على الرغم من الحملات الأمنية المكثفة التى تشنها وزارة الداخلية للقضاء على مثلث الجعافرة فى محافظة القليوبية، إلا أن هناك بؤرا مماثلة تحتاج إلى تدخل عاجل من الداخلية للقضاء عليها، خاصة أنها تضم العديد من الخارجين عن القانون، والذين يتسببون فى إثارة الخوف لدى المواطنين، لممارستهم أعمال البلطجة والإجرام والاتجار فى السلاح والمخدرات.
قرى الصف سلاح وسيارات مسروقة
يضم مركز الصف بمحافظة الجيزة عددا من القرى التى أصبحت أحد أهم البؤر الإجرامية، من بين تلك القرى قرية عرب الحصار وعرب الغران وعرب العمارين التى ينتشر فيها السلاح بكثرة، بالإضافة إلى تجارة السيارات المسروقة.
قرية عرب الحصار تضم عددا كبيرا من المسجلين خطر وتجار السلاح، وبها عدد من التشكيلات العصابية التى تخصصت فى سرقة السيارات بالإكراه من الطريق الدولى القريب من القرية ثم يقومون بإعادة السيارات لأصحابها بعد دفع مبلغا ماليا كفدية، وتتم عملية التسليم أسفل الكوبرى الجديد ويسمى كوبرى الإخصاص، الذى يقع فى منطقة جبلية.
أما منطقة عرب العمارين، والتى تنتشر فيها تجارة السلاح بغزارة، خاصة الأسلحة الثقيلة المهربة من ليبيا والسودان، وأيضا تتوفر الذخائر الحية فى هذه المنطقة، وتعتمد على الآبار الجوفية والحشائش الجبلية، وهذا لبعدها عن المناطق السكنية، وتشكل خطرا كبيرا على محافظة الجيزة بأكملها، حيث يستغلون بعدهم الجغرافى فى زراعة مخدر البانجو بمساحات كبيرة وسط الجبال وتعد مركزا لترويج السلاح والمخدرات.
أما قرية عرب الغران تنتشر فيها عمليات سرقة كابلات كهرباء الضغط العالى التى تنقل الكهرباء من السد العالى إلى محافظات مصر، والتى تمر فى المنطقة الجبلية التى تقع بجوار تلك القرية، حيث يقوم اللصوص بقص الأسلاك الكهربائية ليلا من أعمدة الكهرباء بمقصات عازلة للكهرباء، ويقوم اللص بقص أكثر من طن ألومنيوم يوميا، ويقوم ببيعه لأصحاب مسابك الألومنيوم فى المنطقة التى تقوم بصهر الكابلات.
قرية السمطا قلعة الصعيد فى تصدير السلاح
قرية صغيرة تتبع مركز دشنا، بمحافظة قنا تسمى "السمطا"، تشتهر بأنها قلعة الصعيد المصدرة للسلاح، وتنتشر بها الأسلحة الثقيلة مثل "آر بى جى" والجرينوف، القرية التى تقترب من حضن الجبل يحدها من الشرق النيل، تقف شاهدة على العديد من الحوادث والخصومات الثأرية.
يبلغ تعداد أبناء القرية 20 ألف نسمة، ومن يحاول دخولها ليلًا بمفرده يتعرض إما للخطف أو السرقة أو القتل على يد تشكيلات عصابية.
منطقة بحر الرمال لتهريب السلاح الليبى
مناطق الكثبان الرملية وبحر الرمال بجوار واحة الفرافرة، هى الأشهر على خريطة مصر، فى محاولات تهريب السلاح الليبى إلى داخل مصر، ويستخدم فى ذلك سيارات الدفع الرباعى من الأراضى الليبية وصولا إلى واحة الفرافرة ومنها إلى الواحات البحرية وسيوة، التى تزدهر بها تجارة السلاح بكل أنواعه، والتى يعمل فيها الكثير من العائلات التى تحالفت مع تلك الجماعات الإرهابية، فيباع السلاح الخفيف إلى محافظات الصعيد أما الثقيل والشحنات الكبيرة منها فتهرب إلى سيناء.
المنطقة الحدودية الواقعة بين الفرافرة والواحات البحرية وليبيا كانت محط أنظار البؤر الإرهابية والجماعات التكفيرية، بعد واقعة الإعتداء على قوات حرس الحدود، وهو ما جعل المنطقة محط عمليات للجيش المصرى الذى يُدمر بشكل مستمر سيارات الدفع الرباعى القادمة بالسلاح من الحدود المصرية الليبية.
بحيرة المنزلة
تعتبر من أشد البؤر الإجرامية وأشهرها، ويطلق عليها الأهالى فى محافظات الدقهلية وبورسعيد ودمياط مسمى الغابة، نظرًا للخطورة البالغة، وأحداث القتل التى تحدث يوميا فيها، ومؤخرا شنت وزارة التداخلية عددا من الحملات عليها، لكنها لا تزال بحاجة لتدخل أقوى لتطهيرها نهائيا.
أبو هلال قرية تصدير بلطجية المظاهرات
أبو هلال بمحافظة المنيا أحد أكبر مناطق الخطر فى المحافظة، تتزايد فيها عمليات البلطجة والسلب والنهب يومًا بعد الآخر، تعتبر من المناطق المحرمة على الأغراب، وتعتبر من المناطق المصدرة بلطجية المظاهرات، كما ينتشر فيها العديد من تجار المخدرات.
السحر والجمال
تعتبر منطقة السحر والجمال بالإسماعيلية أحد أهم أوكار تجارة المخدرات فى مصر، ويطلق المدمنون على المكان مدينة "السحر والجمال"، نسبة إلى مدينة الإسماعيلية، حيث يقع المكان فى صحراء التل الكبير تحديدا، ويديره مجموعة من العربان والهاربين من الأحكام، ويحصلون على المادة المخدرة من الهيروين، من خلال تهريبها من شمال سيناء، عبر دروب وسط سيناء حتى أبو صوير بالإسماعيلية، إلى أن تصل إلى منطقة السحر والجمال حيث البيع.
