زراعة رأس لجسم متوفى إكلينيكيا لأول مرة تفجر جدلا دينيا وقانونيا.. خلافات حول الهوية والمسئولية الجنائية والعلاقات الأسرية.. كريمة: حرام شرعًا .. وبرلمانى يطالب بتشريع.. وخبير قانونى: الفيصل تحديد هوي

إعلان الجراح الإيطالي "سيرجيو كانافيرو"، تأهبه على رأس فريق عمله المكون من 150 جراحا لإجراء عملية زرع رأس بشرية لأول مرة فى التاريخ، لشخص يعانى من ضمور الأعصاب، حيث سينقلها إليه من جسم آخر توفى صاحبه دماغية "اكلينيكيا" فجر مفاجأة لأكبر إنجاز بشرى فى عالم الطب، ما أثار تساؤلات حول الحكم الشرعى والقانونى لهذا العمل. الإعلان عن العملية التى قد تأخذ تصنيف إنجاز القرن، زاع صيتها بمجرد تناقل وسائط إعلامية شهيرة التفاصيل حول العالم، مصحوبة بتعليق بسيط، بهذه الكلمات: باقى من الزمن 8 شهور على اجراء اول عملية نقل، زراعة رأس بشرى في التاريخ، وسيقوم بها الجراح الإيطالى "سيرجيو كانافيرو". وعن تفاصيل "اكتشاف القرن"، تحدد إجراء العملية بعد دراسة استمرت لمدة 30 عام، وستجرى لمريض روسي اسمه "فاليرى سبيريدنوف" الذى يعانى من حالة نادرة تدعى "ضمور العضلات الشوكى"، سيتم تبريد الرأس عند درجة حرارة 15 ثم يتم توصيلها بجسد المتبرع الذى يعانى من "الموت الدماغى" عن طريق توصيل الأعصاب الرئيسيّة بين الرأس والجسد، وذلك بمادة البولي إيثيلين جليكول، بتكلفة 11 مليون دولار، وتستغرق 36 ساعة، ويقوم بإجرائها 150 جراح وطواقم تمريض. هزة عنيفة أو قل "فتنة" بين علماء الفتوى، ما بين محلل ومحرم، أو عاجز عن التحديد، لعظم الحدث جاءت ردة الفعل مساوية لعظم الحدث، ما دعا كثير من المتخصصين إلى الاعتذار عن التعليق. الدكتور عصام الروبى، من علماء وزارة الأوقاف، بدى حائرا، قائلا: نحن أمام وضع محير، وانتكاسة فطرية، متسائلا: من سيحاسب على التصرفات بعد الزراعة الرأس أم القلب والبدن؟ وأين تبقى الروح؟ وهل سيتم حلول الروح الخاصة بالرأس فى الجسد الجديد؟، ومن سيتغلب القلب القديم أم العقل الجديد؟، ومن منهما الميت و الحى؟. وقال الروبى، لـ"انفراد"،: لا أعلم، ولا استطيع أن أقول فيها رأى، لكن الأمر مذهل ويدعونى أن أقول أن الأمر مستجد عصرى يحتاج إلى نخبة واجتماع ولجان متخصصة فى الفتوى والطب وعلم النفس، ولا أظن أن يفتى فيها شخص، والفتوى مطلوبة، والعلم أمامه أطروحات خطيرة، فإما جائزة، وإما مقيده بالمنع كونها الحرام. وتعليقا على الحدث أكد الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر، أنه يرى أن نقل الأعضاء حرام، قائلا: يسمى غرس الأعضاء، وهو اكسسوار بشرى، وتغيير لخلق الله وهذا عمل شيطانى، والاساس فتح باب التداوى، وهذا ينطوى على محظورات والبدائل هى من حيوانات أو مواد مصنعة، دون مساس بالجسد الآدامى، والنبى قال كسر عظم الميت ككسر عظم الحى. وقال كريمة، لـ"انفراد"، أنا أفتى بأن هذا الأمر حرام زى فتوى الشيخ الشعراوى، والدكتور عبدالعظيم المطعنى، مضيفا أن التبرع سببه انتشار السماسرة و ثلاجات بعض الاطباء بها اعضاء للاثرياء، ولن يتم توفير هذا الامر للفقراء، قائلا: ممنوع غرس الأعضاء البشرية من حى لحى او من حى لميت أو غيره، وذلك لأن الانسان لا يملك جسده والقاعدة الفقهية تقول من لا يملك لا يهب ولا يبيع، واضرارها اكثر من نفعها، والدليل ان زرع الكلى فى مصر للاغنياء وليس للفقراء، وخاصة ان هذه العملية. الدكتور حازم حسن الجمل، محامى الأزهر الشريف بالدقهلية، الحاصل على مساجستير الشريعة الإسلامية، ودكتوراة القانون الجنائى المقارن بالشريعة، أكد أننا أزمة تحديد هوية شخصية، وما يترتب عليها من مسئولية جنائية. وقال الجمل، لـ"انفراد"، إذا كان أحدهما مدانا والآخر فمن سيحاسب، وأى اسم سيحمل هذا الآدمى الجديد، وأى زوجة ستبقى على ذمته إذا كان كلاهما متزوجا، وأى أسرة سترث المتوفى، وهل سيعامل فى أسرة الرأس بالنسب الأصلى كأبنهم ولادة، والأسرة الأخرى هل ستعتبر فيما يشبه النسب من الرضاعة كأن يكون أشبه