تزايدت مطالب المجتمع الصناعى، بضرورة خفض أسعار الغاز للصناعات المختلفة، وعلى رأسها صناعة الصلب وغيرها من الصناعات التي تساهم في توفير آلاف الوظائف، مؤكدين أن هناك نتائج إيجابية عدة للاقتصاد المصرى وللصناعة حال اتخاذ قرار بمراجعة أسعار الغاز وخفضها، في إطار خطط الدولة لدعم الصناعة المحلية.
ويعد قطاع الصناعة فى مصر هو قاطرة النمو، لما يساهم به هذا القطاع من توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة بشكل سنوى، حتى أن إجمالى المشتغلين بهذا القطاع بلغ أكثر من 18 مليون شخص بحسب تقديرات اتحاد الصناعات، إلا أن هذا الصناعة تعانى من بعض العوائق، التى تواجه نموها على رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج، المتمثلة فى المادة الخام أولا، ثم أسعار الطاقة.
وبعد تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، شكا المصنعون من زيادة كبيرة فى سعر التكلفة الإنتاجية، بسبب تضاعف سعر الدولار، لكن على الجانب الآخر كان هناك تكلفة أخرى فاقمت من مشكلات القطاع، وهى أسعار الغاز للمصانع بصفة عامة، ولصناعة الصلب بصفة خاصة، لما للأخيرة من دور كبير فى اتاحة 30 ألف وظيفة واستثمارات تتجاوز الـ 150 مليار جنيه.
وشهدت صناعة الصلب فى الفترة الأخيرة حالة من التراجع الملحوظ، الأمر الذى انعكس على حجم الصادرات، نتيجة ارتفاع فى تكلفتها، جراء احتساب سعر الغاز بـ 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية، إذ كشفت بيانات حديثة صادرة عن هيئة الرقابة على الصادرات المصرية، هبوط صادرات مصر من الحديد والصلب بنسبة 34% مسجلة 635 مليون دولار، بالفترة من يناير إلى نوفمبر 2019 مقابل 968 مليون دولار بالفترة ذاتها من 2018.
في الإطار، أكد محرم هلال نائب رئيس اتحاد المستثمرين، أن الدولة تسير في اتجاه دعم الصناعة الوطنية، ويظهر ذلك من خلال الاجتماعات مع المستثمرين بالقطاع الصناعى لحل مشكلات المصانع المتعثرة، وكذلك مبادرة دعم الصناعة بـ 100 مليار جنيه، لافتا إلى أن أن هناك بوادر إيجابية تنتظر الصناعة والاقتصاد حال مراجعة الحكومة لأسعار الغاز المقدمة للصناعات المختلفة.
وقال هلال فى تصريح لـ"انفراد"، أن خفض الأسعار سيؤدى إلى ارتفاع الطاقة الإنتاجية وهو ما يصاحبه تراجع التكلفة الفعلية، وبالتالي تراجع الأسعار للمستهلكين، وتحريك المبيعات بالأسواق، إضافة إلى زيادة في تنافسية الصادرات نتيجة تراجع التكلفة الإجمالية على الصناعات المختلفة، حسب حجم مكون الغاز منها.
ويرى هلال، أن معدلات التشغيل من الممكن أن ترتفع للطاقة القصوى 100%، فى حال إقرار الحكومة الاستمرار في حوافزها للقطاع، والجميع يترقب قرارات بضوابط تقضى بإلغاء الضريبة العقارية المفروضة على المصانع، علما بأن هذه الضريبة تثقل كاهل المصنعين وتحد من قدرتهم الإنتاجية بشكل كبير.
وكان مجلس الوزراء أعلن الربع الأخير من 2019 الموافقة على أسعار الغاز التى انتهت إليها اللجنة الوزارية، بحيث يكون 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لصناعة الأسمنت، و5,5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لصناعات: الحديد والصلب، والألومنيوم، والنحاس، والسيراميك والبورسلين.
واعتبر هلال، أن أي قرار مرتقب لخفض أسعار الغاز للمصانع سيكون خطوة كبيرة على الطريق الصحيح ويصب فى مصلحة الصناعة بشكل كبير، لأن الأسعار المعلنة الحالية للغاز أعلى من السعر العالمى، حيث سيساعد هذا القرار على تضييق الفجوة بين الأسعار المحلية للغاز والأسعار العالمية.
وتعد صناعة الحديد من بين القطاعات المرشحة لتحقيق طفرة وتطورات كبيرة في حال اقرار الحكومة تعديلات جديدة على أسعار الغاز، حيث يشكل عنصر الطاقة نسبة لا بأس بها من إجمالى تكلفة الإنتاج، وبالتالى فإن خفض أسعار الغاز يعتبر دفعة قوية لتحقيق التوازن داخل السوق المحلية ويدفع المنتجين للتوسع خارجيًا أيضا، علما بأن الحديد عصب رئيسى للتنمية فى الوقت الحالي، وفق الدكتور خالد الشافعى رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية.
أما بالنسبة لصناعة الأسمنت، فيتوقع فاروق مصطفى العضو المنتدى لإحدى الشركات المنتجة للأسمنت، أن يظهر تأثير تراجع سعر الغاز على القطاع في حال الاقدام عليه، مضيفا "بالنظر إلى التطورات التى طرأت على هذه الصناعة فى الفترة الأخيرة، أبرزها ظهور طاقات إنتاجية جديدة ساهمت فى زيادة كبيرة للمعروض عن الطلب مما دفع المصنعين لاستخدام مزيج من الطاقة "كهرباء وفحم وغاز وطاقة بديلة من إعادة التدوير"، ولكن أي انخفاض في سعر الغاز قد يترتب عليه العودة إلى استخدام الغاز الطبيعى مرة أخرى كعنصر رئيسى للطاقة، والمساهمة في نمو هذه الصناعة.
في سياق متصل، يرى مصنعو السيراميك، إن أبرز النتائج المرتقبة والمكاسب من قرار خفض أسعار الغاز للمصانع، تتمثل فى زيادة معدلات التشغيل فى المصانع التى كانت تعمل بطاقة إنتاجية منخفضة نسبيا فى وقت سابق حفاظا على مستوى محدد من التكاليف، وفق رؤية المحاسب شريف عفيفى رئيس إحدى الشركات المنتجة ورئيس شعبة السيراميك، والذى قال "بالنسبة لمصانع السيراميك كمثال أتوقع أن ترتفع طاقتها الإنتاجية من 50% إلى 70%.
وطالبت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فى اجتماع عقدته مطلع فبراير الجارى، بضرورة خفض سعر الغاز المورد لمصانع الحديد لنحو 3 دولار للمليون وحدة حرارية ، وقال جمال الجارحى رئيس الغرفة فى تصريحات له، إن خفض اسعار الغاز سوف يساهم في خفض التكلفة وبالتالي رفع تنافسية الشركات وزيادة قدرتها على التصدير، خاصة مع تراجع ملحوظ فى قدرات المنتج المحلى على المنافسة فى الأسواق الخارجية، نتيجة زيادة فى سعر الغاز للمصانع المحلية، فى الوقت الذى تتعامل فيه المصانع بالدول المنافسة على سعر تقريبا 3 إلى 3.5 دولار.