-السيسي: منتدى أسوان يعبر عن ملكية أبناء القارة لمصيرهم ويُجسد ريادتهم فيما يتعلق بالشأن الأفريقى
- إنشاء مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بمصر سيكون منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات
جاء انعقاد منتدي أسوان للسلام والتنمية المستدامة، في عاصمة الشباب الأفريقي وساحرة الجنوب مدينة أسوان، ليختتم عاماً مهماً في تاريخ مصر، بعد استعادة ريادتها الأفريقية، ونجاحها في قيادة القارة نحو الانخراط والتواجد بقوة علي خريطة العالم، بعد عقود من التهميش والانكفاء.
ونجح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تقديم نموذج ملهم لأفريقيا، ربما سيرهق كل من يأتي خلفه لاستلام راية الاتحاد الأفريقي؛ فالفعاليات متعددة، والنجاحات مشهودة، والإجراءات التي ساهمت في تقديم أفريقيا بشكل لافت خلال هذا العام، لا ينكرها إلا جاحد، ولا يمكن أن يتجاهلها سوي من يريد أن تظل القارة كما هي لا تستغل ثرواتها وإمكاناتها الهائلة، وتتبعثر مقدراتها قي السر والعلن.
وكانت كلمة الرئيس السيسى الافتتاحية بالمنتدي أبلغ دليل علي ذلك، تعبر عن هموم القارة، وتحرضها علي استغلال ثرواتها نحو التقدم والانطلاق، فالعالم لا يعترف إلا بالقوي، ولا يلتفت لمحتاج، بل يحترم ويسعي نحو من يكتفي ذاتياً وينتصر علي تحدياته.
وقال الرئيس في كلمته، إن مصر آثرت أن يكون المنتدى أفريقياً في كل تفاصيله، سواءً من حيث الفكرة أو عملية الإعداد الموضوعي والتنظيمي أو برنامج العمل والجلسات، فمنتدى أسوان يعبر عن ملكية أبناء القارة لمصيرهم ويُجسد ريادتهم فيما يتعلق بالشأن الأفريقي.. وأن هذه هي الضمانة الرئيسية لأن يتصدى المنتدى للمشكلات التي تواجه القارة وأن يطرح لها الحلول، وأن يبرز الفرص القائمة ويضع الخطط لاغتنامها، الأمر الذي لا يتناغم مع الانفتاح على التعاون مع الشركاء الدوليين على أساس تحقيق المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة.
وتضمنت كلمة الرئيس الافتتاحية حث القارة السمراء على المزيد من التضافر، وقال إننا جميعاً نعي العلاقة الوطيدة بين تحقيق التنمية واستقرار حالة الأمن والسلم في قارتنا، مشيراً إلي أنه إذا كنا قد استطعنا سوياً التغلب على بعض المعوقات في سبيل إحلال السلام ودفع التنمية، فإن نجاح مجهوداتنا المتواصلة بات يتطلب منا المزيد من التضافر وتكثيف العمل لمسابقة الزمن وصولاً إلى الأهداف التي نسعى إليها.
وظهر الرئيس واثقاً في أن أعمال المنتدى، ودعمه لمساعي القارة نحو تطوير بنية السلم والأمن الأفريقية بشكل شامل ودائم، بالتوازي مع تحقيق التكامل بين هذه البنية وبين جهود تحقيق التنمية المستدامة، وكذا بين بناء السلام والدبلوماسية الوقائية والوساطة وبين جهود التعامل مع جذور الأزمات التي تواجه القارة.
وبنظرة سريعة علي أجندة منتدي أسوان، فإن اختيار الموضوعات المطروحة للنقاش، وانتقاء الضيوف والمتحدثين بعناية، يكفل كافة مساعي القيادة السياسية ووزارة الخارجية المكلفة بتنظيم الحدث نحو النجاح المبهر، وترك بصمة واضحة في نفوس الأفارقة قبيل تسليم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي لجنوب أفريقيا.
وركزت الجلسات علي موضوعات فريدة، مثل إسكات البنادق في أفريقيا- واستدامة السلام: السياسات والمؤسسات والشراكات- الإطار الإقليمي للتعاون لتحقيق السلام والأمن والتنمية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن- تعزيز مساهمة المرأة الأفريقية في الأمن والسلام والتنمية- النزوح القصري في أفريقيا- تطوير شراكة أفريقيا مع العالم- أمن الطاقة في أفريقيا- دور التمويل الرقمي والشمول المالي في استدامة التنمية والسلام- تمويل تعافى اقتصاد ما بعد الحرب.
وهذه الموضوعات تغطي كافة شواغل وهموم القارة، التي تعاني من الإرهاب والفقر والبطالة وتدني مستوي الصحة والخدمات والبنية التحتية، رغم إمكاناتها الهائلة ومواردها الطبيعية اللا محدودة، وثرواتها البشرية وكثافة سكانها.
