تسبب انتشار فيروس الكورونا فى عدم انعقاد مجلس النواب، بسبب الإجراءات الاحترازية فى مواجهة هذا الوباء، والتى من بينها ضرورة الحفاظ على التباعد الاجتماعى، وهو ما حال حتى الآن دون الانعقاد فى ظل أن عدد أعضاء البرلمان يبلغ 596 نائب.
وطرح البعض حلا وهو أن ينعقد البرلمان بالفيديو كونفرانس، وعارض البعض تطبيق هذا الأمر بدعوى أن الدستور واللائحة الداخلية لا تنصان على أن تكون آلية الانعقاد بالفيديو كونفرانس، وهنا نطرح التساؤل، لماذا لا يتم تعديل اللائحة الداخلية للمجلس لمواجهة أى ظرف طارئ مثل الكورونا او غيرها، قد يواجهنا فى المستقبل؟ بحيث لا يكون هناك غياب للبرلمان، كما هو الحال حاليا.
هل مواجهة الأمر تحتاج لتعديل الدستور أم اللائحة فقط؟
يقول الدكتور صلاح فوزى أستاذ القانون الدستورى، أن التشريعات عادة لا توضح الآلية الخاصة بتنظيم الاجتماعات، لكن يترك ذلك للمبادىء العامة فى علم تنظيم وإدارة الاجتماع، وهذا لا يحول بين أن تأتى بعض النظم وتضع الترتيب لقاعة الاجتماع، فمثلا فيما يتعلق بمجلس النواب، هناك مواد متعددة تحدثت فى اللائحة الداخلية على عملية الاجتماعات، وقاعة المجلس مثل المادة 282 الخاصة بالجلسات السرية، والتى نصت على أن يجوز أن يحضر الجلسة السرية غير أعضاء المجلس ورئيس وأعضاء الحكومة، ومن يرخص لهم المجلس فى ذلك بناء على اقتراح رئيسه، وتخلى قاعة المجلس وشرفاته من غير المرخص لهم فى حضور الجلسة".
وأيضا المادة 425 ، تحدثت عن القاعة وترتيب الجلوس فيها، فنصت على يخصص لرئيس مجلس الوزراء وللوزراء ولممثلى الحكومة الصفوف الأولى من مقاعد الوسط فى قاعة الجلسة عند حضورهم الجلسات، ويكون مكان الوكيلين فى الصف الأول من اليمين.
ويوزع مكتب المجلس خلال خمسة عشر يوما من افتتاح دور الانعقاد العادى الأول للفصل التشريعى بقية المقاعد على أعضاء المجلس المنتمين للأحزاب السياسية والائتلافات البرلمانية المختلفة والمستقلين، بعد أن يقدموا اقتراحاتهم فى هذا الشأن كتابةً إلى رئيس المجلس.
وأضاف الدكتور صلاح فوزى، باقى المواد فى اللائحة لا تتحدث عن أن اجتماعات المجلس تكون فى قاعة الجلسة، ولكن يفهم من المادة 425 أن الاجتماعات تكون فى قاعة الجلسة، وتابع قائلا: "باقى النظم التى فيها اجتماعات فعلى سبيل المثال الجامعة يحكمها القانون رقم 49 وحين نظم المجالس تحدث عن النصاب وكيفية إصدار القرارات ولم يتحدث عن الطريقة التى تعقد بها مجلس، لكن الأعراف تكمل النقص فجرت الأعراف أن يتم كتابة الموضع ويرسل للأعضاء للموافقة عليه أو يكون بالفيديو الكونفرانس أن الأعراف تدخل وتكمل ما هو ناقص اذا جد جديد أو حدث طارىء.
