استمرار الجدل حول وقوع الطلاق الشفوى الذى أثاره "سعد هلالى".. "هيئة كبار العلماء" تشكل لجنة لبحث الأمر.. عميد أصول الدين: وهم ولم يقل به أحد من الفقهاء.. و"هلالى": أطالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية

ما زال الخلاف دائر بين المؤسسة الدينية الرسمية متمثلة فى الأزهر الشريف، وبين صاحب قضية عدم وقوع الطلاق الشفوى إلا بتوثيقه، وهو الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والتى أثارت جدلا واسعا فى الأوساط الدينية فى مصر بمختلف مناهجها، ما بين مؤيد ومعارض، لدرجة أن الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الاعلى للشئون الإسلامية، قام بتحريك دعوى قضائية تطالب بعدم وقوع الطلاق الشفوى، وذلك تأييدًا لما قاله الدكتور سعد الدين هلالى.

على مدار الجلستين السابقتين لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أخذت قضية وقوع الطلاق الشفوى، حيزاً كبيراً من نقاشات الهيئة ففى الجلسة الأولى "ذهب الأغلبية إلى وقوع الطلاق الشفوى مع إثباته بالوثائق حفظا للحقوق "، وفى الجلسة الأخير منذ يومين برئاسة الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تقرر تشكيل لجنة من فقهاء المذاهب الأربعة بالإضافة إلى الاستعانة بمتخصصين فى الحديث والتفسير والتاريخ والقضاة، من اجل الوصول إلى قرار نهائى بشكل تلك القضية، وعرض ما سيصدر عن تلك اللجنة على اجتماع هيئة كبار العلماء فى جلستها القادمة لمناقشته ومن ثم اتخاذ القرار النهائى.

الدكتور عبد الفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أكد فى تصريحات لـ "انفراد"، أن هذا الكلام لم يقل به احد من الفقهاء قاطبة لأن الطلاق زمن الفقهاء لم يكن له ما يسمى بالتوثيق ولا قسيمة زواج ولا طلاق ولا "كلام فاضى ده كلام طرأ مؤخرا"، والمشرع المصرى وضعه كقانون عند خراب الذمم لما انتشرت ظاهرة إنكار الأولاد وعدم الاعتراف بالزواج عند دب الخلاف ووقوع النزاع المشرع المصرى رأى تقنين هذا الأمر من أجل أن يثبت حقوق الزوجة.

وأضاف إنما هل يعقل أن كل واحد من الناس إذا اختلف مع زوجته ينصب مجلس طلاق ويأتى بالمأذون ويأتى بالشهود يقول لهم أشهدكم أنى طلقت زوجتى كيف يكون هذا، فهذا نوع من الطرف ما ينبغى أن يلتفت إليه، والطلاق لا يتأتى إلا عند وقوع النزاع ووقوع النزاع قد يقع بين الرجل وزوجته داخل غرفة النوم فلست ادرى على أى أساس بنى هذا الوهم وكلامه لم يقل به فقيه من الفقهاء.

من جانبه قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه لا يصح أننا نأخذ الفتوى الفردية فى هذا العصر لابد من الفتوى الجماعية، نحن نريد الفتوى التى تعتمد على العقل الجمعى من المتخصصين، أما فتوى الفرد يجب أن تتوقف الآن نحن فى مجتمع متغير كل يوم لابد أن يأخذ رأى المؤسسات العلمية كل فى تخصصه اما أن يخرج شخص بفتوى معينة قد يكون يعتمد على رأى ما ولكن يكفينا أننا نجتمع على فتوى جماعية" لا تجتمع امتى على ضلالة" وهيئة كبار العلماء ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية والفتوى بالأزهر هى التى يعتمد عليها.

وردا على ذلك وتوضيح لرأيه قال الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، أنه أصدر كتابا عن الطلاق الشفوى، بعد كتابته عدة مقالات كانت تنشر بانفراد، مشيرا إلى أننا فى حاجة إلى دراسة أن ندرك أين نحن من واقعنا المعاصر بمعنى لسنا فى حاجة إلى دراسة هل يقع طلاق الغضبان أو المكره أو الناسى والذى لا ينوى الطلاق أو طلاق الذى يهدد الزوجة ولا يريد الطلاق، ليست هذه القضية وإنما القضية هل نحن نعيش فى 2016 أم نعيش فى عام 1931.

وأضاف من أهم الفتاوى المتجمدة التى توقف فيها عقل أوصياء الدين عند زمن ما قبل الأول من أغسطس سنة 1931م عندما صدرت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 والذى ينص فى مادته رقم (17) على أنه: "لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج فى الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931م ما لم يكن الزواج ثابتًا بوثيقة رسمية"، هى الفتوى بوقوع الطلاق الشفوى على الزوجة الموثق عقد زواجها رسميًا فى سجلات الدولة حتى تاريخ الناس اليوم، فمع أن الزوجين قد استدعيا مندوب الدولة باختيارهما، وتوجهت إرادتهما إلى توثيق العصمة رسميًا بما يجعلهما على بينة من أمرهما، وأن الزوجة فى ظل هذا التوثيق لا تملك فى القضاء الشرعى أمر نفسها ولا تبدأ عدة الطلاق إلا من يوم تحرير طلاقها رسميًا، كما أن الزوج لا يملك فى القضاء الشرعى الزواج بخامسة وعلى ذمته رسميًا أربع نسوة حتى ولو زعم طلاقهن شفويًا، وكأن الزوج بتوثيقه لعقد زواجه رسميًا قد اشترط على نفسه أن لا يحدث طلاقًا شرعيًا إلا بالتوثيق الرسمى مما يجعل طلاقه الشفوى لغوًا؛ عملًا بما أخرجه البخارى عن عقبة بن عامر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"؛ خاصة وأن تعريف الطلاق عند الفقهاء هو "حل رباط الزوجية بلفظ الطلاق ونحوه" وليس مجرد التلفظ بالطلاق. وكان هذا ما كانت المادة (17) من المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 1931م تهدف إليه، ولذلك صدر فيما بعد القانون رقم 100 لسنة 1985م المعدل للقانون رقم 25 لسنة 1929م بشأن بعض أحكام الأحوال الشخصية، وأضاف المادة الخامسة مكرر والتى تنص أنه: "على المطلق أن يوثق إشهاد طلاقه لدى الموثق المختص خلال ثلاثين يومًا من إيقاع الطلاق... وتترتب آثار الطلاق من تاريخ إيقاعه إلا إذا أخفاه الزوج عن الزوجة فلا تترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به".