ويستطيع أصحاب التجارة المحرمة تخزين بضائعهم فيها بكل بساطة، والحصول على حماية مسلحة قادرة على التصدى للشرطة، إلى جانب قدرة متعاطى المخدرات بأنواعها، بداية من الأقراص المنشطة إلى البودرة والماكس، على الحصول عليها بأسعار تصل لنصف السعر المتداول فى المناطق الداخلية بالقاهرة وبقية المحافظات.
الغمراوى
تعتبر منطقة الغمراوى واحدة من أكبر البؤر الإجرامية فى محافظة بنى سويف نظرًا لطبيعتها الجغرافية، حيث تضم العديد من المسجلين خطر والبلطجية وتجار السلاح، بالإضافة إلى الهاربين من السجون أثناء ثورة 25 يناير، دائما ما تشهد المعارك والمشاجرات المسلحة بين المسلحين، وكان أشهرها مشاجرة دارت بين بلطجية المنطقة وآخرين من بلطجية عزبة الصفيح، واستشهد فيها النقيب هشام كمال الدين طعمة معاون مباحث قسم شرطة بنى سويف متأثرًا بإصابته بطلقين ناريين فى الفخذ أطلقهما عليه مسجل خطر أبو الرجالة، أثناء فضه المشاجرة، وأحالت محكمة الجنايات أوراقه لفضيلة المفتى.
تشن الأجهزة الأمنية العديد من الحملات التى استهدفت رؤساء العمل الإجرامى بالمنطقة، وتم خلالها إلقاء القبض على 65 من المطلوبين، وضبط 125 قطعة سلاح مختلفة الأنواع ما بين آلى وخرطوش ومصنع للأسلحة.
وصرح اللواء السيد جاد الحق مساعد وزير الداخلية رئيس قطاع الأمن العام، فى تصريحات سابقة لـ"انفراد"، أن الأجهزة الأمنية اقتحمت أخطر البؤر الإجرامية وحاصرنا البلطجية وجمعنا السلاح من الخارجين عن القانون، وقضينا على عتاة الإجرام بالمثلث الذهبى فى القليوبية.
وأضاف وضعنا خططا أمنية مُحكمة وسيناريوهات عديدة لاقتحام الجعافرة والمثلث الذهبى فى القليوبية، وقررنا عدم العودة من المنطقة حتى إعادة الهدوء لها، ما أسفر عن مقتل "محمد كوريا" المتورط بقتل المقدم مصطفى لطفى رئيس مباحث قسم ثان شبرا الخيمة بعد اشتباكات بالرصاص مع قوات الأمن.
وتابع اللواء السيد جاد الحق، قضينا على تجارة المخدرات بمنطقة السحر والجمال، وضبطنا كميات كبيرة من المواد المخدرة والسلاح، ونشدد على تنفيذ الأحكام، حتى تكون رادعة لمن تسول له نفسه بعد ذلك ارتكاب الجرائم.
وقال امتدت يد الأمن إلى أقاصى الصعيد، ولاحقنا الشقى الخطر "عبد الرحيم السمطى" من أشهر تجار السلاح بقرية السمطا بدشنا فى قنا، والهارب إلى أسوان، بعد إقامته حصون عاتية وحيازته للسلاح والذخيرة، ونجحنا فى القبض عليه بعد اشتباكات بالرصاص، وضبطنا بحوزته طن بانجو، و3 كيلو أفيون ومدفع جرينوف بـ2 شريط وآر بى جى و4 بنادق آلية و304 طلقات مختلفة و6 "مفجر" وقنبلتين يدويتين وسيارتين بيك أب، وتبين أنه مطلوب فى 3 جنايات قتل واتجار فى مواد مخدرة آخرهم القضية رقم (3738) لسنة 2011 جنايات مركز كوم أمبو والصادر ضده حكم بالسجن المشدد لمدة 15عاما، بتهمة قتل، والمشهور عنه البلطجة وفرض السيطرة والاستيلاء على نحو 400 فدان من أراضى الدولة بناحية وادى النقرة مركز ناصر النوبة.
العميد خالد عكاشة الخبير الأمنى يرجع انتشار البؤر الإجرامية فى معظم محافظات الجمهورية إلى وجود مناطق عشوائية تصلح لأن تكون بيئة حاضنة لهؤلاء، مشيرا إلى أن كل محافظات مصر بداية من العاصمة حتى أطرافها تنتشر فيها المناطق العشوائية.
وتابع أن الحملات الأمنية تزايدت خلال الفترة الأخيرة لأن هذه التجمعات ليست للهواة، لكنها تجمعات خطيرة تصل قدرتها إلى خوض معارك مسلحة فى مواجهة الحملات الأمنية، مشيرا إلى أن القضاء على العشوائيات يستلزم مشروع سياسى ومجتمعى كبير.
وأوضح أن القضاء على البؤر الإجرامية لا يستلزم المواجهات الأمنية فقط، لكن يحتاج إلى مشروع سياسى ومجتمعى كبير من قبل النظام السياسى للقضاء على العشوائيات، قائلا المواجهات الأمنية مطلوبة، لكن لا يجب أن تبقى الحل الوحيد، موضحا أن الأنظمة السياسية منذ زمن مبارك وما أعقبه من أنظمة تدرك حجم المشكلة، لكنها لم تتخذ خطوات فعالة لضرب الأزمة فى مقتل للتخلص منها، قائلا نحتاج إرادة سياسية لتحقيق نجاحات سريعة.