بهدوء، كانت الأمور تسير فى ألمانيا نحو فترة حكم جديدة لنون النسوة، وكان الحديث عن أن وزيرة الدفاع أنجريت كرامب كارينباور ستخلف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى قيادة البلاد بعد الانتخابات الفيدرالية المقررة العام المقبل، لكن ضربة موجهة من داخل حزب ميركل وكارينباور غيرت الحسابات تماما، بعد أن أعلنت الأخيرة أنها لن تترشح لمنصب المستشارية خلفا لميركل، كما أن ستتخلى عن زعامة حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطى المكون للائتلاف للحاكم مع الديمقراطيين الاجتماعيين.
وقد أكدت كرامب-كارينباور عدم اعتزامها الترشح لمنصب مستشارة البلاد خلفًا لأنجيلا ميركل في الانتخابات الفيدرالية العام المقبل، لكنها أشارت على أنها ستظل رئيسة للحزبحتى يتم العثور على مرشح آخر، إلى جانب احتفاظها بمنصب وزيرة الدفاع حتى نهاية الدورة التشريعية التي تستمر حتى خريف عام 2021. وقالت أنجريت: "لا أعتقد أن قراري سيؤثر على استقرار الائتلاف الحاكم الذي تقوده ميركل مع الديمقراطيين الاجتماعيين".
وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على هذا القرار، وقالت إن هذه الخطوة تمثل هزيمة لميركل وربما لألمانيا وأوروبا كلها.
وأوضحت الصحيفة أن الاستقالة، التى جاءت بعد انتصارا انتخابى حققه اليمين المتطرف فى البلاد، تعزز إحساسا عميقا بوجود ضائقة سياسية فى ألمانيا فى الوقت الذى تنظر فيه عواصم الدول المجاورة إلى برلين لقيادة أوروبا فى فترة ما بعد خروج بريطانيا منت الاتحاد الأوروبى.
وفى ظل ما تواجه البلاد من صراع حول من يخلف المستشارة الألمانية فى منصبها، تواجه ألمانيا شعورا غير مريح بتكرار هذا الأمر من قبل، حيث يشبه صعود النازيين فى القرن الماضى.
ونقلت الصحيفة عن أندريا روميل، أستاذ السياسة فى كلية هيرتى للحكم فى برلين، قولها، إن ألمانيا فى حاجة ماسة إلى رؤية وإستراتيجية كبرى وقيادة، لكنها ستكون مشغولة للغاية بنفسها فى العام المقبل، وهذا سيكون خطير. وتتابع نيويورك تايمز قائلة إن ما كان هزيمة لميركل وكرامب كارينباور كان انتصارا لليمين المتطرف.
ففى الأسبوع الماضى صوت فرع محلى لحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى الذى تنتمى إليه ميركل مع حزب البديل لألمانيا المنتمى لليمين المتطرف فى انتخاب حاكم ولاية تورنجيا، مما يمثل انتهاكا لسياسة عدم التحالف مع اليمين المتطرف.
وكان هذا التصويت تحديا للزعيمة الوطنية للديمقراطيين المسيحيين كرامب كارينباور وكشف افتقارها للسلطة على حزبها المنتمى لليمين الوسط، وأسفر ذلك عن خمسة أيام من الاضطراب السياسى، ثم الإعلان المفاجئ عن تنحيها من قيادة الحزب وعن ترشحها لخلافة ميركل فى منصب المستشارة.
كما كشف ذلك أيضا، بحسب الصحيفة عن النفوذ الزاحف لحزب البديل لألمانيا على الاتجاه السياسى للبلاد. وقد أدى هذا إلى احتجاجات بمن قبل العديد من الألمان فى مدن كبرى عبر البلاد يرددون شعارات مناهضة للفاشية.
من جانبها، قالت صحيفة تايمز البريطانية إن خطط من يخلف ميركل فى قيادة ألمانيا أصبحت ممزقة بعد قرار كرامب كارينباور، مما يشير إلى فترة من الاضطراب وعدم الاستقرار والتى قد تستمر حتى نهاية العام.
ولفتت إلى أن استقالتها من أعلى منصب فى الحزب ستؤدى إلى سباق طويل على القيادة الذين سيجعل أنصار ميركل الراغبين فى إبقاء الحزب على المسار الليبرالى فى مواجهة مع المحافظين الذين يعتقدون أنه سيكون من الأفضل العودة إلى قيمه القديمة.