تحولت مناطق الوديان وسفوح الجبال بوسط سيناء، بعد مرور السيول عليها وموجة الأمطار لمروج خضراء وحدائق طبيعية مفتوحة نمت فيها أنواع موسمية من الأعشاب.
مناطق نمو الأعشاب الطبيعية فى وسط سيناء تركزت فى نطاق مركزى الحسنة ونخل، وظهرت ألوانها الخضراء مكسو بألوان مختلفة من الأزهار، وبدأ الأهالى فى جمعها للاستفادة منها.
وقال المهندس محمد زينهم مدير القسم الهيدرولوجى بمعهد بحوث الموارد المائية بشمال سيناء، إن موجة السيول والأمطار التى تعرضت لها كل مناطق سيناء بشمالها ووسطها وجنوبها، كانت وراء هذا الجمال الطبيعى الذى أصبحنا نشاهده من مساحات خضراء على لوحة الصخور وطين الوديان .
وأشار إلى أن الوديان التى شهدت سير السيول عبر مجرى كل وادى، وصلت جميعها لنهايتها وتجمعت خلف السدود التى أنشأت، وما فاض عنها اتخذ مساره عبر وادى العريش وصولا للبحر، لافتًا أنه بعد جفافها بأيام نمت هذه الأعشاب داعيًا لتعظيم الاستفادة منها.
وقال المهندس مدحت فكرى مدير الإدارة الزراعية بنطاق مركز الحسنة بوسط سيناء، إنه فى السنوات التى تتشبع التربة بالمياه نتيجة سقوط الأمطار وجريان الوديان، تظهر خيرات طبيعية تخرج من التربة الخصبة لأنواع لا حصر لها من أعشاب طبيعية كثيرة، يعرف أهالى المنطقة اسم كل نبتة منها وفوائد استعمالها ما بين استعمالات طبية صرفة لعلاج أمراض وأخرى كمشروبات ساخنة أو باردة، وأعشاب تعد كبهارات وبعضها ما يفيد لعلاج الحيوانات، فضلاً عن اعتبارها مصدرًا طبيعيًا وهامًا جدًا للرعى.
وأضاف مدير الإدارة الزراعية، أنه إضافة لنمو الطبقة النباتية على وجه الأرض تخضر وتنمو أوراق أشجار وتتنوع أعمارها، وبينها أشجار معمرة، وهى أشجار أيضًا طبيعية تستخدم بذور وأوراق وجذور منها كعلاجات وكغذاء حيوانى، وهى أشجار ظل فى الصحراء، واليابس من أغصانها يعاد استخدامه عند السكان فى المكان كمصدر وقود، وكأجزاء من مكونات منازلهم .
وقال، إن المساحات التى تنمو بها الأعشاب تشمل كل المناطق الجبلية، وتكون أكثر فى مسارات الوديان وتحت سفوح الجبال.
وتابع، أن من أنواع الأعشاب: نبتة الهنيدة، والسعدان، والجعدة، والزعتر الجبلى، والنعناع، والبعثران، والقيصوم، ووالعاذر والبصل الصحراوى، ونبتة الحبق، وهو من أنواع النعناع، والميرمية، والمجنينة، والجرجير الصحراوى، والزلوع.
وكانت السيول التى ضربت مناطق وسط سيناء أدت لجريان مياه وادى العريش ووصوله من الجنوب للشمال حتى مصبه فى مياه البحر المتوسط للمرة الثالثة خلال 6 شهور، وخلف مسار السيل بعد توقف صبه فى البحر المتوسط برك مياه متناثرة وطبقة من الطمى، وسارع أهالى وتجار العطارة بجمع الطمى لإعادة استعماله كمستحضرات تجميل.
وقال الشيخ محمد سالم، من أهالى وسط سيناء، إنهم يعتبرون هذه الأعشاب هى صيدلياتهم الطبيعية ومصدر الدواء لهم والغذاء لحيواناتهم .
وأشار إلى أن كثيرًا من أمراض البرد والجروح يستخدمون لها أعشابًا بعضها يتم غليه وأخرى تطحن وخلطات منوعة، وبينهم من هو خبير بمثل هذه التركيبات الطبية .
وقال، إن بعض الأهالى يمتهنون جمع الأعشاب وتجفيفها وإعادة تغليفها وبيعها على محلات وعطارين، يحضرون من كل محافظات مصر للشراء وإعادة بيعها فى محلاتهم بعبوات صغيرة .
وطالب بأن تضع الجهات المسئولة ثروة الأعشاب الطبيعية فى حساباتها عند وضع أى مخططات لاستغلال ثروات سيناء، وأعرب عن أمله بوجود كلية متخصصة ضمن كليات جامعة العريش مسئوليتها أعشاب سيناء والاستفادة منها، وقال: نشاهد كثيرًا باحثين ودارسين يحضرون لإعداد أبحاث عن أنواع منها باعتبارها نادرة، ووجود جهة علمية تكتشف وتوظف الاستخدام الصحيح وتعمل على إنشاء مشروعات للاستفادة من هذه الثروة أمر مهم جدًا هذه الأيام .
وتابع قائلاً: أن أي جهة علمية لن تجد معوقات خصوصًا أن أهالى المنطقة البسطاء يمتلكون أسرارًا يتوارثونها تبين أهمية وطريقة وفائدة وكيفية استخدام كل عشبة من واقع تجارب يعيشونها .
وكانت السيول تركزت بحسب بيانات محافظة شمال سيناء بمركز ومدينة الحسنة فى منطقة القصيمة والمنبطح وقرية الحمة بوادى الهشيم، ووادى عين الجديرات، ووادى الجايفة، ووادى المويلح ووادى الجرور ووادى المسيسب، كما تجمعت أمام سد الروافعة، وفى مركز نخل بوسط سيناء غطت السيول مناطق الكنتلا والتمد وصدر الحيطان وأبو صوان ووادى الحاج والتمد والحمة والمشبه.
وأعلن معهد بحوث الموارد المائية بشمال سيناء فى بيان له، أن سد الروافعة الحاجز لمياه السيول فى مجرى وادى العريش أصبح الآن يحجز خلفه 5.3 مليون متر مكعب كما فى السابق، وما فاض عند ذلك وصل إلى مدينة العريش عبر قرية أولاد على والقريعة ولحفن فى اتجاهه إلى البحر المتوسط.