سافر الرائد عصام الدالى عضو «المجموعة 39 قتال» بقيادة العقيد إبراهيم الرفاعى إلى العاصمة الأردنية عمان، لتنفيذ عملية ضرب مدينة إيلات بثلاثة صواريخ لكنها وصلت إلى ثلاثين صاروخا، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتابه «حكاية المجموعة 39 قتال».
نفذ «الدالى» عمليته بنجاح يوم 9 إبريل، مثل هذا اليوم، 1969، وكانت إحدى بطولات الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف ضد إسرائيل فى الفترة التالية لنكسة 5 يونيو 1967، وبالرغم من أن هذه العملية كبدت إسرائيل خسائر فادحة بلغت 94 قتيلا و400 جريحا وفقا للواء رجائى أحمد عطية مؤسس»المجموعة 777 للقوات الخاصة، إلا أنه يطلق عليها «عملية إيلات المنسية».
يذكر «الشافعى» سبب وصفها «إيلات المنسية»: أنها تقع بين عمليتين كبيرتين مرتبطين باسم إيلات، الأولى تدمير المدمرة إيلات فى 21 أكتوبر 1967، والثانية دخول الضفادع البشرية المصرية ميناء إيلات خمس مرات فى معجزة عسكرية من المستحيل تكرارها، وفى المرات الخمس تم تنفيذ ثلاث عمليات كبيرة، نتج عنها تدمير المركبين المدنيين «داهاليا وهيدريما» ثم تدمير المركبين العسكريين «بيت يام وبيت شيفع»، وأخيرا تدمير الرصيف البحرى للميناء، وقتل 14 ضفدعا بشريا صهيونيا».. يضيف «رجائى» سببا آخر، يذكره على «بوابة فيتو الإلكترونية» 31 أغسطس 2018» قائلا: لا تذكر هذه العملية كثيرا فى وسائل الإعلام رغم أنها أكثر العمليات التى حققت خسائر للعدو.
كان «الدالى» من مواليد 2 سبتمبر 1937، ويذكر اللواء محسن طه فى الجزء الأول من مذكراته «تاريخ المجموعة 39 قتال» المنشورة فى «مجموعة 73 مؤرخين، الكترونية»: كان جده من رجال ثورة 1919، وعاش والده يعمل فى الزراعة، وبعد حصول ابنه على الثانوية تقدم إلى كلية الهندسة فقبلته، لكنه عاد وتقدم إلى الكلية الحربية وتخرج منها عام 1958، وكان يهوى القراءة، خاصة كتب الفنون.
يكشف «رجائى»، أن «الدالى» كان من أعز أصدقائه، وأن اللواء محمد أحمد صادق مدير المخابرات الحربية وقتئذ هو الذى كلفه شخصيا بمهمة ضرب إيلات بالصواريخ، وأصدر إليه الأمر التالى: تذهب فى مهمة إلى الأردن، وهناك ستقابل المقدم إبراهيم الدخاخنى قائد مكتب مخابراتنا فى الأردن، وسوف يعطيك ثلاثة صواريخ، تقوم بضرب ميناء إيلات العسكرى بها، لكن عليك الحذر أن يقع أى صاروخ على الميناء المدنى أو مدينة إيلات.
يؤكد «رجائى» أن الدالى ذهب إلى الأردن على طائرة مصر للطيران بالزى المدنى، واستلم الصواريخ الثلاثة من الدخاخنى، وعن طريقه اتصل بالمصريين الذين يعملون مع حركة فتح الفلسطينية، وطلب منهم أكبر عدد من الصواريخ، فأحضروا ثلاثين صاروخًا له، وتم نقلهم بواسطتهم إلى ميناء العقبة فى الجبال المطلة عليه.
يضيف: قام الدالى بتجهيز الصواريخ، ووجهها كلها إلى مدينة إيلات، وأطلقهم دفعة واحدة فى اتجاه البلدة، واعترفت إسرائيل فى جرائدها الرسمية أن الخسائر 94 قتيلا وأكثر من 400 جريح، يؤكد رجائى: كانت الإصابات دقيقة لأن عصام الدالى فى الأصل كان ضابط مدفعية قادرا على توجيه النيران بمهارة.
يذكر الشافعى، أن الصواريخ كانت، 20 صاروخا 130 مم، وعشرة صواريخ 240 مم، وأن عناصر من «فتح» شاركته فى إطلاقها، وعن تحقيق أهدافها يؤكد»: أحدثت خسائر فادحة جدا بين السكان المنشآت، وأحدثت صدمة هائلة فى المجتمع الصهيونى، واعترف العدو بسقوط عشرات القتلى ومئات المصابين»، يؤكد «رجائى»: هذه العملية قطعت اليد الطولى لإسرائيل التى كانت تتباهى أنها تطول أى هدف فى العمق، لكننا أثبتنا أن لنا أيضا يدًا طولى، وقادرة على ضرب أهداف فى العمق الإسرائيلي، حيث تلى ذلك ضرب مصنع النحاس بتمناع ومصنع سدوم بصحراء النقب بالصواريخ بواسطة المجموعة 39 قتال وبواسطة مصريين فى حركة فتح فى ذلك الوقت، مثل النقيب على عثمان والنقيب عبد الله الشرقاوى.. يؤكد: هذه العمليات جعلت إسرائيل تفكر ألف مرة فى ضرب أى هدف مدنى داخل مصر مع الفارق، أنهم كانوا يضربون أهدافهم بالطائرات، لكننا كنا نعانى ونغامر حتى نصل لأهدافنا فى عمق إسرائيل.
استشهد الدالى يوم 30 أغسطس 1969 أثناء مشاركته إبراهيم الرفاعى فى عملية «نسف رصيف الكرنتينة» شرق خليج السويس، ووفقا للشافعى فإن نسفه تم لأن: العدو اعتاد استخدام لنشاته وزوارقه منه فى الإغارة على المناطق النائية والمتطرفة لقواتنا مثل جزيرة شدوان والجزيرة الخضراء.