وقد كان الناس قديمًا قبل الأول من أغسطس سنة 1931م يبرمون عقد الزواج شفويًا فكان المنطق الطبيعى أن يتم حل هذا الرباط بلفظ الطلاق الشفوى على وضع معتبر. أما بعد توثيق الناس لعقود زواجهم رسميًا فإن طلاقهم يجب أن لا يتم إلا بالتوثيق الرسمى لأنه السبيل الوحيد لحل رباط الزوجية الرسمى.

وأضاف ومع هذا الوضوح الفقهى فى عدم الاعتداد بالطلاق الشفوى للمتزوجين رسميًا إلا أن أوصياء الدين يشاغبون بتشكيك عامة الناس فى عقولهم السوية وفى منطقهم السليم وفى قلوبهم المؤمنة بإيهامهم أن الطلاق الشفوى كان هو المعوّل عليه فى حل رباط الزوجية منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، متجاهلين أن الزواج كان كذلك شفويًا. أما وقد اختار الإنسان الانتفاع بحضارة عصره من توثيق الزواج الذى يضبط العلائق فى المجتمع ويضمن حقوق الأطراف ذات العلاقة عملًا بقوله تعالى: "إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمىً فاكتبوه" (البقرة:282)، فكان المنطق الطبيعى أن يتبع الطلاق نظام الزواج، فالزواج الشفوى يكون الطلاق فيه شفويًا، والزواج الرسمى يكون الطلاق فيه رسميًا.

وكشف هلالى أن الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الجامع الأزهر الراحل كان قد تقدم بمذكرة علمية إلى مجمع البحوث الإسلامية آملًا صدور قراره بعدم احتساب الطلاق الشفوى للمتزوجين رسميًا إلا أن صوت الأوصياء كان هو الأقوى، حيث أكد الشيخ سيد العراقى المدير العام السابق لإدارة البحوث والتأليف والنشر بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أن قضية الإشهاد على الطلاق وتوثيقه كان أول من أثارها الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر السابق، لكن اقتراحه قوبل باعتراض شديد من العلماء خاصة من الشيخ محمد خاطر مفتى الديار المصرية فى ذلك الوقت رغم أن الشيخ جاد الحق عرض الاقتراح بطريقة جيدة، وقال: إن بعض الناس يحلفون بالطلاق بصورة روتينية فى كل كبيرة وصغيرة، وإذا قلنا بوقوع مثل هذا الطلاق فإننا سوف نطلق الكثير من السيدات ويتم تفكيك آلاف الأسر وتشريد الأبناء، وربما لا يكون الأزواج يقصدون إيقاع الطلاق، وإنما يريدون الحلف فقط لتأكيد كلامهم ونحو ذلك.

وأضاف الشيخ العراقى أن شيخ الأزهر السابق (الشيخ جاد الحق) طلب أن يكون الطلاق مثل الزواج لا يتم إلا بحضور شاهدين وبوثيقة رسمية. واستند فى كلامه إلى الكثير من الأدلة الشرعية. وأوضح أن ذهاب الزوجين إلى المأذون لايقاع الطلاق وإحضار الشهود يؤكد رغبتهما الحقيقية فى إيقاع الطلاق. أما أن يحلف الزوج بالطلاق فى بيع أو شراء، أو مشاجرة أو جدال فهذا ينبغى ألا نلتفت إليه. لكن إذا رغب الزوجان فى إيقاع الطلاق فعليهما الذهاب إلى المأذون، ولو قررا التراجع عن الطلاق قبل الوصول إلى المأذون فلهما الحق فى ذلك.

وأشار إلى قول الشيخ العراقى إلى أن علماء مجمع البحوث الإسلامية رفضوا اقتراح الشيخ جاد الحق وتمسكوا برأيهم، وقالوا أن هذا الكلام يخالف الحرية الشخصية للمرأة والرجل، ويخالف الاجتهاد. وتم حذف هذا الاقتراح من مضبطة المجمع، مؤكدًا أن هذه القضية تحتاج إلى جرأة وشجاعة من العلماء لتنفيذ هذا الاقتراح، وكذلك إقناع العلماء الذين يرون أن قصر وقوع الطلاق على الإشهاد والتوثيق على يد المأذون فيه حجر على حرية الإنسان خاصة المرأة".

وأكد الدكتور سعد هلالى أنه تقدم فى كتابه بمقترح للشعب المصرى وهو: استصدار تعديل على قانون الأحوال الشخصية المصرى، ويثبت فى وثائق الزواج الرسمية ليعلمه الزوجان عند إبرام عقد زواجهما، وينص فيه على أنه: "لا يعتبر طلاقًا شرعيًا للمتزوجين بوثائق رسمية إلا ما يتم بالتوثيق الرسمى".




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;