وأضاف: "لكى نقطع الشك باليقين لدينا عدة مواد يمكن تعديلها، ويشار فيها إلى إمكانية الانعقاد بالفيديو كونفرانس مثل المادة 278 التى تتحدث عن أن إثبات حضور الأعضاء الجلسة وغيابهم عنها وفقاً للنظام الذى يضعه مكتب المجلس لافتا إلى انه يمكن إدخال تعديل على المادة مفاده إمكانية الدعوة للاجتماع عن طريق الفيديوكونفرانس، ويترك ذلك لتقدير رئيس البرلمان، وحينما تجد الظروف بحيث تكون القاعدة هو الاجتماع بقاعة المجلس والاستثناء حال وجود ظرف طارىء يرتب الحيلولة دون الاجتماع بالقاعة، ويكون بـ"الفيديو كونفرانس".
وتابع: اقترح أيضا إدخال تعديل على المادة 280 الخاصة بالجلسات السرية والمادة 425 الخاصة بتنظيم الجلوس فى القاعة، بحيث يتم فيها التحدث عن آلية الفيديو كونفرانس.
وقال فوزى، إن عقد البرلمان اجتماعاته بالفيديو كونفرانس لا يحتاج إلى تعديل للدستور لان الدستور لا ينظم الاجتماع ولا يتحدث عن آلية تنظيم اجتماعات، لافتا إلى انه تحدث عن عدة أمور مثل مقر البرلمان ودعوة رئيس الجمهورية للانعقاد ودور الانعقادى وانتخاب الرئيس والوكيلين، لافتا إلى إننا نتحدث عن تعديل فى اللائحة لمواجهة انعقاد البرلمان فى الظروف الطارئة.
ويرى النائب إيهاب الطماوى وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن النصوص الوضعية سواء كانت نصوص دستورية أو قانونية او لائحية تقبل الاختبار والمراجعة، وبالتالى التعديل وفقا للتطورات التى تطرأ على البيئة.
وقال: "الواقع والتجربة والظروف التى نمر بها كشفت إلى الحاجة لتعديل نص المادة 114 من الدستور والتى تخص صحة انعقاد المجلس وكيفية إصدار قراراته، خاصة وأن تلك المادة قد تشكل عائق لانعقاد المجلس بتقنية الفيديو كونفرانس، ولا مجال عن تعديل المادة الرابعة من قانون اللائحة الداخلية للمجلس التى تنص إلا فى ضوء تعديل النص الدستورى أولا.
وتابع: "فى كل الأحوال نظرية الظروف الطارئة او الاستثنائية او الظروف الطارئة الاستثنائية أيا ان كان المسمى فان قضاء مجلس الدولة الفرنسى وقضاء مجلس الدولة المصرى تعرض لتلك المسالة وقرر أنه فى ظل تطبيق هذه النظرية من الوارد تعطيل النصوص الدستورية والقانوينة والأخذ بقواعد قانونية تناسب الظروف المحيطة لدرء المخاطر وحماية المجتمع والدولة".
يذكر ان الدستور حدد الية تعديل اللائحة الداخلية حيث نص فى المادة 436 على " لا يجوز تعديل أحكام هذه اللائحة إلا بناء على اقتراح من مكتب المجلس، أو من خمسين عضوا على الأقل، ويجب أن يتضمن الطلب المواد المطلوب تعديلها ومبررات التعديل.
ويعرض الرئيس طلب التعديل على المجلس لإحالته إلى اللجنة العامة لإعداد تقرير عن مبدأ التعديل خلال المدة التى يحددها.
ويحيل المجلس هذا التقرير بعد موافقته على مبدأ التعديل إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية أو إلى لجنة خاصة لإعداد تقرير يتضمن صياغة المواد المقترح تعديلها من اللائحة، وذلك خلال المدة التى يحددها.
ولكل عضو أن يتقدم كتابةً بما يراه من اقتراحات فى هذا الشأن إلى اللجنة قبل إعداد تقريرها، ويجب أن يتلى تقرير اللجنة على المجلس قبل أخذ الرأى عليه. وتصدر اللائحة الداخلية للمجلس أو أى تعديل لها بقانون. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل أحكام هذه اللائحة إلا بتعديل صريح ومباشر يدخل ضمن نصوصها.