يوسف أيوب يكتب: معركة ضد الهيمنة الإيرانية وليس صراع سنى شيعى الصدام العسكرى لن يحدث بين العرب وإيران والولايات المتحدة سعيدة بالتوتر ولن تنهيه ونجاح المحور العربى التركى مشروط بموافقة مصر

ـ أجهزة المخابرات ستقود معركة لتطويع الفكر.. وتركيا أكبر المستفيدين لتنافسها مع طهران على الأقليم هل المنطقة مقبلة على صدام عسكرى سعودى إيرانى أو صراع سنى شيعى؟.. هذا هو السؤال الأكثر تردداً فى المنطقة بكاملها، إن لم يكن العالم الذى يتابع تطورات الأحداث بين السعودية وإيران والتى وصلت إلى إعلان المملكة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وتبعتها البحرين التى أعلنت أمس قطع علاقاتها مع طهران.

بداية يجب الأشارة إلى أن الشرق الأوسط يشهد بالفعل حرب لم يبدأها السنة، وإنما بدأها حزب الله الشيعى عندما احتل العاصمة اللبنانية بيروت فى 2008، فحينما حدث ذلك ظهر كأنه ضوء أحمر للسعودية خاصة أن السعوديين الأكثر قلقاً من التواجد الشيعى فى المنطقة، وبالتالى فان إيران هى التى تسأل عن مقدمات هذا التوتر الذى بدأته إيران حينما قالت قبل عدة أشهر أنها تسيطر على أربع عواصم عربية، وهى من تستخدم المذهب الشيعى للترويج للقومية والهيمنة الإيرانية وليس الهيمنة الشيعية، فطهران دخلت فى تنافس على الإقليم، وبالتالى يحاولون جذب السعودية إلى هذه المعركة، التى تحاول أصباغها بالصبغة المذهبية، رغم أنها بعيدة تماماً عن المذهب، وترتبط فقط بالهيمنة الإيرانية.

هنا تحديداً يجب على السعودية أن تنتبه لخطورة ما تخطط له إيران، وألا تدير الصراع فى صورة صراع شيعى سنى، لأنها فى هذه الحالة ستقع فى الشرك الإيرانى، وعلى الرياض أن تقول بأنها تواجه الهيمنة الإيرانية، لأن الصراع السنى الشيعى معناه أننا نقع فيما يدار لنا من جانب الغرب وإسرائيل بأن نصل لمرحلة نتقاتل فيما بيننا كمسلمين، وربما تظهر هنا الحاجة لدى العرب لكى يقفوا فى وضع مناصر للسعودية، لكن هذه المناصرة تكون من منظور أن هناك محاولة إيرانية للهيمنة على الأقليم وليس لأنها دولة شيعية، لأننا لا نريد تقسيم المسلمين.

الهيمنة الإيرانية على الأقليم لها عدة أشكال، فإيران تمتلك مجموعة من الكروت العربية، مثل حزب الله وحماس والحوثيين، سبق أن أستخدمتها فى علاقتها مع الغرب، لكن هذه الكروت الأن لا يتم استخدامها إيرانيا ضد الغرب وإسرائيل، وأنما لتحقيق هيمنة إيرانية على العالم العربى الإسلامى، وهنا ننتقل إلى النقطة الأخرى الاهم، وهى هل إيران وهى تمتلك هذه الكروت قادرة على خوض المواجهة العسكرية مع العرب وتحديداً السعودية؟.. كل الشواهد تؤكد انه لن تحدث مواجهة عسكرية أو حرب بالمعنى العملى، لكن الامر سيقتصر على تدخلات تخريبية إيرانية فى الأراضى العربية، باستخدام ما تمتلكه من كروت، فالمعركة فى الأساس معركة مخابراتية، تقودها أجهزة مخابرات إقليمية وربما دولية مستفيدة من هذا التوتر، ويبرز فى هذه المعركة أدوار وسائل الإعلام والثقافة وقوى التأثير الدينية مثل الأزهر الشريف، بما يشير إلى أن المعركة ستكون حول تطويع للفكر أكثر من محاولة أستخدام البندقية.

السؤال الأن.. وأين تركيا مما يحدث؟.. بداية لابد أن نعترف بأن تركيا دولة انتهازية جداً، ويحكمها نظام حكم يقوم على الانتهازية أيضاً، ونحن فى مصر على علم كامل بهذه الحقائق، فالنظام التركى قبل 2011 كان صديقاً للأنظمة الحاكمة فى مصر وسوريا ومعمر القذافى فى ليبى، لدرجة أن القذافى دعا رجب طيب أردوغان إلى القمة العربية التى عقدت فى مدينة سرت 2010 باعتباره الضيف الرئيسى للقمة، لكن بعدما أنقلب الوضع وظهر أن الغرب يريد تكسير هذه الدول لأغراض خاصة بالغرب، فانقلب الأتراك مباشرة وظهرت انتهازيتهم.

