تتباين الأزمة بين واشنطن وطهران بين التصعيد والتهدئة على مدار الأسبوع حيث مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى على يد الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى ترتب عليه توعُد إيران بالثأر لأحد رجالهم الأبرار، واستهداف قاعدة أمريكية فى العراق عبر هجوم صاروخي، فيما أسفر بالخطأ عن سقوط الطائرة الأوكرانية بعد مغادرتها مطار الإمام الخمينى فى طهران ببغداد، بحسب عدد من التقارير الإعلامية الغربية.
حادث سقوط الطائرة الأوكرانية يلتف حوله عدد من الملابسات، فيبدو أن عدة أطراف دولية تحاول استغلاله لصالح أهدافها، فأوكرانيا بحسب عدد من التقارير المتداولة لم تستبعد شبهة أن الطائرة أُسقطت من قبل روسيا، فى حين يؤكد آخرون على أن إيران متورطة فى الأمر وأنه كان مقصودًا للتخلص من بعض الإيرانيين ممن كانوا على متن الطائرة المنكوبة، وخاصة أنها رفضت تسليم الصندوق الأسود للطائرة إلى شركة بونيج المُصنعة للطائرة التى تم تفجيرها. بينما ذكر رئيس الطيران المدنى الإيرانى على عابد زاده أن إصابة الطائرة الأوكرانية بصاروخ أمر تقنى مُستبعد بسبب اشتعالها لمدة تقرب من دقيقة، نافيًا أن غيران لديها مانع من تسليم الصندوق الأسود لها.
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تضيع فرصتها هى الأخرى من الاستفادة من هذا الحادث، واستهداف إيران لقاعدتين أمريكتين، وأعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمس الخميس فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على طهران، وأنه كان قد وقّع على هذا القرار منذ فترة قصيرة مع وزارة الخزانة الأمريكية. وفى سياق متصل هدد بفرض عقوبات على العراق الأحد الماضى وذلك فى حال مغادرة القوات الأمريكية للأراضى العراقية استجابة لدعوة البرلمان العراقي، بحجة أنه يطالب بتعويض مقابل حمايتهم للعراق طوال السنوات الماضية، بحسب تعبيره.
وخلال الساعات الماضية أعاد عدد من المغردين الخليجيين من الباحثين والإعلاميين عبر حساباتهم على موقع التدوينات القصيرة تويتر، قضية لوكربى الشهيرة إلى الواجهة، والحديث حول أن حادث الطائرة الأوكرانية سيكون بمثابة "لوكربي" الثانية وأن إيران ستكون متورطة فى الأمر ولن تسلم هذه المرة من العقاب.
وقال الإعلامى البحريني، محمد العرب: "الطائرة الأوكرانية هى قضية لوكربى الجديدة وهى المسمار الأخير فى نعش نظام الملالي، وسنة 2020 هى سنة التحوُلات المصيرية فى المنطقة، وسيدفع النظام الإيرانى المليارات بسبب هذه الحادثة، والتى ستثبت التحقيقات أن المتسبب فى اسقاطها صاروخ إيرانى وليس خلل فني.. والله اعلم".
ووجهت الإعلامية الكويتية فجر السعيد لمتابعيها الدعوة إلى البحث عن ماهية قضية لوكربى الشهيرة إذا كان بعض منهم لا يعلم عنها، قائلة: "أحس هذه الأيام الأمريكان يحضرون لقضية مشابهة والنتيجة قلت لكم إياها من قبل؛ مليشيات مسلحة فى العراق".
وقال الإعلامى السعودي، فهد الدريهم: "إذا صحت الأخبار والتقارير أن أسباب سقوط الطائرة الأوكرانية ناتج عن صاروخ إيراني.. فإيران فى ورطة كبيرة وقد تتكرر قضية لوكربى بين ليبيا وأمريكا لسنوات".
فيما أشار الباحث الأحوازى أمجد طه إلى أن افتراضية أن إيران كانت متورطة فى "لوكربي" الأولى، وقال "الآن سيتم الانتقال لمحاسبة إيران دوليًا كما حصل مع القذافى فى قضية لوكربي، والتى تبين بعدها أن إيران هى من كانت تقف وراء الأمر".
وتعود قضية لوكربى الشهيرة إلى عام 1988 حينما تم اسقاط طائرة الركاب الأمريكية التابعة لشركة "بان أمريكان" فوق قرية لوكربى الاسكتلندية، وبعد سنوات من التحقيق انتقلت الاتهامات إلى أطراف مختلفة تجتمع على العداء لأمريكا، ما بين إحدى المنظمات الفلسطينية ثم سوريا ثم إيران حتى وصلت إلى ليبيا، وأقرّ الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى بالمسؤولية عن الحادث وقام بدفع تعويضات لأسر الضحايا على الرغم من تأكيده على أنه لم يُعطى الأمر بالهجوم الذى أسفر عن مقتل 259 شخصًا.