعنا أن يصارح الناجى من الاعتداء الجنسى شريكه بهذا، خاصة إذا كان الموضوع انتهى ومر دون تأثير على صحته الجنسية، لأنه إن حكى وكان الشريك غير متفهم تصبح الكارثة مضاعفة، وتكون لها آثار سلبية، وتسبب سلبيات أكثر من الإيجابيات، أما إذا كان الشريك متفهمًا فعلاً وعنده العقلية المتفهمة التى تقبل ذلك وتستوعبه، يكون كل المطلوب منه أن يدعمه ويطمئنه ويجعله يشعر بالاستقرار، وغالبًا لا يحدث أن يحكى الناجى إلا فى حالة أن تحدث اضطرابات نفسية أو جنسية تصل لمرحلة تحتاج إلى تدخل علاجى، كأن تحدث عقدة من العلاقة الحميمة، بالتالى يتم اللجوء للعلاج النفسى، وبالتحليل النفسى يكتشف الطبيب ما حدث، وفى هذه الحالة يكون للشريك دور فى العلاج، لأن المشكلة تكون لها علاقة بهما معًا.

علامات نفسية وجنسية على أن شريكك تعرض لاعتداء فى طفولته هذه التجربة المريرة والصدمة الكبيرة التى يعيشها الأطفال إثر التعرض لاعتداء جنسى، خاصة إذا كان من شخص مقرب، تترك آثارها عليهم مهما مرت السنوات.

يقول الدكتور محمد عادل الحديدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة المنصورة، إن هذه التجربة تجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسى أكبر من الاعتداء نفسه، وهو ما يؤثر على شخصيته التى لا تزال قيد التكوين، هذا التأثير الذى يتفاوت حسب قوة شخصية الطفل، ولكنه رغم تقدمه فى السن يظل مكتئبًا وانطوائيًا وفاقدًا للثقة بالنفس والشعور بالأمان، ويسهل إثارة أعصابه، ويشعر طوال الوقت بالتوتر والضعف وأنه غير قادر على مواجهة أى ظروف حتى بعيدًا عن العلاقة الجنسية.

ومن العلامات الأخرى على التعرض لاعتداء جنسى فى الطفولة أيضًا، ضعف الثقة بالنفس والناس، خاصة إذا كان تعرض لاعتداء من شخص مقرب منه. wولكن هذه السمات الشخصية لا تكفى وحدها للجزم بأن هذا الشريك تعرض لاعتداء جنسى فى الطفولة إلا إذا تزامنت مع علامات أخرى يلاحظها الشريك فى العلاقة الجنسية، حسبما يقول استشارى الطب النفسى إبراهيم حسين: التعرض لاعتداء جنسى فى الطفولة هو أن يشعر الشريك بألم شديد خلال ممارسة العلاقة حتى لو لم تكن الممارسة عنيفة، وذلك لارتباطها بذكرى سيئة فى اللاوعى لديه، ومن العلامات أيضًا الامتناع الدائم عن ممارسة العلاقة وتأديتها وكأنها واجب لابد أن يقوم به، ومنها أيضًا النفور فى أثناء ممارسة العلاقة والمطالبة بممارسات غير طبيعية، وأن تراوده كوابيس كثيرة خلال النوم.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;