«كوتشى» كان السبب فى مجزرة وقعت بين عدد من المواطنين داخل سوق بمنطقة المرج بالقاهرة، بعدما رفض صاحب محل استبدال «حذاء» حريمى لسيدة بعد يوم من شرائه، لتندلع مشاجرة، خلفت قتيلا ومصابا وسجينا.
اليوم كان طبيعيًا للغاية، فقد استيقظ «جرجس» كعادته مبكرًا للذهاب للعمل، تاركًا مبلغًا من المال لزوجته لشراء حذاء لها بناءً على طلبها، وعاد الزوج آخر اليوم حيث أكدت له زوجته اكتشافها أن الحذاء الجديد ليس على مقاسها، وترغب فى استبداله، إلا أن الليل كان قد أرخى ستائره، فطلب منها زوجها التمهل للصباح والذهاب لصاحب المحل لاستبداله بآخر.
المشهد تكرر فى اليوم التالى، حيث ذهبت السيدة للمحل وطلبت من صاحبه استبدال الحذاء، ليدخل معها فى مشادة كلامية تطورت لتعديه عليها، لتستنجد السيدة بزوجها وشقيقه، حيث أسرع الاثنان لنجدتها واشتبكا مع صاحب المحل لينتهى الأمر بإصابة زوجها ومقتل شقيقه.
«كراسى متراصة» أمام منزل القتيل «نشأت.ع»، ومواطنون يترددون على المنطقة لتقديم واجب العزاء، وسيدات يتشحن بالملابس السوداء، و«جرجس» يقف مصابًا لتلقى واجب العزاء فى شقيقه، هكذا بات المشهد أمام منزل الضحية.
بصوت ممزوج بالآسى، سرد «جرجس» تفاصيل الجريمة، قائلاً «اتصلت بى زوجتى وأنا فى طريقى للعمل، حيث كنت قد اقتربت من الطريق الدائرى، وكانت دموعها تسبق صوتها، وعرفت منها أن صاحب المحل رفض استبدال «الكوتشى» وتعدى عليها، بعد ضرب طفلة شقيقى التى كانت برفقتها، فغلت الدماء فى جسدى، وطلبت منها انتظارى أمام محل عصير بالمنطقة، وأسرعت نحوها، وفى الأثناء اتصل شقيقى «عزت» بها ليسأل عن طفلته، فعرف بالواقعة وتحرك الآخر نحوها، وعندما وصلت للمكان وجدت شقيقى يعاتب صاحب المحل على سوء تعامله مع سيدة وطفلة، لكن الأخير كان عصبيًا وتعدى على شقيقى بالقول واليد، وحاولت تمالك أعصابى لآخر لحظة، لكن الأمر خرج عن سيطرتنا بعدما تدخل مجموعة من المواطنين بالسوق لمناصرة صاحب المحل وتعدوا على شقيقى، وفى لحظة تحول المكان لمعركة، شاهدت فيها شقيقى «نشأت» يسقط على الأرض غارقًا فى دمائه، وأنا أصرخ «أخويا..أخويا».
يلتقط «جرجس» أنفاسه، ويكمل حديثه قائلًا «وجدت نفسى فى شارع جانبى وشخص يشهر السلاح فى وجهى ويقول لى «هتمشى ولا أموتك زى أخوك»، وبعدها تدخل الأهالى وفضوا المشاجرة، وسألت عن أخى فأكدوا لى أنه غادر المكان، لكنى عرفت بعد ذلك أنه أصيب وتم نقله للمستشفى حيث فارق الحياة، ولم أدر أن «كوتشى» سيتسبب فى كل هذه الدماء.
سيدة عجوز تتشح بالملابس السوداء، تخاف مصافحتها بقوة خشية أن تسقط منك أرضًا، تجلس بجوار أطفال صغار، دموعها لا تتوقف، كلماتها تتكرر «قتلوا ابنى.. حرمونى من ضنايا».
وبصوت حزين، قالت والدة القتيل، لـ«انفراد»: مات زوجى قبل عشرات السنوات من الآن، وترك لى 7 أبناء، كافحت من أجلهم، وعاندت الحياة حتى ربيتهم وزوجتهم، ورأيت بعينى أحفادى يتحركون أمامى، وكنت قد اعتقدت أن الحياة بدأت تضحك لى مجددًا، قبل أن يخبرونى بمقتل «نشأت» الأقرب لقلبى، فشعرت أن الحزن فالق كبدى، فلا شىء يعوضنى غيابه، ولا شىء يساوى دموع أطفاله الثلاثة الصغار، فمنذ وفاته ودموعهم لا تتوقف، فنحن لا نريد سوى العدل، الذى يوجب سرعة القصاص من القاتل ومحاسبته، حتى تهدأ نيران القلوب.
«من يصدق أن روح بنى آدم تروح عشان كوتشى!!» ـ الأم تكمل حديثها ـ ليته لم يذهب ولم يتحدث مع صاحب محل ظن أنه حكيمًا وسيتدارك الأمر ويستبدله لهم، فقد ذهب كل شىء وتركوا لنا الأحزان نتقاسمها.
وكان قسم شرطة المرج تلقى بلاغًا باندلاع مشاجرة ومقتل مواطن وإصابة شقيقه، فانتقل رجال المباحث لمكان البلاغ، وتبين أن خلافات على «كوتشى» تسببت فى المشاجرة، فتشكل فريق بحث قاده اللواء نبيل سليم مدير مباحث العاصمة، توصلت جهوده لمكان وجود القاتل وتم القبض عليه، واتخاذ الإجراءات القانونية حياله.