أزمة مرتقبة طاحنة بين دولتي لبنان واليابان بعد إفلات كارلوس غصن، أحد أهم رجال صناعة السيارات في العالم من السلطات اليابانية، لاسيما بعد أن سلم جوازات سفره بموجب شروط الكفالة، والوصول إلى الدولة اللبنانية، وذلك عقب خضوعه للإقامة الجبرية في طوكيو منذ أبريل 2019، على خلفية اتهامه من قبل القضاء الياباني بعدم الإفصاح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان، للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي.
قضية كارلوس غصن بدأت مع القضاء الياباني في 19 نوفمبر 2018 عندما تم استيقافه في مطار طوكيو للاشتباه في أنه أخفى قسما كبيرا من أمواله وممتلكاته عن السلطات المالية بين عامي 2010 و2015، وعرفت آخر فصول تلك الأزمة في نهاية العام 2019 بوصول رجل الأعمال كارلوس غصن المفاجئ إلى الدولة اللبنانية قادماَ من تركيا.
أما الإشكالية الدائرة الآن هي الشق القانوني لأزمة هروب كارلوس غصن تتمثل في السؤال: هل هناك ما يجبر الدولة اللبنانية على تسليم غصن لليابان أم هناك ما يمنع ذلك، فى الوقت الذي يتواجد فيه اتفاقيات دولية بين الدول وبعضها البعض على أن تسلم المجرم الهارب داخل أراضيها والذي لا يتمتع بجنسياتها، بينما كل القوانين الطبيعية الداخلية تعطى الحق للمواطن أنه يحاكم على أرض بلده حتى وإن كان الجرم في الخارج – بحسب خبير القانون الدولي والمحامي بالنقض حسن أحمد عمر.
في البداية – يجب أن نعلم أن أزمة أو قضية كارلوس غصن هي قضية اقتصادية في المقام الأول وأنه ليس هناك حكماَ قضائياَ نهائياَ يلزم دولة لبنان على تسليم غصن لليابان حيث أن كل الموجه لغصن ما هي إلا اتهامات فقط وهناك أمور تدور في الكواليس حيث أن مسألة هروب غصن ليست بالأمر السهل وعلى اليابان ألا تلوم إلا نفسها وتتحمل نتيجة فشلها كون المتهم هارب من أراضيها، لأن غصن كان في الأساس تحت الإقامة الجبرية.
ومن الجهة المنوط بها تنظيم أزمة تسليم لبنان لرجل الأعمال غصن لليابان هو الإنتربول الدولي، فلابد من وجود حكم قضائي نهائي بصفة عامة لتسليم أي دولة للمتهم الهارب في أراضيها وفى واقعة غصن ليس هناك حكم قضائي كما هو متعارف عليه – هذا من ناحية – أما من الناحية الأخرى فإن الدولة للبنانية لم توقع على أي اتفاقية لتسليم المطلوبين للعدالة مع اليابان، بمعنى ليس هناك اتفاقية استرداد أو تسليم متهمين بين البلدين، الأمر الذي يعطى لبيروت الحرية الكاملة في تسليم غصن المدير السابق لتحالف رينو-نيسان لطوكيو من عدمه وحتى في حال إصدار مذكرة بحث دولية بحق غصن، فإن الإنتربول غير قادر على توقيف غصن أو إجبار الدولة اللبنانية على تسليمه، فلا يحق للإنتربول أن يأخذه بالقوة أو يفرض قراره على لبنان – وفقا لـ"عمر".
ومن المتعارف عليه من الناحية القانونية أن مبدأ تسليم الهاربين الغرض منه هو تحقيق العدالة حيث أنه يحق للدولة اللبنانية أن ترفض تسليم غصن وتقوم هي بعملية محاكمته بعد أن تطلب من اليابان تسليمها ملف غصن للبت فيه، وذلك لأن القوانين اللبنانية بصفة عامة لا تبيح تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية، لأجل ذلك لا يمكن تسليم غصن إلى اليابان في حال مطالبتها به، كما أن هناك إشكالية أخرى تتمثل في أن العقوبة التي يجب أن يحاكم بها غصن لابد أن يكون منصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني، وبذلك يكون من الغير ممكن أن يحاكم غصن فى لبنان بجرائم الاحتيال الضريبي التي وقعت في بلد أجنبي، بينما يمكن للقضاء اللبناني أن يحاكم غصن في حال التأكد من أنه ارتكب جرما يعاقب عليه القانون في لبنان – الكلام لـ"عامر".