المطالبة بنفقة الأقارب من الدعاوى التي تهم قطاع عريض من المواطنين حيث غالبا في الواقع العملي عقب أن يكبر الأب والأم ويصلان إلى أرذل العمر، وقد أعسرا وزادت احتياجاتهما المعيشية الضرورية من دواء وغيره في حين أن لهم أبناء موسرون، وبالتالي وجب على الأبناء الانفاق على والديهم وديا، وإن لم يحدث ذلك يجوز للأب والأم كبار السن أن يطالبوا الأبناء بدعوى نفقة أقارب.
كما أنه يحدث العكس في كثير من الأحيان، فقد تكون امرأة ليس لها مورد رزق في حين أن ابيها موسر وذو سعة ويسار، وبالتالي لا يمنع قانونا أن تبادر الابنة كبيرة السن برفع دعوى ضد ابيها للمطالبة بنفقة أقارب، وبالقياس على ذلك فيما يتعلق بـ “نفقة الحواشي" فلا يوجد ما يمنع من أن تطالب الأخت أخيها بنفقة أقارب إذا كانت معسرة وحتى العمات والخالات والاعمام والخيلان يمكن لهم أن يطالبوا أبناء الاشقاء بنفقة أقارب.
وكل ما ذكرناه مشروط بأن لا يكون لهم أبناء فإن كان لهم أبناء فالأولوية مطالبة الأبناء، وإن لم يكن لهم أبناء لا يوجد ما يمنع قانونا مطالبة ابن الشقيق أو ابن الشقيقة خاصة وإذا لم يكن هذا الشقيق أو الشقيقة على قيد الحياة، حيث أن الأسرة بمثابة الخلية الأساسية في المجتمع، باعتبارها اللبنة الأولى التي تشكله، وباستقامتها يستقيم المجتمع بأثره، وعلى النقيض تماماَ بانحلالها يتخلخل البناء القويم للمجتمع.
في التقرير التالي، يلقى "انفراد" الضوء على إشكالية "نفقة الحواشي" الذي يغيب مفهومه عن الكثير من الآسر المصرية التي تطالب فيها الأخت أخيها بنفقة أقارب إذا كانت معسرة وتطالب العمات والخالات والأعمام والخيلان، حيث نُظم قانون خاص بالعلاقات الأسرية كجزء من العلاقات الإنسانية، سعيًا لإقامتها على أمتن الدعائم، والالتزام فيها بحسن الصحبة وجميل المعاشرة، وإشاعة السعادة داخل الأسرة – بحسب الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى محمد رضا.
في البداية - جاءت الشرائع السماوية وعلى رأسها الشريعة الإسلامية بمراعاة الحقوق والواجبات في جميع مناحي الحياة، ويأتي مجال التكافل المالي في مقدمة تلك الحقوق، فقد أولاه الإسلام عناية فائقة، ومن بين تلك الحقوق – ويُعد مظهراَ من مظاهر التكافل الاجتماعي – حق النفقة الذي تضافرت نصوص الكتاب والسنة على بيانه، وأفرده المصنفون في الفقه والسنة بأبواب مستقلة تحت مسمى "باب النفقات"، ويندرج تحت هذا الموضوع مسائل يتعامل بها الكثير من الناس، وقد يجهلون الكثير من أحكامه – وفقا لـ"رضا".
لذا فنفقة الأقارب تنقسم إلى ثلاث أنواع:
1- أقارب أصول أم وأب وجد وجدة.
2-قرابة الفروع الولد وأولاده وأولاد أولاده.
3-قرابة الحواشي الأخوة وأولادهم الأعمام والعمات والخيلان والخالات.
أما أصول الشخص من أب وجد وجدة تجب نفقتهم حيث يستند وجوب نفقة الأصل على الفرع إلى قوله: " وقضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك "، وتخضع أحكام الأصل على الفرع في القول الراجح بالمذهب الحنفي إعمالا لحكم المادة 3 مواد اصدار القانون 1 لسنة 2000 التي جاء فيها: " تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية – ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الامام أبى حنيفة".
وبوجه عام فشروط استحقاق نفقة الأقارب هي:
1-أن يكون طالب النفقة معسرا حتى ولو كان قادرا على الكسب، فلا يشترط عجزه عن الكسب حتى يستحق النفقة على فرعه.
2-فإذا كان كسوبا إلا أن كسبه لا فى بحاجته قضى له بما يكمل تلك الحاجة.
3-أن يكون المطالب بالنفقة موسرا وأن يفيض من كسبه ما يفي بحاجة أصله.
