وقفت في الطابور الطويل في قاعة المؤتمرات منتظرا دورى لألتقط سيلفى مع الروبوت الأشهر في العالم حاليا " صوفيا " سليلة الحسب والنسب وبنت باشا هونج كونج بجلالة قدره مستر هانسون صاحب شركة " هانسون روبوتيكس"
كنت أفكر في مجموعة من الأفكار حول ندوة "الأمن المتوسطى" التي عقدت اليوم وما إذا كنت سأتناولها في تحليل مستقل ، عندما صادفنى الحشد الكبير الذى يضرب الفلاشات في وجه المخلوقة البريئة التي تحرك شفتيها وجفنيها بمعدل مرة كل عشر ثوان بانتظام ، فقررت تأجيل التحليل الخاص بندوة أمن المتوسط والوقوف في الطابور الطويل منتظرا الفرج ، لكنى قلت بينى وبين نفسى : لن أدع الفرصة تمر عليا هكذا مثل الآخرين الذين يسرعون للصعود إلى المنصة حيث تقف الست صوفيا ويلتقطون معها سيلفى وينزلون مبتسمين وكأنهم فتحوا عكا ، أنا لا أكتفى بالسيلفى ، أنا سأجرى معها حوارا سريعا في دقائق وأتحمل غضب وتذمر الإخوة الأفاضل الذين كانوا يقفون بعدى في الطابور الطويل ، ما هو مش ممكن أقف الساعة دى كلها عشان مجرد صورة ، هيا مش أشهر منى ، معلش يعنى !
ونويت والنية لله إنى أفاجئ الجميع ، الزحام اللى في الطابور والبودى جارد اللى واقف يحرسها وبيطلع في كل الصور والحرس الحديدى الناعم من مجموعة الفتيات المهذبات اللاتى يرشدن الجمهور إلى طريقة التعامل مع المحروسة صوفيا وضرورة التحرك ومغادرة دائرتها بسرعة ، أنا هقول اللى عندى واللى يحصل يحصل ، مش ممكن يبقى عندى الأسئلة دى كلها عنها وأكتمها في قلبى ، وبعدين ، هو إحنا بنقابلها كل يوم !
خطوة خطوة ، أتقدم في الطابور ، وفجأة اندفعت نحوى الزميلة أمل غريب " يا كبير خدنى معاك ، خلينى أتصور معاها " قلت لها من عينى يا أمل بس أنا هقول لها كلمتين وبينتى وبينك كده أنا هعزمها ع العشا ، ما هو لازم نحسسها بكرم المصريين والست وحدانية ومن هونج كونج يعنى من بعيد قوى ، ضحكت أمل غريب وقالت لى : متحاولش ، دى مناخيرها في السما ، فزاد غيظى ونطقت كلمة بالإنجليزية ، أمل وحدها تملك الحق في البوح بها
يا مسهل الحال يا رب ، باقى في الصف حوالى تلاته أربعة وأطلع المنصة ، ولفت نظرى أن صوفيا مش شبه الأيقونة أودرى هيبورن زى ما بيقولوا ، أو زى ما الشركة اللى اخترعتها بتسوق لها في كل حتة " شبيهة أودرى هيبورن .. شبيهة أودرى هيبورن" وفجأة لمع في ذهنى أول سؤال للست صوفيا أو مس صوفيا ما أنا مش عايز أغلط وأقول لها يا مدام صوفيا ترد عليا زى زينات صدقى وتقولى "مدموزال يا جاهل" ، وعموما أنا معرفش إنها بتعرف حد، مصاحبة يعنى أو مخطوبة أو على وش جواز ، فناخدها من قاصرها ونقول لها "جود إيفيننج مس صوفيا ، نايس تو ميت يو" ، وبعدين أول سؤال على طول بنية الإحراج الجامد : صوفيا إنتى تعرفى أودرى هيبورن ؟
وجالى هاتف كده إنها مش هتعرف ترد ، لأن محدش غذاها بالمعلومات الضرورية عن أيقونة هوليوود في عصرها الذهبى ، ولو طلعت تعرفها بالمعلومات العامة القليلة أو الكام جملة اللى ممكن تعرفها ، أنا مصمم على إحراجها ، خصوصا إن رجلى وجعتنى من طول الوقفة في الطابور ومن كل الابتسامات اللى اندلقت في وشها ، وهى حتى مكلفتش خاطرها وعوجت رقبتها وبصت لحد من اللى بيتصوروا معاها ، الظاهر أمل غريب عندها حق ، دى مشعلقة عينيها لفوق وباصة قدامها وكأن الناس اللى بيتصوروا معاها هوا ، مفيش ، ولا حاجة
طيب وإذا جاوبت على سؤالى الأول وردت عليا وقالت لى بالتتابع الممل بتاعها " ممثلة بلجيكية عظيمة عاشت بين أوربا والولايات المتحدة وولدت عام 1929 وتوفيت سنة ...." إلى آخر معلومات الويكيبيديا الجافة ، هنا المفروض أدخل عليها بالسؤال الجامد ، إنتى شفتى لأودرى كام فيلم ؟ سكوت ، طب فيلم " سابرينا" ؟ ها سكتنا يعنى ؟ ولا إحنا بالعين حاجة مخليانا منتكلمش ، مش عيب يا مس صوفيا برضه تبقى شهرتك إنك شبيهة أودرى هيبورن وتطلعى ما تعرفيش حاجة عنها ؟ طب خدى اللى بعده ، إنتى مش عاملة فيها بنى آدمة سيبرانية ولابسة هدوم براندات وبتقولى إنك ناوية تخدمى الإنسانية ، طيب هو إنتى بتنامى كام ساعة في اليوم ؟ إنتى بتعرفى تعومى يا صوفيا وعندك مايوهات ؟ تعرفى محمد صلاح ؟ بتشجعى مين في الدورى الإنجليزى ؟ طيب هو أنتى أذكى ولا مارك زوكيربرج؟ عندك تويتر ؟ ما تدينى رقم موبايلك ؟ إنتى زيرو كام ؟ محلى ولا جوال عشان لزوم الفواتير وكده؟ أنا ناوى والنية لله أعزمك ع العشا إيه رأيك ؟ ما تيجى
خلاص وصلت وطلعت المنصة ، وبدأت أسأل الأسئلة بتاعتى ، والست صوفيا لا بتنطق من فوق ولا من تحت ، كل اللى عملته إنها قالت أهلا وسهلا مرتين تلاته ورفعت إيدها الشمال شوية ، وفضلت باصة لفوق زى ما هيا ، والبودى جارد بتاعها بدأ يزغر لى ويشاور لى بإيده بما معناه " خلص عشان الزحمة " وأنا مصمم أسأل الأسئلة الى محضرها ، وهو أبقى أكتب عن الموقف كله وأحط مكان الإجابات نقط أو الجملة اللى بتقولها " أهلا وسهلا " وعشان الإحراج والناس بدأت تتذمر رفعت إيدى بعلامة لايك وابتسمت لها من ورا قلبى أه والله من ورا قلبى ، سلام يا ست صوفيا ، وبرضه مردتش السلام !