كان تفشى وباء كورونا العالمى ضربة قاضية لعدد من الصناعات الرائدة فى العالم مثل صناعة الطيران والسياحة والسفر وغيرها، والتى منيت بخسائر فادحة بسبب الإجراءات الصارمة التى فرضتها الحكومات فى محاولة للسيطرة على الوباء. وتضررت صناعة النفط أيضا من كورونا، وإن لم تكن السبب الوحيد فيما تتعرض له الصناعة، بل تأثرت أيضا بما يسمى بحرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا، لكن الأمر الذى لم تتعرض له الأسواق من قبل هو تهاوى الأسعار لصفر أو حتى أقل من صفر.
وقالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن أسعار النفط ربما تواصل الهبوط لتصل إلى أدنى من صفر فى ظل نفاذ أماكن تخزين البترول.
وأوضحت الشبكة فى تقرير على موقعها الإلكترونى أن تعطش العالم للنفط قد تبخر، فالطرق السريعة خاوية، والطائرات لا تحلق، والمصانع مظلمة، والانهيار غير المسبوق فى الطلب على النفط قد هوى بأسعار الخام لأسعار منخفضة لم نشهدها منذ 18 عاما. فى حين أن الإمداد لا يزال مرنا إلى حد كبير وسط حرب أسعار بين السعودية وروسيا، ولا يريد المنتجون الأمريكيون أن يكونوا أول من يبدأ بوقف الإنتاج، وهذا ما قد يعنى وفرة هائلة فى الإمداد، حتى أن العالم سيفقد قريبا مساحات تخزين براميل النفط الفائضة.
وقال جيف ويل، كبير محللى الطاقة فى نيوبيرجرير بيرمان، إن السوق بدأ يشير ليس فقط إلى عدم وجود طلب على الخام، بل ربما لن يكون هناك مكان له فى النهايةـ بمعنى آخر، فإن النقص فى المنشآت ومصافى التكرير، يعنى أن السفن وخطوط الأنابيب قد تصل فى النهاية إلى سعتها الكاملة، وهو أمر لم يحدث منذ عام 1998، وفقا لجولدمان ساكس.
وتقول "سى إن إن" إن التسعير المتعثر فى بعض جوانب سوق النفط يظهر أن المستثمرين بدأوا فى تقدير المخاطر التى ربما تحدث قريبا، وعلى الرغم من أن أسعار النفط الرئيسية مثل غرب تكساس وخام برنت تتداول حول 20 برميل، فإن بعض الأسعار الإقليمية تراجعت لأقل من 10 دولار للبرميل، وهذا ينطبق بشكل خاص على درجات النفط الخام غير الساحلية حيث يكون الوصول إلى التخزين أكثر صعوبة.
وكتب محللون فى "JBC Energy" فى تقرير يوم الثلاثاء يقولون إن الطلب يتهاوى سريعا حتى أن المشكلة الرئيسية لكثير من المنتجين لن يكون ما إذا كانت ضمان أرباح التشغيل، ولكن ما إذا كانوا سيجدون منصة للخام الخاص بهم.
وتقول "سى إن إن": تخمة النفط تخلق سيناريو تنخفض فيه الأسعار لأقل من الصفر، فعلى سبيل المثال، وحسبما ذكرت وكالة بلومبرج، فإن خان ويومنج قد عرض بسعر سالب 19 سنت، ويعنى نقص سعة التخزين أن منتجى النفط فى بعض الحالات ربما يدفعون لأحدهم ليأخذ براميل النفط.
ويقول الخبراء إن الأسعار تحاول الذهاب إلى مستوى لإجبار الشركات على إبقاء النفط فى الأرض. ولو اضطروا إلى طرحه بأسعار سلبية لتحفيز هذا السلوك، فسيحدث ذلك.
ووفقا لـJBCللطاقة فإن 6 ملايين برميل نفط يوميا ستكون "مشردة" وهائمة دون وجهة تقصدها خلال شهر أبريل الجارى، وهذا الرقم من المتوقع أن يرتفع إلى 7 ملايين برميل نفط في مايو المقبل.
وتشير سى إن إن أنه فى ظل الانهيار فى أسعار النفط، فإن البترول فقد أكثر من ثلثى قيمته منذ ذروته فى يناير.
والآن فإن الشركات الأمريكية بدأت فى اتخاذ قرارات مؤلمة بإغلاق الإنتاج، وان كانت مترددة فى ذلك. فقد أجبرت القيود على الحركة إلى وقف حوالى 900 ألف برميل نفط ، وفقا لجولدمان ساكس، التى أشارت إلى أن الرقم الحقيقى قد يكون أعلى بكثير ويزداد كل ساعة.