الأمر الأخر أن الأتراك فى تنافس دائم مع إيران منذ 500 عام، وتحديداً فى عهد الشاه الإيرانى عباس صفوى، والسلطان العثمانى سليم الأول وسليمان القانونى، وبالتالى فإن تركيا تحركها نوازع المنافسة مع إيران، وهدف التنافس بين البلدين هو السيطرة على العالم الإسلامى ومن سيهيمن عليه، فضلاً عن ان الاقتصاد التركى نما إلى الحد إنه لم يقتصر على تركيا فقط، وإنما له امتدادات فى دول أواسط أسيا وفى الدول العربية، وهم يبحثون عن انظمة موالية لهم فى المنطقة، وإبداء تفاهمات مع الدول العربية لفتح أسواق هذه الدول أمامها، فهم لديهم رغبة فى فتح الأسواق السعودية والمصرية والأردنية، وأى دولة تتيح لها تحقيق أختراقات أقتصادية وتجارية، فهذه هى العناصر على تحرك أردوغان، لكن فى الأساس يحكمه الانتهازية فى التحرك، فالشخصية التركية تنظر لمناطق الجنوب على أنها مناطق المجال الحيوى العثمانى، وأن إيران حينما تقول أنها تسيطر على عواصم أربع دول عربية فأن هذا التصريح يصيب الأتراك بالجنون.

التنافس التركى الإيرانى على النفوذ يمكن التدليل عليه أنه خلال الفترة من 2006 إلى 2008 تنافس وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو مع نظيره الإيرانى على زيارة لبنان وكانت المحصلة أنهم أكثر وزراء الخارجية زيارة لبيروت .

السؤال التالى.. هل تتقارب تركيا ومصر لمساندة السعودية فى ضد الهجمة الإيرانية؟.. بطبيعة الحال هناك مساعى سعودية كويتية تجرى فى هذا الشأن، كما أن الأردن لديها رغبة فى التوسط، لكن حتى تقبل مصر بهذه المساعى، خاصة المسعى السعودى الذى يهدف إلى تكوين محور عربى تركى ضد محاولات الهينمة الإيرانية فيجب أن يكون الموقف المصرى واضحاً، بربط التقارب مع تركيا بتحقيق شرطين، الاول هو حدوث تراجع تركى كامل عن مسألة التصدى للكم فى مصر، ودعمه للأخوان المسلمين، لأنه بدون التراجع التركى الكامل لا ينبغى لمصر ان تخطو خطوة واحدة تجاه أنقرة، وحينما يتحقق هذا الشرط ننتقل للثانى المتمثل فى أن دول الخليج عليها أن تقف مع مصر بكافة امكانياتها، كما أن مصر تعلن وقوفها مع دول الخليج بكل ما تملكه من أمكانيات، والحديث عن الامكانيات المصرية هنا لا يقتصر فقط على الإعداد البشرى واللوجيستى، وإنما من خلال ما تملكه مصر من قوى تأثير دينية ومدنية واضحة. ونصل إلى مرحلة مهمة فيما يحدث، وهى ما هو موقف الولايات المتحدة مما يحدث؟.. الإدارة الأمريكية الان تتحدث عن امكانية السيطرة على الموقف، والا ينبغى السماح بحدوث توتر فى الاقليم، ويهمها أيضاً أن تستمر أسعار البترول فى هبوطها، لأن هذا الهبوط يساعد على نمو الأقتصاديات الغربية، لكن الولايات المتحدة لن تحاول أنهاء هذا النزاع، فليس هناك شك بأن الولايات المتحدة ربما تكون سعيدة بما يحدث حالياً، حينما ترى ان العالم العربى " السنى" فى صدام مع إيران " الشيعية"، ومصدر هذه السعادة لدى الأمريكان أن إيران لازالت فى مرحلة الضغط عليها لأنها لم تصل إلى مرحلة التطويع الكامل بعد توقيع الاتفاق النووى مع القوى الغربية الست، لذلك فان الولايات المتحدة يسعدها أن يستمر الصراع العربى الإيرانى، باعتباره أحد ادوات التطويع التى يمكن استخدامها فى الضغط على إيران فى ملفها النووى.

الأمر الأخر أن الولايات المتحدة تنظر لما يحدث بقاعدة انه لا ضرر ولا ضرار بأن يدخل الشيعة والسنة فى صراع أو حرب مثل الذى شهدته اوربا بين عامى 1618 و 1648، ولدى الأمريكان والغرب عموماً تصور فى هذا الأمر بأنه من المحتمل ان تنتهى هذه الحرب بتغيير كل المفاهيم الدينية فى المنطقة ربما بحلول 2080.

ولا ننسى ان لواشنطن مصالح مشتركة مع الإيرانيين لأنها فى حاجة لمساعدة الشيعة العراقيين والحرس الثورى الإيرانى لهزيمة ما يمكن تسميتهم بالبرابرة فى الرقة والموصل فى العراق، لذلك فهى لم ولن تنحاز لطرف على حساب الأخر، وأنما ستبقى على مساحة التفاهم والود بينها وبين كل دول المنطقة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;