أهملت الدولة ووزارة الآثار فى تعاملها مع "شجرة مريم"، كأحد أكبر وأهم المزارات السياحية بشكل عام والقبطية بشكل خاص بمنطقة المطرية بمحافظة القاهرة، وعلى الرغم من قدسية المكان وأهميته الدينية والتاريخية لتوثيق تاريخ رحلة العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء وابنها يسوع ويوسف النجار من فلسطين إلى مصر هربا من الملك هيرودس، إلا أن الرقابة غابت بشكل كلى عن المكان منذ أن تم افتتاح المزار عام 2000، ليكون قبلة للزائرين من مختلف الجنسيات والديانات من أنحاء العالم.
أجرى "انفراد" جولة كاملة داخل مزار "شجرة مريم" الذى يضم 3 جزوع كبيرة للشجرة، الأولى منذ العام الأول الميلادى والثانية منذ القرن السادس عشر، والأخيرة خلال الحملة الفرنسية على مصر، والتى نحت بها عدد من الحملة أسمائهم عليها بسيوفهم بعد أن ظنوا أنها شفتهم من مرض انتشر بين جنود الحملة خلال فترة تواجدها فى مصر، كما ضم المزار بئر مريم الذى استعانت به السيدة مريم خلال فترة تواجدها أسفل الشجرة، فضلا عن متحفين صغيرين بهما صور صور لأهم المناطق التى هبطت عليها العائلة المقدسة فى مص خلال رحلتها.
وعلى الرغم من الأهمية التاريخية لهذا الأثر ومكانته الكبيرة للمسيحين والمسلمين على حد سواء، إلا أن المزار يخلو تماما من رجال شرطة السياحة المسئولين عن المكان، وتم تعيين فردين أمن إدارى معينين من وزارة السياحة، أحدهما كان غير متواجد خلال جولتنا بالمزار، والآخر لم يتعرف على هويتنا إلا بعد أن دخلنا المزار وتفقدنا بئر مريم المتواجد على يسار البوابة فور دخولك والشجرة التى تقع على بعد 4 مترات منه، حيث تحدثنا إليه عن أسباب عدم تواجد أمن كاف لتأمين المكان إلا أنه قال: "أنا موجود.. أؤمرنى؟"، فأكدنا له أننا طلاب بكلية الآثار ونريد التأمل فى الأثر واصطحبنا فى الجولة.
طرحنا عدة أسئلة على فرد الأمن المسئول عن المكان للتعرف على ما يجرى بالمكان وسط ضعف التأمين، وكيف استغل البعض هدوء المكان من الداخل، خاصة وأن هناك مكان مغلق بجوار المتحفين الصغيرين يطلقون عليه اسم "الكافيتريا"، فقال لنا: "أنا بقالى هنا حوالى 16 سنة، وتمكنت أكثر من مرة من ضبط شباب وبنات يحاولون ممارسة الرذيلة فى الكافيتريا كما تم ضبط شباب يتعاطون المخدرات، وفى حالة ضبطهم يتم تسليمهم على الفور إلى قسم شرطة المطرية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، خاصة وأن أفراد أمن شرطة السياحى تواجدهم شبه منعدم لتأمين المكان".
"يزور المكان يوميا أقل من 8 أشخاص، وجميعهم مصريين، يترددون على المكان لالتقاط الصور فقط ثم ينصرفو"، كان ذلك رد "م.م" فرد الأمن الوحيد الموجود فى المكان، واستكمل حديثه: "شجرة مريم كان يقصدها السياح قبل ثورة يناير، وكانت المكان يشهد رواجا سياحيا كبيرا، أما الآن مجموع قيمة أسعار التذاكر ليوم واحد لا تكفى لقيمة ربع مرتب موظف واحد من الموظفين العاملين فى إدارة المزار، فلا توجد دعاية جيدة للمكان، وبالتالى لا يعرف الكثيرين عنه شىء كما أن هناك 4 جراجات سيارات محيطة بالمزار أخفته بالكامل عن أنظار الراغبين فى زيارته".
ومن جانبه قال اللواء جلال مبارك رئيس حى المطرية فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، إنه ليس مسئولا عن تأمين مزار شجرة مريم نهائيا ولا عن إدارته، مشيرا إلى أن وزارة السياحة والشرطة هما المسئولين عن إدارته وتأمينه، وتم مخاطبتهم أكثر من مرة لمتابعة عدد من الأماكن الأثرية بمنطقة المسلة وهناك أماكن تم الاستجابة لها وأماكن أخرى ننتظر اتخاذ خطوات لتأمينها.
وأضاف اللواء جلال مبارك، أن الحى أدى ما عليه من واجبات تجاه مزار شجرة مريم، حيث تم إزالة المخلفات وتجمعات القمامة المتواجدة بمحيطه بشكل كامل، وتم إزالة بائعى الأغنام المتواجدين خلف أسوار المزار بعد أن تم تحرير محاضر بيئة لهم تخطت الـ 5000 جنيه، وتم التواصل مع الأهالى للتأكد على استمرار نظافة المكان وتعهدوا بحمايته من المتعدين، كما تم نقل صندوق القمامة الكبير من محيط المزار إلى مكان بعيد عنه.