كثيرا ما نسمع بيت الشعر القائل "ومن طلب العلا سهر الليالى" وخاصة عندما يتمنى الإنسان أن يغتنى أو أن يرتقى فى وظيفته، لكن دراسات حديثة أثبت عكس ذلك تماما، إذ أكدت أن الإنسان عندما تقلل له ساعات العمل وتزيد من الإجازات يكون أكثر إنتاجا وأفضل حالا فى الجوانب النفسية.
تقليل ساعات العمل يزيد الإنتاج
فمن أجل زيادة الإنتاج ورضا الموظف التام يجب تقليل أيام العمل لأربعة أيام فقط فى الأسبوع، هذا ما دعت له دراسة حديثة، مشيرة أنه من الأسهل إذا كان أسبوع العمل أربعة أيام فقط، وأن الكثير من الأشخاص مهتمون الآن بالفكرة، بحسب دراسة أجرتها إحدى شركات أبحاث السوق، المنشورة بصحيفة الاقتصادية السعودية.
وقالت الدراسة إن أكثر من نصف الذين تم سؤالهم "55%" يقبلون راتبا أقل فى مقابل العمل أربعة أيام فى الأسبوع.
وتقول آنا أرلينجهاوس، وهى طبيبة نفسية فى النمسا وتجرى بحثا عن ساعات العمل لأكثر من عقد: "تظهر الدراسات المسحية أن تقصير أسبوع العمل له آثار إيجابية فى الرضا عن العمل والدافع والتوازن ما بين الحياة والعمل لأغلبية الأشخاص".
والمسار المعتاد لأسبوع عمل من أربعة أيام هو نموذج العمل بدوام جزئى وفيه تنخفض عدد ساعات العمل إلى 80% وعادة يجب على الموظفين وأرباب العمل الاتفاق فيما بينهم على كيفية تقسيم ساعات العمل على مدار الأسبوع.
ولكن سيتسنى تحقيق الهدف من خلال العمل وفق عدد الساعات نفسها على مدار أربعة أيام بدلا من فترة خمس أيام وبالتالى العمل مناوبات من عشر ساعات بدلا من ثمان ساعات.
يوم إجازه إضافى = زيادة أكثر فى الإنتاج
لم تكن هذه الدراسة الفريدة من نوعها، ففى عام 2019، توصلت دراسة إلى وسيلة يمكن من خلالها زيادة إنتاجية العمل وتحقيق نتائج إيجابية للغاية لدى الشركة والموظفين.
وخلصت الدراسة النيوزيلندية إلى أن الحصول على يوم راحة إضافى فى الأسبوع، يؤثر بشكل إيجابى على كيفية العمل، ويجعل الشخص أكثر إنتاجية طيلة أيام الأسبوع،
وقالت الدراسة إن شركة نيوزيلندية منحت موظفيها الذين يبلع عددهم 240 على مدى ثمانية أسابيع، ثلاثة أيام عطل والعمل كل أسبوع أربعة أيام فقط بدلا من خمسة أيام، وطلبت الشركة من الموظفين الالتزام بشروط العمل المعتادة.
وحققت الشركة نجاحا واضحا للغاية، فقد أكد 78% من الموظفين، الذين شاركوا فى الدراسة أن بمقدرتهم تحقيق التوازن بين عملهم وحياتهم الخاصة.
واشتغل الموظفون 30 ساعة أسبوعيا، عوضاً عن 37.5 المعتادة، وهو ما يعنى أن آخر أيام العمل كان هو الخميس في كل أسبوع، وتابع أنه رغم نقص عدد ساعات العمل بيد أن ذلك لم يحدث فارقا بل العكس هو الذي وقع تماما، فقد ارتفعت الإنتاجية بشكل كبير، فضلا عن تأثير ذلك الإيجابي على العمل بين الموظفين وسط الشركة.
كابوس للمدير
وقد يكون تقليل عدد ساعات العمل والحصول على الراتب نفسه، هو حلم للعاملين وكابوس مزعج للمديرين، بيد أن شركة ألمانية قررت تجربة العمل حتى الساعة الواحدة ظهرا فقط بدلا من الرابعة، مع الحصول على نفس الرواتب وأيام العطل، وبعد عامين من التجربة رصدت الشركة الواقعة فى مدينة بيلفيلد نتائج ملفتة.
حيث بدأت الشركة العاملة فى مجال الاتصالات، تنفيذ مواعيد عمل جديدة من الثامنة وحتى الواحدة ظهرا قبل عامين، مع الحفاظ على نفس الرواتب وأيام العطل، وبعد مرور هذه الفترة لخص الرئيس التنفيذى للشركة، لاسه راينجانس، نتائج التجربة بقوله: "تخلصنا من كل ما يضيع الوقت، أوقفنا برامج الدردشة بين الموظفين وقلصنا مدة الاجتماعات عن طريق الدخول في المواضيع بشكل مباشر دون قضايا جانبية أو مقدمات، كما اتفقنا على أن يكون الاطلاع على البريد الالكتروني مرتين خلال اليوم فقط ".
وعن نتائج التجربة أضاف راينجانس في تصريحات لوسائل إعلام ألمانية، "تقليص عدد ساعات العمل أدى إلى زيادة الشعور بالرضا لدى الموظفين، خاصة ممن لديهم عائلات، إذ صارت لديهم جميع مزايا الوظيفة ذات الدوام الكامل بالإضافة إلى الوقت اللازم للعائلة".
وهذه ليست الميزة الوحيدة، إذ رصد راينجانس تحسنا في علاقة الزملاء مع بعضهم، من خلال زيادة الأنشطة التي تجمعهم في أوقات الفراغ، إذ يلتقي الزملاء عادة في آخر يوم عمل في الأسبوع، ويقومون بالطبخ وتناول الطعام سويا.