"انفراد" يجرى معايشة داخل عنابر السجناء.. أسرة للنوم ومروحة ونوافذ للتهوية وتليفزيون للتسلية.. النزلاء: نشاهد مسلسلات ومبارايات.. ويؤكدون: حمام بكل عنبر ونُعامل بشكل إنسانى ونخرج ساعتين للتريض.. صور

يرسم الوجدان الشعبى صورا عديدة لشكل عنابر السجناء فى السجون، وأماكن إقامتهم ونومهم، وكيفية التعامل فيما بينهم، لا سيما أن بعض الأعمال الدرامية تناولت هذا الأمر بشىء مغلوط، يوحى بوجود شخص بلطجى يسيطر على العناصر، وصورتها كمكان وحشى تصعب الإقامة فيه، خاصة أن بعض السجناء يقضون ربع قرن من الزمان. قطع "انفراد" الشك باليقين، وأجرى معايشة ميدانية لعدة ساعات داخل عنابر السجناء بمنطقة سجون برج العرب فى محافظة الإسكندرية، للوقوف على حياة النزلاء داخل العنابر وكيف يتحركون فيها ويقيمون بها. بمجرد أن تتوجه لمنطقة العنابر تجد أمامك لافتة كبيرة مكتوب عليها "عنبر رقم كذا.."، ويتم فتح الباب الضخم، وبمجرد أن تطأ قدمك العنبر، تجد نفسك أمام مدخل طويل، تزينه على الجانبين الآيات القرآنية والحكم والمواعظ التى تدعو للصبر وضبط النفس والانخراط فى الطريق السليم، واتباع السلوك الحميد، وبعدها تجد على شمالك غرف النزلاء "أو العنابر" متراصة بجوار بعضها. داخل العنبر، الذى يمثل شقة سكنية بسيطة من حيث المساحة، يقطن نحو 10 نزلاء، حيث يوجد على جانبى العنبر مجموعة من "الأسرة" ذات الطوابق المتعددة، عليها "ملاية" ويوجد بها "بطاطين" و"مخدات"، مفروشة بشكل جيد. سقف العنبر مرتفع بشكل كبير، ويوجد أسفله مجموعة كبيرة من النوافذ، بها حديد، تسمح بدخول الهواء والتهوية، فضلاً عن وجود "مروحة" بكل عنبر، وتليفزيون مقابل لباب العنبر، يذيع بعض القنوات، بمثابة "الصندوق السحرى" للنزلاء، حيث يتغلبون من خلاله على الوقت، بمشاهدة الأفلام والمسلسلات وبعض مبارايات كرة القدم، ويوجد أيضاً "غلاية شاى" لعمل المشروبات الساخنة، فضلاً عن وجود فواكهة للأكل منها. وفى مؤخرة العنبر، يوجد "حمام" لقضاء الحاجة، حتى لا يحتاج النزيل للخروج من العنبر، خاصة فى أوقات الليل المتأخرة. التقى "انفراد" عددا من السجناء داخل العنبر، تحدثوا عن حياتهم داخله، وكيف يقضون يومهم، حيث قال "ع.م": "أنا مسجون فى قضية قتل، وصادر ضدى حكم بالسجن لمدة 15 سنة، قضيت منهم نحو 3 سنوات". وأضاف السجين: "الحياة هنا شبه طبيعية، هذا المكان مخصص للإقامة والنوم، نتواجد فيه ونقضى به معظم وقتنا، نتجاذب أطراف الحديث، كل شخص يعرف عن الآخر كل شىء، فقد سمعت قصة زميل عدة مرات، وسردت له قصتى عشرات المرات، فالكلام أداة للتسلية، وأحياناً نلجأ لمشاهدة التليفزيون، فأنا أحب "الدراما"، وأتابع خلال هذه الأيام مسلسل "كلبش" الذى يعاد على إحدى القنوات، وزميلى يحب الرياضة ويتابع مبارايات كرة القدم، وثالث يتابع قنوات دينية وخطب ويسمع القرآن الكريم". وأردف السجين نحن لا نقضى اليوم كاملاً داخل العنبر، لكن نخرج للعمل فى الورش والمشروعات الإنتاجية بالسجن، فضلاً عن وجود ساعتين للتريض، البعض يقضيهما فى الملاعب وآخرين يذهبون للمكتبات والحدائق، فقد تأقلمنا على هذا الوضع. وحول المعاملة، قال السجين: "المعاملة كريمة، والجميع هنا يحترمنا، ويسمحون لنا باستقبال ذوينا، لكن أصعب ما فى السجن هو كتم الحرية، وحبس النفس خلف القضبان، فهو أمر قاس على النفس البشرية، ومن هنا يتم الردع، حتى لا نعود للجريمة، ويتم تأهيل السجناء قبل خروجهم من السجن باستمرار. وكانت مصلحة السجون تحت رعاية اللواء محمود توفيق وزير الداخلية فتحت أبوابها لحقوقيين وبرلمانين وإعلاميين لزيارة سجون برج العرب بناءً على طلب أحد النواب، حيث كان فى استقبالهم اللواء أشرف عز العرب مساعد وزير الداخلية وعدداً من القيادات، وتفقدوا المشروعات بالسجون.