الإيجور ينحدرون من أصول تركية وأنقرة تدعمهم بقوة وأمريكا تتربص لضرب اقتصاد التنين فى الدول الإسلامية
أصابعنا تسبق عقولنا فى الشير والريتويت لصور وفيديوهات لا نعرف مصدرها.. وهذه 7 أسباب تلخص حقيقة اضطهاد الإيجور
تظل التجربة الصينية واحدة من أهم النماذج المهلمة على مستوى العالم، حضارة عريقة، اقتصاد قوى، سياسة متوازنة مع أغلب دول العالم، قوة بشرية هائلة تضم 1.3 مليار مواطن يسعون فقط للعمل والإنتاج والوصول إلى حلم أكبر قوة فى العالم، وقد قاربوا فعليا الوصول إلى هذه النقطة، ولم يبق لهم سوى مركز واحد ليحملوا اللقب، وارتبط هذا التنين الصينى بعلاقات صداقة وشراكة قوية مع دول المنطقة والشرق الأوسط، على رأسهم مصر، وقد زار الرئيس الصينى القاهرة فى أواخر يناير 2016، وكانت زيارة هامة جدا على جميع الأصعدة، تكللت بإعلان استثمارات مستقبلية فى قطاعات النقل والبنية التحتية تصل إلى 15 مليار دولار، واستثمارات مباشرة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من خلال أكثر من 35 شركة، و21 اتفاق تعاون وتمويل لمشروعات.
عندما زار الرئيس الصينى شي جين بينج مصر أكد أن بلاده تؤيد مساعى مصر للحفاظ على الاستقرار وتنمية الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة، وقد كانت زيارة لها أصداء سياسية هامة فى ذلك التوقيت، وعبرت عن مدى عمق العلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية بين البلدين.
هذه المقدمة الموجزة أستهدف من خلالها الدخول إلى موضوع أكثر تعقيدا وتشابكا، احتل اهتمام الرأى العام خلال الأيام الماضية، وضخمت منه السوشيال ميديا بصورة تخالف الحقيقة، وهو قضية "مسلمو الإيجور"، ولنفهم القصة وأبعادها بصورة تعتمد على المنطق يجب أن نرصد مجموعة من التفاصيل والأرقام الهامة.
أولا:- يبلغ عدد سكان الصين 1.3 مليار مواطن وفقا لآخر تعداد سكانى فى عام 2017، وبها 22 مقاطعة وتبلغ مساحتها 9.6 مليون كيلو متر مربع ولديها احتياطى نقدى 3.2 مليار دولار كأكبر احتياطى فى العالم.
ثانيا:- الصين يعيش فيها 56 قومية مختلفة الأعراق، هناك 10 منها تدين بالدين الإسلامى، منهم الإيجور الذين ينتمون لأصول تركية، ويعيشون فى اقليم شينشيانج شمال غرب البلاد .
ثالثا:- يعيش فى الصين ما يقرب من 200 مليون من أتباع الديانات المختلفة، من ضمنهم أكثر من 20 مليون مسلم، ويبلغ عدد المجموعات الدينية حوالى 5500 ويتجاوز عدد المنشآت الدينية التى تم تسجيلها وفقا للقانون 140 ألف منشأة، وفق تصريحات رسمية من سفير الصين بالقاهرة.
رابعا:- يصل عدد المسلمين الإيجور حوالى 12 مليون مسلم، ويوجد ما يقرب من 24 ألف مسجد فى مقاطعة شينشيانج وحدها وهى موطن " الإيجور" أى ما يعادل مسجد لكل 500 مسلم فى الإقليم تقريبا.
خامسا:- الخلاف بين الإيجور والحكومات الصينية طويل وممتد منذ فترة كبيرة، ومرتبط بصراعات قديمة ومحاولات انفصالية وقد أعلن الإيجور الاستقلال فى أوئل القرن العشرين، إلا أنها خضعت بشكل كامل لسيطرة الصين عام 1949.
سادسا:- ظهرت مؤخرا مجموعة من الصور والفيديوهات على السوشيال ميديا توضح عمليات ضرب وتعذيب بحق مواطنين يتم الترويج لها على أنهم من مسلمى الإيجور، إلا أن السفارة الصينية فى القاهرة أكدت أن هذه الصور يعود تاريخها إلى 15 عاما.
