دخلت الأزمة العراقية النفق المظلم بعد استقالة رئيس الوزراء العراقى عادل عبد المهدى من منصبه بعد احتجاجات دامت لأكثر من ثمانية أسابيع، وهو ما سيدخل البلاد في أزمة جديدة حول تشكيل حكومة توافقية تلبى رغبات وآمال المتظاهرين الغاضبين فى شوارع بغداد والمدن الجنوبية.
تقدم رئيس الوزراء العراقى عادل عبد المهدى ، باستقالة مكتوبة إلى مجلس النواب فى البلاد بعد الاحتجاجات التى تصاعدت فى البلاد منذ أكتوبر الماضى، وعقب خطبة الجمعة للمرجع الأعلى للشيعة فى العراق السيد على السيستانى والتى طالب فيها بإقالة الحكومة الحالية.
ويعقد البرلمان العراقى جلسة اليوم الأحد ستخصص لتسلم استقالة عبد المهدى وبحث تداعيات الاضطرابات الأمنية التى شهدتها محافظات بغداد وذى قار والنجف.
فيما، أعلنت كتلة سائرون المدعومة من زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر، أنها طلبت من رئيس مجلس النواب العراقى محمد الحلبوسى، عقد الجلسة الطارئة للتصويت على قبول استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدى، حيث ناشدت الكتلة بـ"تشكيل حكومة وطنية يكون فيها رئيس الحكومة والوزراء من التكنوقراط النزيهين، وأن يكونوا من غير المحسوبين على القوى السياسية، وبعيدا عن التأثيرات الخارجية".
وتعد رئيس الوزراء العراقى بالاستقالة غير كافة بالنسبة للمحتجين الذين يطالبون بإصلاح نظام سياسي يقولون إنه فاسد يبقيهم في حالة فقر ويحرمهم من أي فرص.
ويخشى الكثير من العراقيين استمرار تصاعد العنف وسط حالة من الغضب لسقوط قتلى مع بطء تحرك الحكومة صوب تنفيذ إصلاحات، ويتوقع استمرار الجدل السياسى لأسابيع قبل اختيار رئيس وزراء خلفا لعادل عبد المهدى وتشكيل حكومة جديدة.
وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان شبه الرسمية في العراق في بيان السبت إنه يتعين تقديم المسؤولين عن قتل المحتجين للعدالة وإنها تجمع أدلة لمحاسبتهم.
وتسود حالة من الهدوء فى جميع ساحات التظاهر بالمحافظات العراقية، فيما قام المتظاهرون والمعتصمون برفع النفايات بمشاركة آليات المحافظات، بينما أقيمت السرادقات في بعض الشوارع لتلقي العزاء في مقتل نحو 40 قتيلا خلال الأضطرابات الأمنية.
وبحسب شهود عيان لصحيفة العرب "جسور الجمهورية والسنك والاحرار في بغداد والزيتون والحضارات والانتصار في الناصرية لازالت مغلقة، أما الشوارع الاخرى أعيد فتحها وخاصة تلك التي تؤدي إلى المنشآت النفطية والشركات الاخرى ".
ولم تتضح بعد الآلية التي ستذهب إليها خيارات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وترتيبات اختيارها والخيارات الدستورية التي تشير إلى تولي الرئيس العراقي برهم صالح المنصب وتشكيل حكومة او تكليف الكتلة الاكبر في البرلمان بهذه المهمة وهو ما يرفضه المتظاهرون جملة وتفصيلا ويسعون لتغيير وإصلاح النظام السياسى العراقى بشكل كامل.
وقتل 47 متظاهراً منذ الخميس، في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، خلال مواجهات مع قوات الأمن التي استخدمت الرصاص الحي ضد المحتجين.
وتعد أعمال العنف في ذي قار إلى جانب النجف (جنوب)، التي شهدت مقتل 23 متظاهراً خلال يومين، تصعيداً كبيراً في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ووقعت الأحداث الدامية بعد يوم من إحراق المحتجين قنصلية إيران في النجف، ودفعت أعمال العنف الدامية المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني إلى دعوة البرلمان للسعي لسحب الثقة من حكومة عادل عبدالمهدي، الذي استبق الخطوة بإعلان نيته تقديم استقالته للبرلمان دون تحديد موعد بعينه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، سقط 418 قتيلاً و15 ألف جريح ، استنادا إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان، ومصادر طبية وحقوقية.
وطالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تترفع سقف مطالبهم الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة، وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.