"المسيح قام.. بالحقيقة قام".. يرددها البابا تواضروس كل عام وهو يصلى قداس عيد القيامة المجيد فى الكاتدرائية، محاطًا بأصوات التراتيل وهتافات الأقباط الذين يهتفون فرحًا وأملًا ليلة العيد الكبير، إلا أن قداس هذا العام ليس ككل الأعوام.
البابا تواضروس ولأول مرة يترأس قداس عيد القيامة بلا حضور جماهيرى، بعيدا عن كنيسته، يصلى وسط عدد قليل من الأساقفة فى دير الأنبا بيشوى فى صحراء وادى النطرون، بعدما خطف الوباء بهجة العيد دون أن يسرق فرحة القيامة التى تحمل أملًا لكل الخائفين والمتعبين.
ووفق المعتقدات المسيحية، فى مثل هذا اليوم قام المسيح من قبره فى اليوم الثالث ليبشر بفجر جديد، تغفر فيه الخطايا وتفتح فيه أبواب التوبة، يتجدد فيه الأمل فى الله وتكتسب معه الإنسانية معان جديدة.
وتسبب وباء كورونا فى غلق الكنائس، لكنه لم يوقف صلوات الصادقين، أبواب السماء مازالت مفتوحة تستقبل آهات المتعبين وأنين الحائرين وتعد المخلصين بالفردوس وبالرحمة وبالشفاعة.
ففى النهار، يرأس القس الدكتور أندريه زكى احتفالية كنيسته الإنجيلية بعيد القيامة، وسط أصوات التهليل والترانيم التى تميز هذه الكنيسة المصلحة، وفى الليل يصلى الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الكاثوليك قداس العيد أيضا من كلية اللاهوت الكاثوليكية بالتزامن مع قداس عيد القيامة للأقباط بدير الأنبا بيشوى الذى تبثه الفضائيات، ويرفع الأقباط أكفهم من المنازل مرددين "يارب أرحم" و"المسيح قام"
لأول مرة منذ تأسيس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عام 1968 يترأس بابا الإسكندرية قداس عيد القيامة بعيدا عن العاصمة إذ اعتاد باباوات الكنيسة القبطية على الصلاة فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية منذ أن افتتحها البابا كيرلس السادس مع الرئيس جمال عبد الناصر، وصولا لعصر البابا تواضروس الثانى الذى اعتاد أن يصلى قداس عيد القيامة فى العباسية كل عام بينما تضطره ظروف الوباء إلى الصلاة هذا العام فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون منفردا بحضور عدد قليل من رهبان الدير والأساقفة على أن تبث الصلوات على الهواء مباشرة مساء السبت المقبل ليشاركه الأقباط من المنازل.
تأسست الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عام 1968 وافتتحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع البابا كيرلس السادس كمقر للكرسى المرقسى، ومنذ هذا التاريخ ظلت مكانا لقداسات الأعياد ومقرا للكرسى الباباوى بعد أن كانت الكاتدرائية القديمة بكلوت بك هى المقر البطريركى للباباوات السابقين.
من عام 1981 وحتى عام 1985، غاب البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية عن الكاتدرائية منعزلا فى دير الأنبا بيشوى بعدما وضعه الرئيس الراحل أنور السادات قيد الإقامة الجبرية وبدأت لجنة خماسية من الأساقفة فى إدارة شئون الكنيسة.
يقول المؤرخ القبطى كمال زاخر، أن البابا شنودة كان يصلى قداسات العيد فى كنيسة صغيرة ملحقة بمقره الباباوى بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون بينما كانت مهمة ترأس قداسات العيد متروكة للأنبا باخوميوس مطران البحيرة الحالى ويشاركه فى الصلوات الآباء الأساقفة أعضاء اللجنة الخماسية مثل الأنبا جرجوريوس أسقف البحث العلمى والأنبا صموئيل أسقف الخدمات الاجتماعية.
أما فى عصر البابا تواضروس الثانى، فقد حرص البابا البطريرك على ترأس قداسات عيد الميلاد المجيد بكاتدرائية ميلاد المسيح منذ تأسيسها عام 2018، حيث شهد البابا تواضروس أول قداس لعيد الميلاد المجيد بها بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى واستمر الحال على ذلك لثلاث سنوات آخرها يناير الماضى، بينما حرص البطريرك على ترأس قداس عيد القيامة فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية كل عام.