أدلة جديدة تظهر فى المحاكمة التاريخية التى تنظرها محكمة أولد بيلي البريطانية وتسمى"فضيحة قطر"، والمتهم فيها قيادات النظام القطرى والرجل الثانى فى الدولة حمد بن جاسم رئيس الوزراء الأسبق صديق تميم بن حمد، وثلاثة كانوا في قمة هرم الإدارة في بنك باركليز، ويواجهون تهمة التزوير والاحتيال مقابل اتفاقات خدمات استشارية.
وقدم المسؤول التنفيذي الكبير السابق في باركليز، روجر جينكينز أدلة جديدة تكشف عن تفاصيل اللقاءات مع رئيس وزراء قطر الأسبق حمد بن جاسم، وتظهر أن قطر كانت تريد أن تصبح الشريك الخليجى"الخاص" للبنك البريطاني في 2008.
ونفى الرئيس السابق لعمليات باركليز في الشرق الأوسط، والمتهمان الآخران في القضية توم كالاريس، الذي كان يدير وحدة الثروات، وريتشارد بوث الرئيس السابق لعمليات المؤسسات المالية الأوروبية، تهمة التواطؤ لارتكاب جريمة الاحتيال بتقديم بيانات كاذبة.
وقال جينكينز (64 عاما)، مقدما دليلا للمرة الأولى في القضية المهمة المنظورة في لندن، إنه التقى للمرة الأولى برئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي كان يرأس أيضا صندوق الثروة السيادي القطري، في يوليو 2007، في سردينيا.
ـ عشاء قارب الجزيرة الإيطالية
وقال جينكينز فى أدلته ، إن الشيخ حمد أصبح وبشكل متزايد مهتما بالاستثمار في البنوك، وأضاف أنهما تناولا العشاء سويا في قارب على الجزيرة الإيطالية، ثم اجتمعا بعد ذلك عدة مرات بالريفيرا الفرنسية في كان، وفي لوس أنجلوس، والدوحة، لمناقشة صفقات في التجزئة، والعقارات والبنوك مع توطد علاقتهما.
وقال جينكينز، الذي قرأ رده على الرسالة في المحكمة: "نعم، لن يعجبه ذلك، يريد أن يكون رجل الخليج الخاص"، وأضاف، أن قطر كانت تراقب أيضا إصدار حقوق طارئ بخصم كبير لرويال بنك أوف سكوتلند، وأنها كانت مفاوضا صعب المراس.
وأبلغ المحلفين : "كانوا سيرون أن إصدار حقوق رويال بنك أوف سكوتلند بخصم 42 %، ولذا كانوا سيضغطون علينا بأقصى قدر ممكن لإعطاء مثل هذا الخصم في هذه الصفقة وكذلك رسوم ملائمة".
تتعلق القضية بالكيفية التي تفادى باركليز بها مصير لويدز، ورويال بنك أوف سكوتلند، وعدم تلقيه إنقاذا حكوميا نظرا لقيامه بجمع تمويل قدره 11 مليار جنيه استرليني (14 مليار دولار) في يونيو وأكتوبر 2008.
ـ المصرفيون كذبوا على السوق
ويقول ممثلو الإدعاء، إن المصرفيين كذبوا على السوق وعلى مستثمرين آخرين عن طريق عدم الإفصاح بطريقة ملائمة عن مدفوعات إضافية لقطر بلغت 322 مليون استرليني، حيث صنفوها "زورا" على أنها مقابل اتفاقات خدمات استشارية.
وحين بدأ باركليز البحث عن مستثمرين رئيسيين في خضم الأزمة المالية، كان جينكينز، الذي يطلق عليه زملاؤه "الكلب الكبير"، يريد إشراك قطر، التي كانت تسعى لتنويع ثروتها الهائلة من النفط والغاز.
ـ حمد أراد أن يكون شريكا حصريا
وفي 14 مايو 2008، أرسل كالاريس رسالة إلى جينكينز ، بالبريد الإلكتروني ليسأل الشيخ حمد ، عما إذا كان لديه "أي تحفظ" حيال تواصل باركليز مع مستثمرين محتملين آخرين، مثل أبوظبي أو الكويت، أو ما إذا كان يريد أن يكون شريكا حصريا من الشرق الأوسط.
