بدافع التربية وتعديل السلوك، يتورط بعض الآباء والأمهات فى ارتكاب جرائم فى حق أبنائهم، وتصل تلك الجرائم إلى القتل، حيث يبدأ الأمر من ضرب الابن لتأديبه، ونتيجة للانفعال الزائد، وعدم التحكم فى النفس، ينتهى إلى جريمة قتل.
القانون لم يعاقب الوالدين على ضرب الأبناء طالما أن الأمر لم يتخطى الضرب الطبيعى المباح، غير المتسبب فى أى إيذاء، وفى حالة تسبب الضرب فى جريمة، سواء كانت عاهة مستديمة، أو قتل، يتم معاقبة المتهم دون النظر إلى صفته، حيث لا يتعاطف القانون مع الجانى لكون صفته أحد الوالدين.
افتقاد ثقافة التربية، واللجوء للعنف فى التعامل مع الأبناء هو التحليل النفسى لانتشار تلك النوعية من الجرائم فى المجتمع، والتى كان آخرها، تورط عامل فى قتل ابنه البالغ من العمر 13 سنة، باعتدائه عليه بالضرب بواسطة عصا حتى فارق الحياة، ومحاولته دفنه دون الحصول على تصريح دفن هربا من العقوبة، وعقب اكتشاف الجريمة، وسؤاله من جانب رجال المباحث عن الدافع وراء قتله قال " كنت بربيه، هو فى حد يقتل ضناه"، معللا ارتكابه الجريمة لسوء سلوك ابنه، وتعدد الشكاوى من تصرفاته.
فى أوسيم انهال عامل على ابنه البالغ من العمر 22 سنة بالضرب بواسطة عصا، حتى فوجئ بمفارقته الحياة من شدة التعذيب، الأب المتهم ذكر أن ابنه كان دائم تعاطى المواد المخدرة، وأنه حاول منعه أكثر من مرة، وتقويم سلوكه، إلا أنه كان يرفض الاستجابة له، فلم يجد أمامه وسيلة سوى بالاعتداء عليه بالضرب، إلا أنه لقى مصرعه.
وفى محافظة الإسماعيلية أنهى عامل حياة ابنه البالغ من العمر 19 سنة، حيث انتهز فرصة نومه وطعنه بسكين، ثم قطع جثته لأشلاء، واعترف المتهم بارتكاب الجريمة، لإدمان ابنه للمخدرات، بالإضافة إلى سوء سلوكه، وارتكابه جرائم سرقة.
الدكتور أحمد الجنزورى أستاذ القانون بجامعة عين شمس، قال أن من ضمن أسباب الإباحة لضرب الأب أو الأم للابن وليس تعذيبه، هو حق التأديب، فهو حق ثابت للوالدين، طالما أن الضرب كان طبيعيا ولم يتعدى إلى ارتكاب جريمة، مثل الضرب الذى يفضى إلى الإصابة بعاهة مستديمة، أو الضرب الذى يفضى إلى الموت، فحينها تقع العقوبة على مرتكب الجريمة.
أضاف الجنزورى أنه حين تقع جريمة من جانب الوالدين تجاه الأبناء بدافع التربية، وتحسين السلوك، فحينها يتم معاملتهما كالشخص الطبيعى دون النظر إلى صفتهما، حيث لا يتم النظر إلى اعتبار المتهم هو أحد والدى الضحية، ويتم توجيه التهمة له، سواء كانت ضرب أفضى إلى موت، أو الإصابة بعاهة مستديمة، أو قتل خطأ.
وذكر الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى أن بعض الآباء يفقدون تربية أبنائهم، وحينما تقع أخطاء من جانب الأبناء، يتذكر الآباء السلوكيات الواجب على أبنائهم اتباعها، فيلجأون إلى العنف لإعادة الأبناء إلى تلك السلوكيات، فى محاولة لتعديل سلوكهم، ومعاقبتهم على سوء الأفعال التى يرتكبونها، فيتحول الأمر إلى جريمة قتل.
وقال استشارى الطب النفسى، أن العديد من أولياء الأمور يفتقدون ثقافة التربية، والثقافة الدينية والأخلاقية، وهو ما يؤدى إلى وقوع الأبناء فى العديد من الأخطاء، وحينها يتذكر الآباء دورهم محاولين العمل على تقويم سلوكهم، إلا أن افتقاد ثقافة التربية يدفعهم إلى التعامل بعنف، حتى لو كان الخطأ الواقع من الأبناء لا يستحق، فيتسبب الضرب إلى إنهاء حياة الابن أو الابنة، خاصة صغار السن.
وطالب استشارى الطب النفسى، بضرورة تواصل الآباء مع أبنائهم، مع اكتساب طرق وثقافة التربية، وكيفية التعامل معهم خاصة صغار السن، وعدم اللجوء إلى العنف فى التعامل مع الأطفال.