في عصر الكورونا والذي تشهد فيه أسواق المال والاقتصادات العالمية حالات اضطراب مستمرة، فإن عملية استثمار الأموال والاحتفاظ بها أو طريقة استغلالها، اصبحت تشغل الكثير من المستهلكين اللذين لديهم فوائض مالية، والحل إذاً في الاستثمار والتداول، لكن كيفية توجيه هذه الأموال، هو مسار جدل دائم، البعض يلجأ لشراء العقار أو أخرون يفضلون الذهب وفئة قليلة تسعى لاكتناز العملات.
بعض حائزى الفوائض المالية، يريد وضعه في التداول في الأسهم أو أو أى نوع آخر من الأنشطة الاستثمارية، لكن أهم ما ميزات الاستثمار في الأسهم أنك بامتلاكك أسهم في شركة تصبح جزءاً منها، ومع الوقت حين تزداد أرباح الشركة ونموها على الأمد الطويل سوف تستفيد أنت كذلك من ذلك، ليس فقط بارتفاع سعر أسهمك، بل وبأشكال عدة مثل توزيعات الأرباح التي تقدمها الشركة لمساهميها، لكن فى زمن اضطراب أسعار الأسهم فإنك إن لم تراعى حركة صعود وهبوط الأسهم ستتعرض لخسائر كبيرة.
والي جانب الاستثمار في الاسهم، يمكنك ايضا الاستثمار في الذهب، والذي يُعد من الملاذات الآمنة التي يمكن الاستثمار فيها، كما يمكن الاستثمار في الدولار، وذلك باعتباره العملة الاقوى عالميا، ويمكن كذلك الاستثمار في العقارات.
الاستثمار في الذهب:
يُعد الذهب من الملاذات الآمنة التي يمكن الاستثمار فيها، ومن فوائد استثمار المال في الذهب أنه يعمل على الحفاظ على الأموال من عوامل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأخرى، مثل النفط، والدولار، وغيرها، والتي تقع في طرق الاستثمار الأخرى، كما أنه يعتبر الاستثمار الأكثر استقرارا فحتى إذا حدث هبوط في فترات من العام في سعره سيواصل الزيادة على المدى البعيد، ولذلك يعتبر الاستثمار في الذهب هو الملاذ الأمن لأصحاب رؤوس الأموال والأغنياء للحفاظ على ثرواتهم وقيمة أموالهم، وحمايتها من عوامل التضخم وتقلبات الأسواق المالية الأخرى.
وللقيام بالمتاجرة في الذهب، لابد للمستثمر أولا أن يقوم بشراء الذهب ثم الاحتفاظ به لفترة من الزمن وبعدها بيعه وكسب الأرباح، ولضمان نجاح استثمار أموالك في الذهب يجب عليك شراء الذهب والاحتفاظ به لمدة سنتين او ثلاث على اقل تقدير لتضمن نجاح استثمارك، والافضل هو ادخار سبائك الذهب، ويمكن الاعتماد على طريقة المضاربة في الذهب لكن بجزء من المال المخصص للاستثمار.
ويمكن الاستثمار في الذهب عن طريق شهادات إيداع الذهب، وهي شهادات تصدر من جهات معينة مثل البنوك، وبفئات محددة، وتكون بديل للذهب الفعلي، ويمكنك التداول يوميا عبر هذا الشهادات بيع أو شراء دون الحاجة لشراء الذهب أو تخزينه، ويمكن استرداد قيمتها كسبائك ذهبية، كما يكون البيع والشراء بسعر محدد.
وتتنوع طرق وانواع المتاجرة في الذهب بين الادخار والاستثمار وسوق البورصة، فهناك الكثير من الناس الذين يريدون شراء الذهب بعرض الادخار وحفظ الأموال، وهو يعتبر استثمار ناجح جداً، لكن لابد على المستثمر ان يتعامل مع الذهب بطريقة صحيحة حتى لا يتعرض للخسائر.
وهنالك طرق لشراء الذهب، مثل شراء المصوغات الذهبية وحفظها، اما بمكان آمن، او وضعها في ودائع وخزائن بنكية، أو شراء السبائك الذهبية وحفظها للادخار بالطرق السابقة، كما يمكن شراء شهادات ايداع الذهب او شراء الذهب الورقي من البنوك المركزية، وهو صوره اضمن من شراء المصوغات او الذهب الخام او السبائك، ويمكن للمستثمر الاشتراك في صناديق الاستثمار المتداولة للذهب، أو شراء العملات الذهبية النادرة ولاحتفاظ بها وبيعها بسعر اعلى حيث لها طلب كبير.
