تشهد الساحة العراقية مرحلة جديدة من الصراع والمواجهة الأمريكية – الإيرانية غير المباشرة، وارتفعت حدة التوتر بعدما استهدف هجوم صاروخى قوات أمريكية أسفر عن مقتل أمريكى كان ضمن القوات المتواجدة فى قاعدة (كى وان) قرب مدينة (كركوك) العراقية، وانتقاما لهذه الخطوة نفذت الولايات المتحدة الأحد الماضى ضربات جوية استهدفت مواقع كتائب حزب الله الموالية لإيران فى غرب العراق، وأسفرت عن مقتل 25 شخصًا، مما أدى إلى غضب أنصاره الذين قاموا بمهاجمة مقر السفارة الأمريكية فى بغداد مرددين عبارات "الموت لأمريكا"، "أمريكا الشيطان الأكبر".
الشعارات التي أطلقها العراقيون، أعادت إلى اذهان الأمريكيين أزمة الرهائن 1979 عقب انتصار الثورة الإسلامية في طهران، عندما اقتحم متشددون سفارة الولايات المتحدة في هذا البلد، واحتجزوا دبلوماسيين رهائن لمدة 444 يوما، مرددين نفس الشعارات، واليوم وبعد مرور 41 عاما كتب العراقيون المنددون بالضربات الأمريكية على حوائط مبنى السفارة الأمريكية في بغداد - بحسب صورا التقطتها عدسة الكاميرا للاحتجاجات – "سليمانى قائدى" (قاسم سليمانى قائد فيلق القدس الإيرانى التابع للحرس الثورى).
ويعد سليمانى أحد كبار الضباط الإيرانيين المعروف بمهندس تنظيم العلاقة بين طهران وبغداد، وساهم على مدار السنوات الماضية فى تشكيل مقاتلى الحشد الشعبى، الذى يتشكل من عشرات الآلاف ويضم منظمات وفصائل مختلفة من بينها منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا الإسلام، ولعبت قواته دورا رئيسى فى معارك تطهير العراق من تنظيم داعش بدعم إيرانى وتأييد عراقى، ويمثل إحدى صور النفوذ الإيرانى القوى داخل العراق، الذى يمثل بالنسبة لإيران حديقتها الخلفية ويثير الوجود الأمريكى مخاوف كبيرا لدى صانع القرار الإيرانى، ليتحول العراق إلى ساحة للتسابق على بسط النفوذ الايرانى الامريكى، ويبقى العراق حائرا بين انجذابه نحو محور المقاومة الإيرانى وتحالفه مع الولايات المتحدة.
وفى مواجهة استراتيجية الضغوط القصوى التي اطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في التعاطى مع إيران عام 2017، تضغط طهران على واشنطن عبر امتلاك خيارات وأدوات ضغط تهدد مصالح الأخيرة، اذ أصبح تشكل الفصائل الموالية لها على الاراضى العراقية تهديدا مباشرا على القادة العسكريين الأمريكيين بالعراق بعد حادث قاعدة (كى وان) الأمريكية بالعراق وفقا للحسابات الأمريكية، وعلى الجانب الأخر تتخوف إيران من الوجود الأمريكى فى جوارها الاقليمى.
وبالتوازى تسير إيران في استراتيجيتها فى التعاطى مع الولايات المتحدة الأمريكية على نهجين الأول هو الضغط، والثانى هو الدعوة مجددا للعودة إلى طاولة المفاوضات التي يدعوا إليها الرئيس الأمريكى لكن بشروطها، وفقا لما أطلقه الرئيس الايرانى حسن روحانى، الأربعاء، حيث جدد استعداده للتفاوض مع الرئيس ترامب لكن بشرط أن تتراجع الأخيرة عن مواقفها المعادية لطهران ورفع العقوبات، وقال روحانى: خلال افتتاح المجمع الثانى لمطار أردبيل الدولى شمال غربي البلاد: "مستعدون للتفاوض، عندما يعودون إلى نقطة البداية فإن إيران جاهزة"، وذلك حسب وكالة إيرنا.
ورغم ذلك يتواصل مسلسل الصراع الأمريكي الإيرانى الذى امتد لصفحات التواصل الإجتماعى وتحول لتراشق وتلاسن بين قيادات البلدين، فقد أثارت تهديدات الرئيس الأمريكى لإيران على حسابه الرسمى على تويتر بدفع ثمنا باهظا، حفيظة المرشد الإيراني آية الله على خامنئى والذى علق للمرة الأولى على تغريدة ترامب، قائلا أنتم تتفوهون بالهراء! مهددا بمواجهة من يهدد بلاده.
وكتب مرشد إيران على حسابات ثلاث منسوبة إليه، بـ العربية والفارسية والإنجليزية قائلا: "تلاحظون مدى شدّة الغليان ضدّ أمريكا فى بغداد وأرجاء العراق. يغرّد ذلك الشخص (ترامب) على تويتر بأنّ إيران مذنبة! بداية أنتم تتفوّهون بالهراء! لا دخل لإيران بهذا. ثانياً ليكن الأمريكيّون منطقيّين وهم ليسوا كذلك. الشعب العراقى مشمئزٌّ من الأمريكيّين. لماذا لا يدركون هذا الأمر؟".
That guy has tweeted that we see Iran responsible for the events in Baghdad & we will respond to Iran.
1st: You can’t do anything.
2nd: If you were logical —which you’re not— you’d see that your crimes in Iraq, Afghanistan… have made nations hate you. https://t.co/hMGOEDwHuY
— Khamenei.ir (@khamenei_ir) January 1, 2020
وأضاف خامنئى "إيران إذا أرادت أن تتحدى وتقاتل بلدا ما، فستفعل ذلك علنا، نحن متمسكون بمصالح وعزة شعبنا، ومن يهددها سنواجهه ونوجه إليه ضربة دون تردد".