احتفت الصحف البريطانية بقمة الاستثمار البريطانية الأفريقية، التى عقدت الاثنين فى لندن، وأكدت أنها جاءت متأخرة بعد ابتعاد المملكة المتحدة عن القارة السمراء على مدار العقود الماضية، فى الوقت الذى توجهت فيه دول أخرى للاستثمار وتكوين علاقات تجارية مع القارة.
وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" إن المملكة المتحدة محقة فى إعادة التركيز على أفريقيا، وينبغى أن تتعلم من الدول الأخرى فى التعامل مع القارة كفرصة تجارية.
وقارنت الصحيفة بين هذه القمة والقمة الصينية الأفريقية التى عقدت فى عام 2018، وأشارت إلى أن الأخيرة كانت أكبر بكثير شهدت مشاركة 50 دولة أفريقية (قمة اليوم تشهد مشاركة 21 دولة)، وأعلن فيها الرئيس الصينى شى جينبينج 60 مليار دولار من التعهدات الاستثمارية.
وأوضحت الصحيفة أن بريطانيا لا تستطيع أن تضاهى قوة الصين، حتى لو لم تنجح جهود شى بالكامل. لكن التباين يوفر مقياسا آخر لمدى تأخر بريطانيا، وقد اتضح هذا بشكل مؤلم عندما قامت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى بزيارة ثلاث دول أفريقية فى محاولة لإعادة ضبط العلاقات التجارية. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء بريطانى فى خمس سنوات، وأول زيارة لكينيا، وهى مستعمرة بريطانية سابقة، منذ ثلاث عقود. فى حين أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون زار 16 دولة أفريقية منذ عام 2017 فى محاولة لإحياء علاقات فرنسا مع القارة.
وتحدثت فاينانشيال تايمز عن التحول الذى شهدته القارة السمراء فى الآونة الأخيرة، وقالت إنه ستة من إجمالى 15 من أسرع الاقتصاديات نموا فى العالم أفريقية، كما تم تحقيق خطوات كبيرة فى خفض معدل وفيات الأطفال وزيادة متوسط العمر المتوقع. ولعبت المساعدة الإنمائية البريطانية، التى يحكمها التزامها بتقديم 0.7% من إجمالى دخلها القومى مساعدات، دورا هاما.
ورحبت الصحيفة بتغيير نهج بريطانيا إزاء أفريقيا، وقالت إنه فى غضون 20 عاما، أكثر من ربع سكان العالم سيكونون أفارقة، وأفضل طريقة لخدمة مصالح بريطانيا وأفريقيا هى علاقة تجارة واستثمار صحية تساعد اقتصاد الدول الأفريقية على الازدهار.
من ناحية أخرى، قالت مجلة "إيكونوميست" إن رئيس الحكومة بوريس جونسون يتودد لأفريقيا مع سعى بريطانيا لدور جديد فى مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى.
وأشارت المجلة إلى أن أحد الخطوات للإجابة على سؤال "كيف تروج لبريطانيا عالمية بعد مغادرة الاتحاد الأوروبى" هو محاولة استعادة بعض نفوذ لندن فى أفريقيا، حيث كانت المملكة المتحدة من قبل القوة الاستعمارية الرئيسية فيها، وسيستضيف جونسون ثلث قادة القادرة اليوم فى القمة اليوم.
ورأت الصحيفة أن هذه القمة رسالة بأن بريطانيا بعد التخلص من قيود التجارة الخاصة بالاتحاد الأوروبى، ستصبح أكثر حرصا من أى وقت مضى على القيام بالأعمال التجارية وتعزيز الروابط. وسيأمل رئيس الوزراء أن يستجيبوا بحماس ويتجاهلوا انتقاداته السابقة.
وتابعت المجلة قائلة إن جونسون على الأرجح سيشدد على التجارة والاستثمار أكثر من المساعدات. وربما يشيد بمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التى تم توقيعها فى عام 2018 من قبل 44 عضو فى الاتحاد الأفريقى وتم التصديق عليها من قبل 22 حتى الآن، باعتبارها إشارة لمستقبل أفريقيا ككتلة تجارية. وكانت تريزا ماى، رئيسة الوزراء السابقة قد أعلنت فى رحلتها الوحيدة لأفريقيا فى عام 2018، أن بريطانيا تسعى لأن تصبح أكبر مستثمر فى أفريقيا بحلول 2022.
وأكدت إيكونوميست أن بريطانيا ستكون فى حاجة لاستخدام كلا من القوى الناعمة والصلبة لتعزيز مصالحها فى أفريقيا. ويجب أن تكون البداية بتسهيل تأشيرات السفر، مشيرة على أن الأفارقة لن يرحبوا على الأرجح بالمستثمرين البريطانيين، لو لم يشعروا بأنهم أنفسهم غير مرحب بهم فى بريطانيا.