وكانت المحكمة البريطانية انتهت فى جلساتها الشهر الماضي من سماع مجموعة من المكالمات، واطلعت على رسائل إلكترونية تم تبادلها بين المتهمين وبين بعض المديرين في البنك.
وقام مكتب الادعاء باطلاع المحكمة على دليل من شأنه إثبات تعمد وترصد التحايل من أجل دفع رشاوى وعمولات سرية لحمد بن جاسم.
وأشار مكتب الادعاء إلى أن الخدمات الاستشارية التي تقدم للبنوك هي في العادة معفاة من ضريبة القيمة المضافة VAT، ولكن من يحدد ما إذا كانت الخدمات معفاة من الضريبة أم لا هو القسم الضرائبي داخل البنك ولكي يستطيع إعفاء هذه العقود من ضريبة القيمة المضافة فيجب على مديري البنك ومن قاموا بصياغة العقود ومقدمي الخدمة بتوفير دليل مادي ووثائق توضح نوع هذه الخدمات وكيف تم تنفيذها وتسليمها إلى البنك، كما يجب أن يتم تقديم أوراق تفصيلية توضح مرحلية تنفيذ هذه الخدمات.
ولكن لأن هذه العقود الاستشارية هي مجرد عقود صورية للتغطية على مبلغ العمولات السرية المدفوعة لحمد بن جاسم فإن مديري البنك و المتهمين لم يستطيعوا أن يوفروا أيا من هذه الوثائق للقسم الضرائبي في البنك وبالتالي اضطر البنك أن يدفع هذه الضريبة بالرغم من أن الخدمات الاستشارية معفية من الضريبة.
وعليه تم تعويض البنك لأن يدفع ما يقارب من 40 مليون جنيه إسترليني كضريبة قيمة مضافة على العقود، وقام المتهمون بالتحايل على الهيئات الرسمية عن طريق خصم 40 مليون من الحسابات النهائية للبنك تحت مسمى "مصاريف إدارية".
كان صندوق الثروة القطري، الذي أُنشئ في 2005، يشهد أيضا ازدهارا ويبحث عن استثمارات.
ـ المكالمات تفضح ضريبة القيمة المضافة
واستطاع محامي الادعاء، أن يثبت ذلك لهيئة المحلفين عن طريق تتبع الوثائق وعرض مكالمة هاتفية بين ريتشارد بوث و جوديث شيبرد من القسم القانوني يتحدثون فيها عن مسألة ضريبة القيمة المضافة.
وتم منح مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني (SFO) الإذن في الأول من شهر أغسطس لتعديل قائمة التهم الموجهة ضد الرجال الثلاثة ، حيث يواجه المُدعى عليهم تهم احتيالٍ حقيقية بالإضافة إلى تهم التآمر.
والمتهمون هم "روجر جنكينز"، حيث كان يشغل منصب رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية في الشرق الأوسط ، و"توم كالاريس" مسئولاً عن قسم الثروة، و"ريتشارد بوث" مسئولا عن الذراع الاوروبي لتمويل الشركات، والذين أنكروا جميع التهم الموجهة إليهم من احتيال أو مخالفات ضد البنك.
ـ تصاعد خلاف تميم وحمد بن جاسم بسبب الفضيحة
وكشفت بعض وسائل الإعلام فى وقت سابق أن خلافا حاد تصاعد بين تميم بن حمد وحمد بن جاسم لأن تميم يرى أن حمد بن جاسم ورط نظامه فى ملفات وفضائح أمنية ومالية عديدة نتيجة دعمه للإرهاب وتورطه فى قضايا فساد، وفى مقدمتها فضيحة بنك باركليز البريطانى والتحقيقات الجارية حول دور بنك الريان القطرى فى تمويل الجماعات الإرهابية فى أوروبا.
وأشار إلى أن تميم يعتبر أن تلك الفضائح تتيح للغرب ابتزاز الأموال المتبقية لدى نظامه، والتى أهدر حمد الجانب الأكبر منها على مغامرات غير محسوبة، كما كان يريد تميم بن حمد فرض السرية التامة على كل الدعم المالى للجماعات الإرهابية فى مختلف الدول العربية والرشاوى التى يجرى دفعها سواء لاستضافة كأس العالم 2022 أو للاستحواذ على حصص حاكمة فى بعض البنوك والشركات العالمية طى الكتمان، ولكنه فشل فى تحقيق ذلك.