تحاول جماعة الإخوان الإرهابية بشتى الطرق تشويه مؤسسات مصر، وأغلب الدول المدرجة فيها على قوائم الإرهاب كالسعودية والإمارات والبحرين، بشائعات كثيرة وتصريحات مضللة، ومن ضمن هذه الشائعات أن السلطات التنفيذية في هذه الدول تتدخل في العدالة القضائية، لكن قصة رجل الأعمال التركى "عثمان كافالا" تبدد كل مزاعم الإخوان وممولهم الرئيسى رجب طيب أدروغان.
فليس من الغريب أن تحدث انتهاكات في تركيا بحق معارضين "أردوغان" أو أن يتم اعتقال أحدهم بتهم جديدة بعد ساعات من الإفراج عنه وتبرئتهم، لكن المثير للدهشة هو استهداف الرئيس التركي لمعارض بشكل مباشر، والتحدث عنه فى خطاباته للتأكيد على أنه "لن يفلت من السجن"، وهذا هو ما حدث مع رجل الأعمال عثمان كافالا.
قصة "عثمان كافالا" تفضح تدخل الرئيس التركى فى الشأن القضائى التركى من أجل التخلص من معارضيه، كما أنها تطرح العديد من التساؤلات، لماذا يخشى "أردوغان" من خروج رجل الأعمال عثمان كافالا من السجن، ولماذا يٌصر على التدخل مستخدما كل سلطاته بشكل غير قانونى لمنع إطلاق سراح "كافالا"؟.
عثمان كافالا والقضاء التركى
مؤخرا برأ القضاء التركى عثمان كافالا من التهم الموجه له، إلا أن أدروغان تدخل سريعا لمنع إطلاق سراحه الأمر الذى دفع رجل الأعمال المعروف بنشاطه الخيرى يصدر بيانا أتهم فيه الرئيس رجب طيب أردوغان التدخل لمنع إطلاق سراحه عقب تبرئته فى قضية ضلوعه فى احتجاجات شهدتها تركيا فى 2013، ما تسبب فى إعادة القبض عليه.
وكان كافالا ضمن تسعة أفراد جرت تبرئتهم يوم الثلاثاء من تهم تتعلق بالاضطرابات التى وقعت فى متنزه جيزى بارك قبل سبع سنوات. وأعيد القبض عليه بعد ذلك وإيداعه السجن بتهم تتعلق بمحاولة الانقلاب الفاشلة التى وقعت عام 2016.
وقد نفى أردوغان مرارا التدخل فى قرارات القضاء ويصر على أن القضاء التركى مستقل، وقال كافالا فى بيان إن أحكام البراءة فى قضية جيزى بارك مثلت خطوة إيجابية كان يأمل فى أن تساعد المجتمع على فهم مشاكل القضاء ويكون لها أثر فعال فى عملية التعافي.
وأضاف "ومع ذلك للأسف أجهض تدخل الرئيس هذه الفرصة وجرى إلقاء القبض على مرة أخرى بادعاء أكثر بعدا عن المنطق والقانون من المرة الأولى".
وتابع كافالا "الادعاء أننى خططت محاولة الانقلاب هو ادعاء أكثر بعدا عن المنطق بكثير عن تهمة أننى من نظمت احتجاجات جيزى ويظهر دافعا خفيا مضمرا".
التحقيقات مع كافالا
وفى أحدث تحقيق بحقه، يواجه كافالا اتهامات بمحاولة الإطاحة بالنظام الدستورى فى محاولة الانقلاب التى وقعت فى 15 يوليو فى عام 2016، والتى تقول أنقرة إنها من تنفيذ أنصار رجل الدين فتح الله كولن الذى يعيش فى الولايات المتحدة.
وشكلت احتجاجات جيزى بارك أحد أكبر التحديات التى واجهها أردوغان منذ وصول حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه إلى سدة الحكم فى 2002. ووصف أردوغان يوم الأربعاء الاحتجاجات بأنها كانت هجوم ضمن سلسلة من الهجمات التى قال إنها أفضت إلى محاولة الانقلاب.
الربيع التركى ضد أردوغان
منصات إعلامية تركية معارضة كشفت التصريحات التى أدلى بها عثمان كافالا رجل الأعمال التركى المتهم فى الأحداث، حيث أشارت إلى أنه قال أثناء محاكمته: "أحداث جيزى مثل الربيع العربى التى دعمها أردوغان فلماذا تعتبرون تظاهرات جيزى مؤامرة وانقلاب".
أعربت فرنسا عن قلقها العميق حيال إعادة اعتقال رجل الأعمال "عثمان كافالا" الشخصية المعروفة في المجتمع المدني في تركيا.
من هو عثمان كافالا؟
وولد كافالا البالغ من العمر 63 عاما، في العاصمة الفرنسية باريس، ودرس في "كلية روبرت"، وهي مدرسة خاصة في إسطنبول، ثم درس الاقتصاد في جامعة مانشستر البريطانية.
عقب وفاة والده عام 1982، تولى إدارة أعمال أسرته المتمثلة في مجموعة شركات "كافالا". وفي عام 1983 اتجه للعمل في شركة النشر "إليتيسم يينلاري" (İletişim Yayınları).
ومنذ عام 2002، عمل كافالا بشكل مكثف في مشاريع خيرية من خلال "مؤسسة ثقافة الأناضول" (Anadolu Kültür)، التي تدير مراكز ثقافية في المناطق غير المتطورة في تركيا، وتعزز التعاون الثقافي مع دول بالاتحاد الأوروبي.
وتعمل "مؤسسة ثقافة الأناضول" على تعزيز حقوق الإنسان من خلال الفنون، بما في ذلك مع أرمينيا المجاورة، التي لا تربط تركيا بها علاقات دبلوماسية، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
إدانات دولية
وأثار اعتقال كافالا مجددا بعد قرار تبرئته، انتقادات وإدانات دولية للنظام التركي، وللضغوط التي يمارسها أردوغان على المحاكم
المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية - في بيان أوردته قناة (فرانس 24) الخميس الماضى قال - "إن فرنسا قلقة جدًا بعد القرار الذي اُتخذ في 19 فبراير الجاري باعتقال عثمان كافالا مجددًا"، داعية تركيا إلى احترام تعهداتها الدولية خصوصًا معاهدة حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وأضافت "أن باريس ستستمر باهتمام في متابعة المحاكمات بحق ممثلي المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الانسان في تركيا خصوصا "تانر كيليتش" ومتهمين آخرين، في إشارة إلى رئيس فرع منظمة العفو الدولية في تركيا ومدافعين آخرين عن حقوق الانسان يحاكمون بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية ما يعني السجن لمدة تصل الى 15 عامًا".
كما انتقدت وزارة الخارجية الألمانية القرار في تغريدة عبر تويتر، قائلة: "نحن مصدومون بسبب إعادة اعتقال عثمان كافالا بعد تبرئته مباشرة"، داعية إلى "توضيح سريع يتماشى مع معايير حكم القانون التي تلتزم بها تركيا".
من جانبه، كتب مقرر البرلمان الأوروبي الخاص بتركيا، ناتشو سانتشيث آمور، على تويتر: "لا سبيل للثقة بأي تحسن في تركيا إذا كان الادعاء يقوض أي خطوة للأمام. عودة من جديد إلى العصر المظلم".
ووصفت إيما سينكلير-ويب، مديرة منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بتركيا، أمر الاعتقال بأنه "غير قانوني وثأري" ويتجاهل حكما للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ديسمبر، يطالب بإخلاء سبيله فورا. كما انتقدت منظمة العفو الدولية هذا القرار.