ولم يكن المجتمع الدولي ببعيد عن تطلعات أفريقيا وحقها في التقدم وتقرير المصير، ففي وجود ممثلي المنظمات الدولية والأمم المتحدة، شدد الرئيس السيسى، على ضرورة تكاتف كافة الجهود الإقليمية والدولية لدعم أمن واستقرار القارة الأفريقية، استناداً إلى مبدأ سيادة الدول والدور المحوري للحكومات في صياغة اتفاقيات السلام وخطط التنمية وفقاً للأولويات الوطنية، بما يرسخ الملكية الوطنية لهذه الجهود، مشدداً على أن تحقيق السلام واستمراره على المدي الطويل لن يتحقق سوى بتعزيز قدرة الدول والحكومات على بسط سيادتها على كامل ترابها، والارتقاء بقدراتها المؤسسية في شتى المجالات، فالدولة الوطنية هي الوعاء الذي يضمن الأمن والاستقرار اللازمين لاستدامة التنمية.
ولم ينس الرئيس كعادته في المحافل الدولية، أن يشير إلي تفاؤل مصر بمستقبل القارة الصاعدة وفقاً لمقتضيات العصر ، فقال إن رؤيتنا في القارة الأفريقية للواقع الذي نبنيه، وللغد الأفضل الذي نبتغيه، لا تكتمل إلا بإعطاء المكانة المستحقة فيهما للمرأة وللشباب، حيث ان الحديث عن تمكين المرأة وإدماج الشباب في مختلف المجالات والمستويات يتعين أن يترجم إلى سياسات تنفيذية، وذلك بهدف مواجهة الصعاب التي نحشد الجهود لعبورها، وسعياً لتحقيق الآمال العريضة التي نتطلع إليها.
وأكد الرئيس أن أبلغ دليل على جدوى الأفكار الجادة والرؤى المدروسة هو تحويلها إلى واقع ملموس، مضيفاً:"ما أحوجنا اليوم إلى إعادة إحياء وتفعيل سياسة قارتنا الأفريقية الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، وترجمتها إلى خطط تنفيذية تحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتساعد على بناء قدرات مؤسساتها كي تقوم بمهامها، وتسهم في التئام جروح مجتمعاتها".
وشهد المنتدي أيضاً، ولأول مرة، التوقيع على اتفاقية استضافة مصر لمركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، والذي تهدف الدولة المصرية من خلاله، إلى أن يكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعي خصوصية كل دولة، وتحمي حقها في ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية.
ولا شك أن فكرة منتدي أسوان جديرة بالاحترام ومهمة للغاية لأنه يربط التنمية وإعادة الإعمار والسلام، كما أنه الأول من نوعه في القارة، وتنفيذاً لأچندة 2063 للاتحاد الأفريقي.
كما أن الرؤساء الأفارقة أكدوا خلال المنتدي علي أهمية وقف النزاعات، وأهمية تحول القارة من النزاعات إلي التنمية، وارتباط النزاع بالتنمية؛ فقارة أفريقيا في الوقت الحالى أحوج لهذه المبادرات لتفعيل الجوانب العملية من أجندة 2063.
وفيما يتعلق بمكاسب الاتحاد الأفريقي من رئاسة مصر 209, فإن أهم مكسب هو اعتماد الهيكل الجديد للمفوضية في إطار عملية الإصلاح، وقد تم الانتهاء من التفاوض عليه واعتماده من قبل مجلس السفراء برئاسة مصر، وسيتم اعتماده في إطار المجلس التنفيذي برئاسة سامح شكرى وزير الخارجية .
كما أن هناك جانباً آخر وهو استضافة مصر لعدد كبير من الاجتماعات وهذا مهم لأنه يعكس للقارة اهتمام مصر وانخراطها كاملة مع قارتها.
كما أن من ضمن مكاسب الاتحاد الأفريقي أيضاً من رئاسة مصر هو المنتديات المختلفة سواء الخاصة بالشباب الأفريقي أو الخاصة بإعادة الإعمار والتنمية، وكلها مبادرات مهمة للاتحاد الأفريقي وتصب في خدمة الاتحاد وأجندة 2063 والتي توجت بالنجاح بتوقيع اتفاق المقر، الذي ستستضيفه مصر.
إذن.. يمكن القول إن فعاليات النسخة الأولي من المنتدي، حققت المستهدف منه، في حضور رؤساء عدد من الدول الأفريقية والحكومات وكبار المسئولين، من بينهم رؤساء تشاد وجزر القمر والنيجر ونيجيريا والسنغال بالإضافة إلى نائب رئيس جمهورية جنوب السودان ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ونائب سكرتير عام الأمم المتحدة وعدد من رؤساء الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية وممثلي بعض الهيئات والمنظمات الدولية ورؤساء مجالس إدارات شركات مصرية وأجنبية، وبمشاركة كبيرة من نحو 70 دولة.