ولابد لكل مستثمر يريد الاستثمار في الذهب أن يدرك جيدا أن سعر بيع الذهب يختلف عن سعر الشراء، والسبب هو تكاليف المصنعية، فالكثير من الناس يقومون بشراء الحلي الذهبية بغرض الاحتفاظ بها لزيادة سعرها، لكنهم يجدون أنهم خسروا أموالهم بالرغم من ارتفاع أسعار الذهب، ويرجع السبب في ذلك الي سعر التصنيع، فعندما تبيع تلك الحلي تخصم قيمة الحلي والأعمال اليدوية من السعر، والتي قد تزيد عن 10% من قيمة السعر، لذا إذا أردت شراء ذهب بغرض الادخار او الاستثمار عليك بشراء السبائك الذهبية، وليس الحلي الذهبية.
ومن مميزات الاستثمار في الذهب انه يعد وسيلة للحفاظ على قيمة المدخرات بالرغم من صعود وهبوط أسعار الذهب بين لحظة وآخري لأنه مهما حدوث انخفاض او هبوط في سعر الذهب سيرتفع لكنه يحتاج لوقت.
الاستثمار في العملات:
في واقع الأمر فان البنوك الكبيرة سواء متعددة الجنسيات أو العادية فضلا عن المؤسسات المالية الكبرى كانت قد هيمنت تجارة العملات الأجنبية, ولكن حدث تغير نموذجي في طبيعة ونوعية الاستثمار خلال الفترة الماضية، وطبقا لأحد التقديرات, هناك نحو 6 ملايين حساب استثماري صعودا من 1.5 مليون في العام 1997، ونتيجة لذلك, فان الشركات التي بدأت توها تتنافس مباشرة مع المؤسسات المالية الكبرى في خدمة المستثمرين داخل نطاق الاقتصاد الحديث والذي تحركه التكنولوجيا وكان الرابح الواضح في هذا السياق هو العميل.
وقد أدت المنافسة بين الشركات التي تتعامل مع الجمهور وتلك التي لا تتعامل معه بالإضافة إلي الشركات المعتمدة علي الانترنيت الي خفض تكاليف الاستثمار بشكل، كما مكنت المستثمر الفرد من السيطرة علي استراتيجية استثماره الخاصة في مجال تجارة الفوركس.
ووفق خبراء السوق، ينبغي على كافة المستثمرين في سوق الفوركس العلم أن تجارة الفوركس ببساطة هي عبارة عن وصول مباشر لتبادل العملات، وهي عملية الشراء الفوري لأحد العملات في مقابل بيع عملة أخرى، وتتحرك العملات العالمية وفق أسعار صرف عائمة، كما يتم تداولها في شكل أزواج, علي سبيل المثال اليورو دولار والدولار ين والدولار روبية وغيرها.
وفي الماضي فان هذا الأمر كان متاحا فقط للبنوك الكبرى والمؤسسات التجارية، ولكن التطورات التكنولوجيا الحديثة سمحت لصغار المتداولين بالاستفادة من مميزات تجارة الفوركس باستخدام منصات التداول علي الانترنيت, واصبح سوق الفوركس يعمل علي مدار 24 ساعة يوميا، ونحو خمسة أيام في الأسبوع تقريبا.
وفي الوقت الحالي فان التجارة عبر الانترنيت أحدثت ثورة في أسواق العملات بعد ما جعلته متاحا للمستثمرين الصغار وذوي الحجم المتوسط، وربما تكون تجارة الفوركس هي السوق المالي الأكبر في أنحاء المعمورة مع حجم تداولات يبلغ 1.5 تريليون دولار تقريبا.
ووفق السيناريو الحالي فان المستثمرين بات بإمكانهم الاستفادة من المميزات العديدة في سوق الفوركس والتي تزيد عن نظيرتها في أسواق الأسهم والعقود الآجلة والأنواع الأخرى من الاستثمار.
وقد اصبح اغلب المتداولين اليوم يختارون تداول الفوركس بأكثر مما يفضلون تداول الأسهم، وذلك لأنه يوجد تقريبا نحو 4500 سهم مدرجة في بوصة نيويورك فيما 3500 سهم أخر مدرجة في بورصة الناسداك، وفي تجارة الفوركس اليومية , يوجد أربعة أسواق رئيسية , وهناك نحو 34 عملة للنظر عليها.
ويمكن للمستثمرين التركيز علي العملات الرئيسية في السوق والاختيار فيما بينها للتداول, وتتميز تجارة الفوركس بالبساطة والخلو من التعقيدات التي يمكن ان تجدها في أسواق الأسهم والعقود الآجلة.