سابعا:- القوانين الصينية تمنع الموظفين في الأماكن العامة، من تغطية أجسامهم ووجوههم، كأحد الإجراءات الأمنية، وذلك بالنسبة للمسلمين أو غير المسلمين، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الأخرى مثل رفض إرسال الأطفال إلى المدارس الحكومى، وعدم الامتثال لسياسات تنظيم الأسرة، والزواج الدينى غير الموثق.
بعد المعلومات التى تم رصدها فى السطور السابقة يمكن أن نتحدث من أرضية محايدة عن قضية الصين والإيجور، باعتبارها قضية سياسية بامتياز وليست صراع دينى أو عقائدى أو حملة ممنهجة ضد الإسلام كما يروج البعض، فالأمر واضح بأن هناك لجان إلكترونية تدعمها تركيا بقوة لتصدر للرأى العام العالمى من خلال السوشيال ميديا صور قديمة ومقاطع فيديو لمشاهد تعذيب وقتل.
نحن للأسف نتعامل مع السوشيال ميديا كـ "زبائن"، شير دون أن تعرف أو تتحقق أو ترصد للوصول إلى الحقيقة أو حتى جزء منها، فكل ما يدور فى أغلب الفيديوهات عمليات ضرب و تعذيب لأشخاص يتحدثون لغة لا نعرفها ولا نجيدها، ولا نعرف تفاصيل أو ملابسات القبض عليهم أو ضبطهم أو الجناية التى ارتكبوها، فلا يمكن أن يتم تصدير هذه الصورة باعتبارها معاداة للإسلام وإبادة للمسلمين، فلو كانت الصين تعادى الإسلام أو تحاول إبادة المسلمين كما يروج البعض، فلماذا سمحت ببناء أكثر من 35 ألف مسجد فى كل أنحاء الصين، منهم 24 ألف مسجد فى إقليم الإيجور فقط.
الصراع الحقيقى بين الإيجور والحكومة الصينية بين النظام والفوضى، بين دولة مستقرة ومجموعات انفصالية، فلا يمكن لأقلية دينية أن تفرض قوانينها الخاصة على الدولة، بما يتعارض مع الإجراءات الأمنية أو النظام الاقتصادى القائم، ولا يمكن لنا كمصريين أن نبتلع الطعم بهذه السهولة، فلم ننفعل عندما شاهدنا فيديوهات لمذابح الأتراك فى شمال سوريا، وما جرى من جرائم ضد الإنسانية هناك، مع العلم بأن النظام التركى مسلم والنظام السورى أيضا مسلم، فالقضية ليست الإسلام بقدر ما هى صراع سياسى ومحاولات انفصالية من الإيجور تغذيها تركيا بمنطق الخلافة والزعامة الإسلامية فى المنطقة من جانب، وأمريكا بمنطق تخريب التنين الصينى وإثارة الفوضى، وضرب تجارته فى العالم الإسلامى، من جانب آخر.
كلنا نعرف أن السوشيال ميديا بكل قنواتها يتم استخدامها فى فبركة الأخبار، وتتبع فى ذلك سياسات غامضة وغير عادلة تجاه بعض الصور والفيديوهات، فيتم حذف ما يتعارض مع هوى " الفيس بوك" كأحد أهم وسائل السوشيال ميديا، بينما يتم الإبقاء على مشاهد أخرى، تحتوى على العنف والقتل وتحض عليه، بما يؤكد أن هناك معايير مزدوجة مطاطة هدفها الأول الترويج لأكاديب.
لا يمكن أن تسبق أصابعنا عقولنا فى الشير والريتويت لصور وفيديوهات لا نعرف مصدرها ولا نستطيع تقييم مصداقيتها، فهذا جزء من الإرهاب الفكرى، وتصدير لوجهة نظر معينة للرأى العام، وتشويه دول وضرب اقتصاديات، وعلينا أن ندعم دور الإعلام فى تفنيد الحقائق وعرض وجهات النظر بحياد، حتى نقدم للقارئ أو المشاهد المعلومة كاملة فى سياقها الحقيقى، حتى يتمكن من تكوين صورة عامة متزنة حول الأحداث المختلفة.