ما زالت أزمة لائحة مجلس النواب تثير الجدل بين نواب البرلمان بسبب تعارض بعض نصوصها مع أحكام الدستور فى أمور مهمة، وأبرزها مسألة انتخاب رئيس المجلس والوكيلين والتى ستتم خلال الجلسة الإجرائية الأولى يوم 10 يناير المقبل، والتى ستنعقد وفقا للائحة القديمة لحين وضع لائحة داخلية جديدة تصدر بقانون وفقا لنص الدستور.
الإشكالية هنا إن المادة 117 من الدستور تنص على أن "ينتخب مجلس النواب رئيسا ووكيلين من بين أعضائه فى أول اجتماع لدور الانعقاد السنوى العادى لمدة فصل تشريعى، فإذا خلا مكان أحدهم، ينتخب المجلس من يحل محله، وتحدد اللائحة الداخلية للمجلس قواعد وإجراءات الانتخاب، وفى حالة إخلال أحدهم بالتزامات منصبه، يكون لثلث أعضاء المجلس طلب إعفائه منه، ويصدر القرار بأغلبية ثلثى الأعضاء، وفى جميع الأحوال، لا يجوز انتخاب الرئيس أو أى من الوكيلين لأكثر من فصلين تشريعيين متتاليين"، فيما تنص اللائحة القديمة على انتخاب الرئيس والوكيلين لمدة سنة واحدة.
وأكد عدد من القانونيين وبعض النواب أن الجلسة الأولى ستجرى وفقا للائحة القديمة، ولكن فى حالة تعارض نص باللائحة مع الدستور سيتم تطبيق النص الأعلى وهو نص الدستور، فى الوقت ذاته انتقد بعض النواب مدة الخمس سنوات لرئيس المجلس والوكيلين، معتبرين أنها مدة طويلة، وتحفظ البعض الآخر على انتقادهم مؤكدين أن المدة معقولة ويجب الالتزام بالدستور، وأن أى محاولة لتعديلها تستلزم تعديل الدستور، وهو الأمر غير المرحب به حاليا.
كان المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، قال فى تصريحات له، إن لائحة مجلس النواب الموجودة حالياً فى ظل دستور 71 صالحة للعمل لانتخاب رئيس مجلس النواب والوكيلين، موضحاً أن اللائحة تنص على انتخاب الرئيس والوكيلين لسنة واحدة، أما الدستور فينص على أن انتخابهم يكون لمدة 5 سنوات، فيتم تطبيق الخمس سنوات كما نص الدستور.
وأشار العجاتى، إلى أنه سيتم انتخاب رئيس مجلس النواب والوكيلين فى الجلسة الأولى للبرلمان، وأنه بعد 15 يوما يتم إعداد لائحة جديدة، وهناك مشروع لائحة جاهز لتقديمه لرئيس البرلمان، 70% منها لم يتم تغييره، لأن الدستور ينص على استمرار اللوائح والقوانين السارية إلى أن تُعدل بمقتضى القانون.
من جانبه، رأى يوسف القعيد، عضو مجلس النواب المعين، أن المادة الخاصة بانتخاب رئيس مجلس النواب ووكيله لمدة 5 سنوات أى فصل تشريعى كامل، تعد بمثابة "تأبيدة"، منتقدا المدة واعتبرها طويلة، ورأى أنها يجب أن تعدل.
وقالت النائبة مارجريت عازر، إن مدة رئيس مجلس النواب والوكيلين منصوص عليها فى الدستور ولا مجال للنقاش فى هذا الأمر، لأن أى اعتراض على المدة ولتغييرها يتطلب تعديل الدستور، لذلك فتح الموضوع الآن ليس له أى جدوى.
وأضافت "عازر" أنه يجب أن نعطى فرصة لبدء جلسات المجلس ويقوم البرلمان بدوره وبعد ذلك نتحدث عن مدة الرئيس والوكيلين والقرار فى النهاية لأعضاء المجلس.
فيما قال الدكتور أيمن أبو العلا، عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، إنه لا مجال للمناقشة فى تعديل مدة رئيس مجلس النواب التى أقرها الدستور وحددها فى فصل تشريعى كامل لمدة خمس سنوات.
وأضاف "أبو العلا" أن هناك إجراءات نظمها الدستور لسحب الثقة من رئيس المجلس والوكيلين إذا أساءوا الأداء وأخلوا بواجبات عملهم، من خلال طلب يقدم من ثلث الأعضاء وشرطة موافقة ثلثى نواب المجلس.
وقال إيهاب مبروك غطاطى، عضو مجلس النواب عن دائرة الهرم: "مش من حق حد أن يعترض أساسا على مدة رئيس المجلس والوكيلين لأنه منصوص عليها فى مادة صريحة بالدستور، بأن يتم انتخاب الرئيس والوكيلين لفصل تشريعى كامل".
وتابع: "المفروض إن الجلسة الإجرائية الأولى لمجلس النواب تجرى وفقا للائحة الداخلية القديمة للمجلس، وهذه اللائحة تنص على انتخاب رئيس المجلس والوكيلين لمدة سنة واحدة، فى حين أن الدستور ينص على أنها فصل تشريعى كامل لمدة 5 سنوات، وفى الجلسة الإجرائية الأولى سيتم انتخابهم ولكن وفقا لنص الدستور وليس نص اللائحة، وذلك لتعارض نص اللائحة مع الدستور، وذلك ما أكده العديد من فقهاء القانون والدستور".
وأشار جمال كوش، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن بدائرة مركز بنها، إلى أن الدستور ينص على أن انتخاب الرئيس والوكيلين لفصل تشريعى كامل، وأى كلام آخر عكس ذلك يعتبر "كلام فاضى" ـ بحسب قوله.
واستطرد "كوش": "نحن مع الدستور طالما ينص على 5 سنوات نلتزم بذلك، ولو كان هناك بعد ذلك أى مجال للتعديل أوافق على أن تكون سنة واحدة، كما كان فى السابق، لأننا لا نضمن أداء الرئيس والوكيلين، فيمكن أن يكون ضعيف الشخصية أو مع مرور الوقت يتضح أنهم ليسوا محل ثقة، أما حاليا يجب أن نرضى بالأمر الواقع وهناك إجراءات نظمها الدستور لسحب الثقة".
من ناحيته، قال الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى، وعضو لجنة الإصلاح التشريعى، إن سبب النص على مدة الـ5 سنوات لرئيس البرلمان والوكيلين هو تحقيق الاستقرار ومنح رئيس المجلس فرصة للتدريب واكتساب الخبرة فى إدارة الجلسات والتعامل مع النواب وحل أى إشكالية تحدث.
وأضاف "فوزى" لـ"انفراد" أن المادة 117 من الدستور وضعت ضابطا لتنظيم هذه المدة، ينص على أنه فى حالة إخلال الرئيس والوكيلين بالتزامات عملهم يكون لثلث أعضاء المجلس حق طلب إعفائهم من منصبهم ويصدر القرار بموافقة ثلثى الأعضاء.
وأكد أنه فى حالة التعارض بين اللائحة والدستور سيتم تطبيق الدستور، وبالتالى انتخاب رئيس المجلس والوكيلين سيتم خلال الجلسة الأولى وفقا للدستور لمدة 5 سنوات.