ان تجارة الفوركس ليست فقط متاحة وسهلة وفرصة استثمارية لا تتطلب رأس مال كبير, ولكن أيضا من حيث التكلفة تعد أكثر كفاءة فيما يتعلق بكل من العمولات أو رسوم التداولات، بشكل عام, فان عمولات تجارة الأسهم تتراوح ما بين 7.95$ – 29.95$ للتجارة الواحدة مع وسطاء الانترنت، فيما تتجاوز 100$ مع الوسطاء التقليديون، علي العكس من ذلك, فان عمولات الأسهم عادة ما تكون مرتبطة بشكل مباشر بمستوى الخدمة التي يقدمها الوسيط، والتي تصل في قمتها مع الوسطاء التقليديون، وصول كامل لأبحاث وتوصيات محللي الأسهم وغيرها، في المقابل فان وسطاء الفوركس يتقاضون عمولات صغيرة جدا ورسوم علي التداولات تكاد لا تذكر.
الاستثمار في العقارات:
يحاول الكثير مؤخراً إستثمار أمواله بسبب عدم الاستقرار في السوق المصري، إلا أن الكثير ليس له المقدرة للمغامرة بالمبلغ والدخول في أي مشروعات سواء صغيرة أو كبيرة، هذا بسبب الخوف من خسارة المبالغ لأي سبب والطرق المختلفة والمضمونة للاستثمار بدون التعرض لأي مخاطر.
يعتبر مجال العقارات مثال حي وواضح للاستثمار وبالتحديد في مصر والتي تمر بفترة من فترات النمو العقاري على مستوى البناء وعلى مستوى البيع والشراء، ويرجع ذلك لظهور مناطق جديدة بشكل نسبي تشجع على الاستثمار العقاري بشكل أكبر مثل القاهرة الجديدة والقطامية بكل مناطقها، ومدينة الشروق، ومستقبل سيتي، وهليوبولس الجديدة، و6 أكتوبر وغيرهم من المدن الجديدة الموجودة أو المخطط لها في المستقبل، إذ تخلق هذه المدن الجديدة فرص كثيرة لمن يفضلوا استغلال أموالهم في استثمار عقاري والتي تزيد أسعارها بنسبة جيدة مع مرور الوقت وفي أسوء الأحوال إذا لم يزيد السعر فلن يحدث خسارة، ولذا يعتقد البعض ان الاستثمار في العقار هو الاختيار الانسب لغالبية المستثمرين.
أيهم أفضل: الاستثمار في العملات، ام الذهب، ام العقار؟
يتساءل الكثير من المستثمرين: ايهما افضل: الاستثمار في الذهب، ام العملات، وتحديدا الدولارات، ام العقارات، وللإجابة على هذا السؤال لابد أولا من الاشارة الي أن الذهب هو افضل وسيلة لادخار الأموال الفائضة عن الحاجة، او التي يدخرها الفرد للزمن والايام الصعبة، وحتى أنه افضل من العقار، والسبب ان الذهب خفيف الوزن وسهل النقل، فلو كنت تدخر اموالك في ارض او شقه فلن تستطيع نقلها الى بلد اخر بينما الذهب سهل النقل مثلاً.
ويُعد الذهب ملاذ أمن بمعنى يتم الطلب عليه في حالة عدم الاستقرار العالمي، فالذهب مادة محدودة في العالم، ومع ارتفاع اعداد البشر يزيد الطلب عليه وبتالي استمرار ارتفاع اسعاره، ومن الممكن تجزئة الذهب عند بيعه مثل بيع 100 جرام او اكثر او اقل بينما العقار لا تستطيع الا بيع الشقة كاملة وليس غرفة.
صحيح ان الذهب يمكن ان يتعرض للهبوط والصعود في البورصة، وبتالي قد تربح او تخسر منه، ولكن اذا كنت تملك الخبرة لمعرفة شراء الذهب عند هبوطه بمتابعة الخبراء والاخبار الاقتصادية واختيارامكان الشراء الجيدة، وكذلك معرفة متى تبيع حينما يكون هناك بوادر الى الهبوط، فمثلاً في مثل هذه الايام مخاوف كورونا تعتبر فرصة لشراء الذهب لهروب المستثمرين نحوه.
وبالنسبة للاستثمار في العملات، وتحديدا الدولار، فبالرغم من انه اقوى عملة في العالم، إلا أنه يبقى مجرد ورق، ولكن نظرا لقوته التي تنبع من كونه عملة الولايات المتحدة، اكبر دولة في العالم اقتصادياً وعسكرياً، فانه يُعد جيدا للادخار، ولكن عند مقارنته مع الذهب او العقار، فلا يجب اختيار الدولار، لانه يبقى مجرد عملة قد تتعرض لتراجعات كبيرة.
ويمكننا التأكيد على ان الذهب هو الوسيلة الافضل والاكثر امان للادخار، على الأقل ان لم يكن للاستثمار والربح، وبالرغم من أن الكثير من الناس لا يملكون الخبرة لمعرفة متى يشترون ومتى يبيعون الذهب، إلا أنه يكفيهم ان الذهب هو الملاذ الأمن، بينما تبقى العملات مجرد اوراق، فالعالم مليئ بالمشاكل السياسية والاقتصادية، وكل ذلك سوف يدعم الذهب مستقبلاً.