جزء صغير من القمر، ينير السماء، على أساسه يبدأ المسلمون تقويمهم الهجرى، ويتخذونه شعارا لهويتهم الإسلامية فى مقابل الصليب عند المسيحيين ونجمة داود عند اليهود.
والهلال رمز أو شعار يستخدم لتمثيل المرحلة القمرية فى الربع الأول (القمر المنجل)، يستخدم كرمز فلكى للقمر، وكذلك الرمز الكيميائى لمعدن الفضة.
وصار الهلال مرتبطا بدين الإسلام كشعار لهُ، لكن قبل اتخاذه رمزا للهوية الإسلامية، كان أيضا شعارا لـ أرتميس، عند اليونانيين القدماء، وهو رمز يمثل العذرية وفى التبجيل الرومانى الكاثوليكى ماريان، الذى يرتبط مع العذراء مريم.
والتقويم الهجرى مرتبط بالقمر، والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ذكرا الهلال، ومن ثم كان رمزا للمسلمين، حيث يقول الله تعالى فى سورة البقرة آية (189): "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِى مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ"، ويقول النبى محمد صلى الله عليه وسلم " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا".
ويعتقد كثير من الباحثين أن رمز القمر أو الهلال هو فى الحقيقة رمز للأنوثة أو الطاقة الأنثوية فى العديد من الديانات القديمة، حيث تم ربط الدورة القمرية الشهرية بدورة الحيض لدى المرأة فى العديد من الأساطير القديمة، وقد ميزت العديد من هذ الأساطير بكون آلهة القمر هى امرأة مثل سيلينى وفوبى ومثيلاتها من الآلهة الرومانية مثل لونا وديانا وإيزيس عند الفراعنة، وقد ميزت هذه الحضارات آلهة الشمس كآلهة مذكرة.
وبحسب كتاب "المؤثرات الدينية فى الفلسفة اليونانية" فإن الآلهة أرتميس التى كانت تعد رمزا للكمال والجمال العذرى، إذ عاشت عذراء دون أن يدنسها ذكر، كان يتم تصويرها على هيئة سيدة ترتدى ثوبا طويلا يصل إلى الأرض وعلى رأسها خمار وهلال باعتبارها ربة القمر، وكانت من أحب الأشياء إليها القوس والسهم والهلال والغزالة والشعلة.
لكن ربما النصوص السالفة ذكرت الهلال فى مواضع معينة ولم تشر له كرمز مقدس أو كشعار للهوية الإسلامية، فالهلال لا يمت للإسلام بصلة كشعار، إذ لم يرد شىء فى السيرة النبوية عن اتخاذ الهلال شعارا للإسلام، وبحسب أحمد حسين النمكى فى كتابه "الإسلام فى وجه الخطر الأوروبى" فلا الرسول ولا أصحابه اتخذوا الهلال شارة لهم، بل إن أقدم أعلام العرب فى الجاهلية كانت راية امرؤ القيس، بينما اتخذت قريش "راية العقاب" وكانت راية النبى (ص) لونها أسود وكانت راية الأمويين لونها أبيض، وراية العباسيين لونها أسود، وكانت راية الفاطميين خضراء، ولم يذكر أن أى من الدول السابقة رسموا الهلال على أعلامهم، وإنما ظهر الهلال كشعار للإسلام، فى الدولة العثمانية، والدليل أن الدول غير التابعة لسلطان آل عثمان لم تتخذ من الهلال شارة لها.
ويوضح الكتاب سالف الذكر أن الهلال كان ضمن شعارات الفرس والتتار والأتراك قبل الإسلام وكان زعيم التتار قد وضع هلالا زنته عدة أرطال فوق قصره، وفى العصر الإسلامى أهدى السلطان علاء الدين السلجوقى إلى عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية علما أبيض يعلوه هلال، وذلك صار العثمانيون يرسمون فوق أعلامهم الهلال، ولما فتحوا القسطنطينية أضافوا النجمة للهلال، وصاروا شعار لهم.
ويوضح كتاب " تاريخ العلم العثمانى" تأليف أحمد تيمور، أن الهلال كشعار تم اقتباسه من الرومان بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية، لأنه كان شعارا لمملكتهم الشرقية، وهو قول الإفرنج فى معالمهم ومعاجمهم التاريخية، ويروى أنه قديم عند البيزنطيين قبل تكون مملكة الروم الشرقية، وكان سبب اتخاذهم له أن فيليب المكدونى والد الإسكندر الأكبر، فى ليلة حالكة، ولما اقترب منها ظهر الهلال فى الأفق وقت الحسر، وقيل ظهر القمر من وراء سحابة وبدأ طرف منه كالهلال، فكشف لأهلها مواقع المحاصرين فدفعوهم عنها، وتيمنوا به فجعلوه شعارهم وصوره على أبنيتهم.
أما كتاب " السامرى الساحر المصرى الذى أسس الماسونية" تأليف عاطف عزت، فيذهب إلى أن الهلال شعار ماسوني، موضحا أنه وضع فى الكثير من المحافل الماسونية، كما يذكر كتاب " الماسونية فى المنطقة 245" تأليف أبو إسلام أحمد عبد الله، أن الهلال من الشعارات والإسماء السرية التى طرحت من قبل الماسونية، كما أشار إلى المؤرخ الراحل جورجى زيدان ومؤلف كتاب تاريخ الماسونية العام، كان ماسونيا واتخذ شعار الهلال الماسونى شعارا له ولدار النشر والجريدة التى أنشائها.