بمن رضع لأم من هذه الأسرة، بأن ينسب الرأس والذى يحمل بصمة الوجه لصحابه والجسم الذى يحمل البصمة الوراثية لأسرة صاحبه، مؤكدا أننا أمام خلاف طبى بالدرجة الأولى يستتبعه حالة قانونية تستلزم موافقات الطرفين والأخلاقيات القانونية، والقياس على مبادئ وقواعد الشريعة الإسلامية حتى لا تصطدم بإزدواجية وتلاعب بالهوية وكرامة الإنسان وقيم الشرع الحنيف. بينما قال الدكتور عبدالفتاح خضر، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، الأصل فى زرع الأعضاء أنه حلال واجازها العلماء شريطة الا تكون بنظام البيع لحرمة بيع الانسان. وأضاف خضر، لـ"انفراد"، أما هذه الحالة فالأمر يحتاج إلى علماء متخصصين فى القضايا العصرية، لأنها ليست نقل عضو بل نقل جهاز التحكم فى الجسم كله، ولا أدرى ما هو حكمها الشرعى، مطالبا بالحسم فى الرأى الطبى أولا للبناء على هذا الجانب. ومن جانبه أشاد النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية، بوصول العلماء لهذا التقدم العلمى الهائل، قائلا: هذا امر طيب ونتمنى ان نصل لمثلهم فى مصر ولعلنا نفاجئ العالم بعمليات اكثر دقة وروعة لصيانة البشرية. وقال حمروش، لـ"انفراد"، شيخ الأزهر السابق، محمد سيد طنطاوى أعلن عن استعداده للتبرع بقرنيته بعد الوفاة، حتى يبصر بسبب هذا التبرع شخص فقد بصره وينعم بحياته، مضيفا أن عملية النقل لها ضوابط لابد من مراعاتها، قائلا: اميل لوجود تشريع لوضع ضوابط تحمى الاطباء والمرضى ويوقف عصابات الاتجار بالاعضاء. دار الإفتاء المصرية، لم تصدر فتوى تخص هذا الجانب، لكنها وضعت ضوابط لعمليات نقل الأعضاء، ورأى كبار العلماء السابقين فى القضية بشكل عام، يشترط في جميع الأحوال وجوب مراعاة الضوابط الشرعية التالية للترخيص بنقل الأعضاء الآدمية من الحيِّ إلى الحيِّ ومن الميت إلى الحيِّ وهي: أولًا: يرخص في نقل العضو البشري من الإنسان الحي إلى الإنسان الحي بالشروط والضوابط الآتية 1- الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالةُ المنقول إليه المرضيةُ في تدهورٍ صحيٍّ مستمر ولا ينقذه من هلاك مُحَقَّقٍ إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان آخر بينهما درجة قرابة حتى الدرجة الثانية، ويجوز النقل حتى الدرجة الرابعة إذا حالت ضرورة دون النقل من الدرجات السابقة، ويُقَدِّرُ ذلك أهل الخبرة الطبية العدول، شريطةَ أن يكون المأخوذ منه وَافَقَ على ذلك حال كونه بالغًا عاقلًا مختارًا. 2- أن يكون هذا النقل محققًا لمصلحة مؤكدة للمنقول إليه من الوجهة الطبية، ويمنع عنه ضررًا مؤكدًا يحل به باستمرار العضو المصاب بالمريض دون تغيير، ولا توجد وسيلة أخرى لإنقاذه من الموت والهلاك الحال المحقق إلا بهذا الفعل. 3- ألا يؤدي نقلُ العضو إلى ضررٍ مُحَقَّقٍ بالمنقول منه يضر به كليًّا أو جزئيًّا أو يمنعه من مزاولة عمله الذي يباشره في الحياة ماديًّا أو معنويًّا أو يؤثر عليه سلبيًّا في الحال أو المآل بطريق مؤكَّد من الناحية الطبية؛ لأن مصلحة المنقول إليه ليست بأولى من الناحية الشرعية من مصلحة المنقول منه؛ لأن "الضَّرَرَ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ"، و"لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ في الإسلام"، ويكفي في ذلك المصلحة الغالبة الراجحة، والضَّرَرُ القليل المُحْتَمَلُ عادةً وعرفًا وشرعًا لا يمنع هذا الجواز في الترخيص إذا تمَّ العلم به مسبقًا وأمكن تحمله أو الوقاية منه ماديًّا ومعنويًّا بالنسبة للمنقول منه، والذي يحدد ذلك هم أهل الخبرة الطبية العدول. 4- أن يكون هذا النقل دون أي مقابل ماديٍّ أو معنويٍّ مطلقًا بالمباشرة أو بالواسطة. 5- صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية قبل النقل بالعلم بهذه الضوابط، وإعطاؤه لذوي الشأن من الطرفين المنقول منه العضو والمنقول إليه قبل إجراء العملية الطبية، على أن تكون هذه اللجنة متخصصةً ولا تقل عن ثلاثة أطباء عدول، وليس لأحد منهم مصلحة في عملية النقل. 