وتشمل نفقة الاقارب النفقة بأنواعها الثلاث المأكل والملبس والمسكن، وكذلك بدل الفرش والغطاء وتقدر بقدر ما يدفع حاجة الأصل، وتجب النفقة سواء كان الفرع ذكر أم انثى أي ابن أو ابنة، فإذا تعددت وجب عليهم النفقة جميعا بالتساوي إلا إذا كان هناك تفاوت فاحش فى يسار الفروع الابناء وجب توزيع النفقة بقدر اليسار.
شروط استحقاق نفقة الأقارب
أما شروط استحقاق نفقة الأقارب أن يكون الاصل معسر والفرع - الابن - موسر قادر على الكسب، وتشمل نفقة الأقارب كما ذكرنا في السابق بأنواعها الثلاث مأكل وملبس ومسكن اضافة إلى بدل فرش وغطاء، وتستحق من تاريخ الحكم وليس من تاريخ رفع الدعوى، وتكون الاولوية للأصل الاقرب مثال: نفقة أقارب يطالب بها أب وأم، فالأولوية للأم كما يقدم الأب على الجد.
ماذا إذا كان هناك تفاوت فاحش في يسار الأبناء؟
والحكم الصادر في دعوى نفقة الأقارب يكون مشمول بالنفاذ المعجل طبقا لنص المادة 65 ق 1 لسنة 2000، وتجب النفقة سواء كان الفرع ذكر أم أنثى كما ذكرنا، فإذا تعددوا وجبت عليهم النفقة بالتساوي، وإذا رفعت أم أو أب نفقة أقرب ولها أكثر من إبن، فيمكن مطالبة كافة الابناء بنفقة اقارب في دعوى واحدة، أما إذا كان هناك تفاوت فاحش في يسارهم فيكون توزيع النفقة عليهم بقدر يسار كل منهم".
نفقة الحواشي
أما عن نفقة الأقارب من الحواشي الأخت والاخ وأولادهم والعمة والخالة، فتجب لهم النفقة في حال انعدام وجود الأصول أو الفروع بمعنى ليس لهم ابن قادر على الكسب ينفق، وكذا ليس لهم أب قادر على الكسب يمكن مطالبته بنفقة أو وجودهم مع عدم توافر شروط ايجاب النفقة عليه أي اعسارهم وعدم قدرتهم على الكسب، وبالتالي فالمرأة التي ليس لها ابن أو توفى أبيها ولا يوجد لها أي مصدر رزق او دخل شهري يمكن لها أن تطالب الاخ أو الاخت أو ابنائهم بنفقة الأقارب.
شروط استحقاق الحواشي نفقة أقارب:
1-اتحاد الدين.
2-أن يكون المطالب بالنفقة موسر.
3-وطالب النفقة معسر غير قادر على الكسب.
أما مناط استحقاق نفقة الأقارب هو الإرث فتجب النفقة على من هو أهل للإرث بالنسبة للمدعى، بمعنى أكثر تبسيط إذا كان هناك عمه ليس لها أبناء وابن شقيق، فالعمة إذا توفت تورث ابن شقيقها شرعا لذا وحيث أن ابن الشقيق هذا أهل للإرث، لذا فتجب عليه النفقة لهذه العمة إن طالبته بذلك ...... وهكذا.
كيف تقدر نفقة الأقارب؟
وتقدر نفقة الأقارب بقدر الكفاية، أي بالقدر الذي يكفي الحاجة الضرورية لمعيشة طالب النفقة، وتسقط بموت المحكوم له أو المحكوم عليه ويحكم بها من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ رفع الدعوى أو من تاريخ الامتناع السابق على رفع الدعوى، هذا ولا يغنى عن البيان الاشارة إلى وجوب اللجوء إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية وعمل تسوية مطالبة بنفقة أقارب قبل رفع الدعوى.
وعقب رفع الدعوى وانعقاد الخصومة يطلب التصريح بالتحري عن صافي دخل المدعى عليه الشهري، وذلك لتحديد نفقة الاقارب المستحقة عليه على ضوء مدى سعته ويسار حالته المالية، وتستحق نفقة الأقارب من تاريخ الحكم بها لاندفاع الحاجة قبلها فلا يجوز المطالبة بها عن مدة ماضية، والحكم الصادر فيها يكون مزيل بالصيغة التنفيذية استنادا للمادة 65 ق 1 لسنة 2000، ويجوز تنفيذ الحكم الصادر بنفقة الأقارب بكافة طرق التنفيذ بما فيها بنك ناصر الاجتماعي، ويجوز التنفيذ من خلال بنك ناصر استنادا للمادة 72 ق 1 لسنة 2000: "على بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والاجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الوالدين".