رجال وسيدات ينتشرون بصورة يومية فى كافة المقاصير والجدران الفرعونية القديمة بمعابد الكرنك والأقصر وحتشبسوت والمقابر الخاصة بالنبلاء والملوك بمختلف أرجاء الأقصر، للقيام بدورهم الذى تخرجوا من كلياتهم ومعاهدهم للحفاظ على الآثار المصرية التى تعرضت للتلف فى العصور السابقة، وهم "مرممين الآثار" والذين يخرجون يومياً ومهمتهم إنقاذ مايمكن إنقاذه بصورة تليق بالتاريخ الفرعونى القديم، لإعادة الجمال والرونق الخاصة به الذى كان عليه فى عصور القدماء المصريين.
فمهنة الترميم مهنة دقيقة للغاية تقترب من مهنة الطبيب الجراح، حيث يعملون بمختلف الأدوات الدقيقة لإعادة الآثار والجدران والتماثيل الفرعونية لصورة أقرب للأصلية بتدخلات حديثة كما هو متبع فى المواثيق والمعاهدات الدولية فى مجال ترميم الآثار، لمساعدة السائحين للإستمتاع أكثر وأكثر بالآثار الفرعونية بكافة معابد الأقصر ومصر بأكملها.
وفيما يلى نرصد أعمال الترميم بالصور والفيديو فى مقصورات معبد خونسو والتى كانت قد تعرضت لعوامل الزمن وحرائق قديمة كانت قد نشبت فيها أفقدتها ألوانها الزاهية شيئاً فشيئاً، وهى المقصورات رقم 6و7 و11و12 بمعبد خونسو التابع لمجمع معابد الكرنك التاريخية، والتى يشرف عليها رجال الترميم المصريين بالإشتراك مع مركز البحوث الأمريكى، الذى يساعدهم فى الإمدادات بكافة المؤن المطلوبة لتحقيق أعلى معدلات نجاح فى الترميم.
وتقول مديرة الترميم بمركز البحوث الأمريكى خديجة آدم، أن المركز لا يتوانى فى تذليل كافة الصعوبات التى تواجه رجال الترميم المصريين للقيام بدورهم فى الحفاظ على التراث الفرعونى بجميع معابد الأقصر شرقاً وغرباً، وذلك عبر تقديم كافة أنواع الدعم بالمواد الكيميائية وغيرها والأدوات الخاصة بالترميم على أعلى مستوى من التطوير والحداثة فى المجال للحفاظ على آثار القدماء المصريين.
وتضيف خديجة آدم لـ"انفراد" أنها تشرف على أعمال الترميم بمركز البحوث الأمريكى بجميع المعابد الآثرية بالمحافظة، وذلك وفقاً لإتفاقيات بين الحكومة المصرية الممثلة فى وزارة الآثار ومركز البحوث الأمريكى لتقديم الدعم اللازم لأعمال الترميم لخروجها بصورة طيبة للغاية.
أما الدكتور عبد الناصر أحمد عبد العظيم مدير عام ترميم آثار الكرنك وطريق الكباش، فيؤكد أن أعمال الترميم فى المقصورات الخاصة بمعبد خونسو تتم بأعلى مستويات الحرفية من قبل فريق المرممين المصريين بالتعاون مع مركز البحوث الأمريكي، ويشرف عليها كل من (أخصائى ترميم أحمد جاد وأخصائى ترميم سعد زكى، وأخصائى الترميم أحمد سلام، والمرممة فاطمة عبد الحكم، والمرممة زينب خوريش ولفيف من نجوم الترمميم المصرى).
وحول خطوات العمل بعملية الترميم فى أية مقصورة أو جدران بالأقصر، فيقول مدير عام ترميم آثار الكرنك وطريق الكباش، أنه توجد عدة خطوات طبيعية للقيام بأعمال الترميم لضمان نجاحها وخروجها بصورة تليق بالتاريخ الفرعونى ورجال الترميم المصريين، وبدايتها تكون بالقيام بعملية التوثيق بالصور الفوتوغرافية للمكان المرجح ترميمه، ثم تنقل على ورق عبر رسومات يتم فيها تحديد مظاهر التلف كطبقة ألوان مفقودة أو شروخ أو اتساخات بعلامات معينة كخريطة استدلالية للمقصورة والمراد القيام به داخلها من فريق المرممين.
ويضيف عبد الناصر عبد العظيم، أنه عقب إنتهاء عملية التوثيق للموقع المراد ترميمع يتم البدء فى عملية الترميم بالتدخل السريع لكل مكان يحتاج لذلك كطبقة ألوان تمت تقويتها فى الستينات وغيرها باستخدام الأسمنت الأسود الغير صالح مثلاً، فيتم إزالتها وتعديلها فوراً، وكذلك المواقع الضعيفة بالجدار حيث يتم عمله كتقوية بورق يابانى مصنع خصيصاً للصق الشروخ وطبقات الألوان المعرضة للتلف السريع، وعقب إزالة المونة القديمة تبدأ عملية التنظيف الخاصة بالجدار الذى سيتم فيه الترميم، والذى ينقسم لنوعين الأول يكون "تنظيف ميكانيكى" ويتم بإستخدام بالفرش الناعمة لإزالة الأتربة وأماكن تجمع العنكبوت مثلاً، والنوع الثانى من التنظيف هو "التنظيف الكيميائى" لعلاج الحرائق والتدمير التى تعرضت لها المقصورات وذلك عبر عمل كمادات بمناديل وورق، وتترك على النقوش بالجدار فترة ساعة أو أقل ويتم إزالتها ثم التنظيف بأستيك ملفوف عليه قطنة بمحلول خفيف لتنظيفها جيداً.
أم المرحلة التالية فتكون بالقيام بعملية التقوية للمنطقة التى سيتم الترميم فيها، فلو طبقة البلاستر كانت ضعيفة يتم حقنها بمواد كيميائية معينة، ثم يتم ملئ الفجوات والشروخ بمونة ترميم جديدة بالجير والرملة وبودرة الحجر الرملى، ثم طبقة ثانية بنفس المكونات ومادة تسمى "الحيبة"، ثم القيام بعملية تثبيت الألوان بالجدار الخاص بالمقصورة وهنا تنتهى عملية الترميم، ثم يتم توثيق عملية الانتهاء من العمل بالصور الفوتوغرافية لمقارنتها بصور ما قبل الترميم وتوضع فى أرشيف العمل.
ومن جانبه صرح الدكتور مصطفى وزيرى مدير عام آثار الأقصر، أن رجال الترميم نجوم مصريين يتعاونون مع مركز البحوث الأمريكى لضمان خروج العمل بصورة رائعة تسر نظر السائحين لدى دخولهم لتلك المقصورات، وتساعد فى إنجاح الترميم بأيادى مصرية أمينة على التاريخ الفرعونى القديم وتحافظ عليه بصورة متميزة للغاية.