6- يشترط ألا يكون العضو المنقول مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال. ثانيًا: يرخص في نقل العضو البشري من الميت إلى الحيِّ بالشروط والضوابط الآتية 1- أن يكون المنقول منه العضو قد تحقَّق موته موتًا شرعيًّا وذلك بالمفارقة التامة للحياة أي موتًا كليًّا، وهو الذي تتوقف جميع أجهزة الجسم فيه عن العمل توقفًا تامًّا تستحيل معه العودة للحياة مرةً أخرى بشهادة ثلاثةٍ من أهل الخبرة العدول الذين يُخَوَّلُ إليهم التعرف على حدوث الموت بحيث يسمح بدفنه، وتكون مكتوبةً وموقعةً منهم، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي أو ما يعرف بموت جذع المخ أو الدماغ؛ لأنه لا يُعَدُّ موتًا شرعًا، لبقاء بعض أجهزة الجسم حيةً؛ وذلك لاختلاف أهل الاختصاص الطبي في اعتباره موتًا حقيقيًّا كاملًا؛ لأنَّ اليقين لا يزول بالشك. فإذا لم يمكن من قبيل الصناعة الطبية نقل العضو المراد نقله من الشخص بعد تحقق موته، ويمكن نقل العضو بعد موت جذع الدماغ، فإنه يَحْرُمُ ذلك النقل ويكون ذلك بمثابة قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. 2- الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهورٍ مستمرٍّ ولا يُنقِذُهُ من وجهة النظر الطبية إلا نقل عضو سليم من إنسان آخر حيٍّ أو ميتٍ، ويكون مُحَقِّقًا للمنقول إليه مصلحةً ضروريةً لا بديل عنها. 3- أن يكون الميت المنقول منه العضو قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قُوَاهُ العقلية ودون إكراه ماديٍّ أو معنويٍّ، وعالمًا بأنه يوصي بعضو معين من جسده إلى إنسان آخر بعد مماته، وبحيث لا يؤدي النقل إلى امتهان لكرامة الآدمي؛ بمعنى أنه لا تتضمن الوصية نقل كثير من الأعضاء تجعل جسد الآدمي خاويًا؛ لأن هذا ينافي التكريم الوارد في قوله تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]. 4- ألَّا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحي مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال كالأعضاء التناسلية وغيرها، وذلك كما هو الحال في نقل العضو من حيٍّ إلى حيٍّ تمامًا. 5- أن يكون النقل بمركز طبي متخصص مُعْتَمَدٍ من الدولة ومرخَّصٍ له بذلك مباشرةً دون أي مقابل ماديٍّ بين أطراف النقل، ويستوي في ذلك الغني والفقير، وبحيث توضع الضوابط التي تساوي بينهما في أداء الخدمة الطبية، ولا يتقدم أحدهما على الآخر إلا بمقتضى الضرورة الطبية فقط التي يترتب عليها الإنقاذ من الضرر المحقق أو الموت والهلاك الحال. وقالت دار الإفتاء: ذهب إلى نحو هذا من المفتين السابقين للديار المصرية كلٌّ من: 1- فضيلة المرحوم الشيخ/ حسن مأمون في فتواه المنشورة بالمجلد السابع (ص 2552) من «الفتاوى الإسلامية» الصادر عن دار الإفتاء المصرية سنة 1959م. 2- فضيلة المرحوم الشيخ/ أحمد هريدي في فتواه المنشورة بالمجلد السادس (ص 2278) من «الفتاوى الإسلامية» الصادرة عن دار الإفتاء المصرية لسنة 1966م. 3- فضيلة المرحوم الشيخ/ جاد الحق علي جاد الحق في فتواه المنشورة بالمجلد العاشر (ص 3702) من «الفتاوى الإسلامية» الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1979م. 4- فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي في كتابه «فتاوى شرعية» (ص 43 سنة 1989)، وفي المجلد 21 من «الفتاوى الإسلامية» (ص 7950). 5- فضيلة الأستاذ الدكتور/ نصر فريد واصل. 6- فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب. 7- فتوى لجنة الفتوى بالأزهر عن هذا الموضوع سنة 1981م. وهناك فتاوى أخرى صدرت عن علماء فضلاء، وعن مجامع فقهية في بعض البلاد الإسلامية، ويضيق المجال عن ذكرهم. كما ذهب إلى عين ما نحن فيه مجمع البحوث الإسلامية بجلسته رقم 8 الدورة 33 المنعقدة بتاريخ 17 من ذي الحجة سنة 1417 هجرية الموافق 24 أبريل 1997م.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;