في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ أسواق النفط العالمية، أن يتم تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكى بأسعار سالبة أمس الاثنين، حيث انهارت أسعار الخام الأمريكي إلى أدنى مستوياتها، بالقرب من سالب 38 دولارًا للبرميل، والذي وصف بـ" بالانهيارالتاريخى" لأسعار النفط الأمريكى حيث جاء ذلك الإنهيار مع اقبال المتعاملين على البيع بكثافة كبيرة جدا مع الإمتلاء السريع لمستودعات التخزين في المركز الرئيسي للتسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما.
وأنهت عقود خام غرب تكساس الوسيط الوسيط تسليم مايو جلسة التداول منخفضة 55.9 دولار، أو 306 %، لتبلغ عند التسوية سالب 37.63 دولار للبرميل بعد أن لامست أدنى مستوى لها على الإطلاق عند سالب 40.32 دولار للبرميل.
كما تراجعت عقود خام برنت ولكنها لم تصل إلى تلك المستويات التى شهدها خام غرب تكساس الوسيط وذلك كنتيجة وجود المزيد من قدرات التخزين المتاحة له حول العالم حيث أغلقت عقود خام برنت منخفضة 2.51 دولار، أومايعادل 9 %، لتسجل عند التسوية 25.57 دولار للبرميل.
فيما وصفت وكالة بلومبرج الأمريكية إن انخفاض أسعار النفط لأقل من صفر كان يوما مدمرا للصناعة العالمية، حيث أنه سيتسبب فى موجة انكماش للاقتصاد العالمى الذى يعانى بالفعل من تداعيات أزمة كورونا قائلة" أن يوم أمس بدا كأى اثنين قاتم فى أسوأ أزمة لسوق النفط منذ عقود وانتهى بانهيار الأسعار لأقل من الصفر، وأدخل الأسواق فى عالم مواز يستعد فيه التجار لدفع 40 دولار مقابل أن يأخذ أحد برميل من النفط.
وأوضحت بلومبرح الأمريكية بأن هذه الخطوة بأنها كانت عنيفة وصادمة، حتى أن كثير من التجار عانوا لتفسيرها حيث أن الانحفاض السلبى كان مجرد خلل شديد مع استعداد التجار لإنتهاء عقود التسليم فى مايو لكن الأسعار السلبية كشفت عن حقيقة أساسية بشأن سوق النفط فى عصر الكورونا، وهو أن السلعة الأهم فى العالم تفقد سريعا قيمتها لأن العرض المفرط المزمن يطغى على خزانات النفط الخام وخطوط الأنابيب والناقلات العملاقة فى العالم.
وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، خلال مؤتمر صحفي أن جميع الدول الأعضاء في أوبك+ اتفقوا على تخفيض الإنتاج من النفط، وأضاف إن ازمة انعدام الطلب على البترول هذه الفترة يرجع للإغلاق، مشيرا إلى أن المصانع لا تعمل ولا احد يقود سيارته للذهاب للعمل معلنا أن الحكومة الأميركية ستشتري 75 مليون برميل نفط لتخزينها ضمن الاحتياطي الاستراتيجي حيث يعتقد انها الفترة الأفضل لشراء وتخزين النفط.
ويأتي موقف الرئيس الأمريكي لقناعاته بضرورة العودة إلى العمل، لوقف نزيف الاقتصاد الحاد والذى خرج عن السيطرة رغم خطة التحفيز التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية بأكثر من 3 تريليونات دولار، مخصصة للشركات والأفراد المتعثرين.
فيما قالت شبكة سي ان بي سي الامريكية انه في حين أن الكثير من الناس يعتقدون أن السعر الإجمالي للنفط سلبي الا ان الصورة في السوق ليست قاتمة الى هذا الحد حيث ترتبط العقود الآجلة بتاريخ تسليم محدد، وقرب نهاية تاريخ انتهاء العقد يتقارب السعر عادةً مع السعر المادي للنفط حيث أن المشترين النهائيين لهذه العقود هم كيانات مثل المصافي أو شركات الطيران التي ستستلم ماديًا النفط فالعقود الآجلة هي في النهاية عقود التسليم المادي للسلعة أو الأمن الأساسي وبينما يتوقع بعض الأشخاص في السوق بالعقود، يقوم الآخرون بالشراء والبيع لأنهم يستخدمون السلعة نفسها وعند قرب انتهاء صلاحية العقد، يبدأ المتداولون في شراء عقد العقود الآجلة للشهر المقبل.
قال المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، إن هناك 3 بورصات لخام البترول فى العالم، وهذه البورصات التي تحدد أسعار البترول، واستهلاك البترول قبل كورونا كان كبيرا، والخلل الذى حدث في العرض والطلب أدى لانخفاض سعر البترول ووصل الاستهلاك إلى 60 مليون برميل فى اليوم، وتم الاتفاق فى منظمة الأوبك إلى تخفيض نسبة الإنتاج إلى 10%، وما حدث أن بورصة برنت انهت العقود الأجلة منذ فترة، وبدأت تعمل في عقود يونيو.
وأضاف وزير البترول الأسبق، خلال تصريحات تليفزيونية ، أن الانهيار الذي يحدث الآن في سوق النفط الأمريكي سيستمر حتى يتم البدء في العقود الجديدة، والتي قد تصل أسعارها إلى 40 دولارا، مشيرا إلى أنه في وسط الأزمة الحالية لا يمكن لمن معهم بترول أن يبيعون، خاصة أن كل الدول قامت بتخزين خام البترول ومنها مصر، موضحا أن المؤشرات تقول إن نسبة استهلاك البنزين والسولار قل بنسبة 25% في مصر.
وأوضح وزير البترول الأسبق، أن زجاجة المياه أصبحت اليوم سعرها أكبر من برميل البترول، ولكنه أمر لحظي ينتهي بنهاية يوم عمل غدٍ في بورصات الخام النفطي، مشيرا إلى أن النسبة التي يتم استيرادها من الخارج تم شراؤها بأسعار أقل من سعرها وهذا أمر إيجابى، أما الأمر السلبى، أن شركات البحث الأمريكية ستقلل من استثماراتها في المناطق الأخرى وهذا قد يؤثر على مصر بعد 3 سنوات مقبلة.
وقال مسئول بارز بقطاع البترول إن انخفاض أسعار البترول العالمية له مجموعة من الجوانب الايجابية التى من الممكن ان تستفيد منها مصر، وذلك لأنه يؤثر على أسعار الخام التى يتم الاستيراد بها من الخارج .
وأضاف المصدر، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن انخفاض أسعار النفط العالمية يقلل من قيمة فاتورة الاستيراد للزيت الخام وبعض المنتجات البترولية، مما يؤثر بشكل إيجابى على الموازنة العامة للدولة بتقليل النفقات الموجة للاستيراد .
وأشار المصدر إلى أن انخفاض أسعار النفط عالميا قد يكون بشكل مؤقت ومن ثم حدوث ارتفاعات مرة أخرى فى الأسعار العالمية، موضحا أن انخفاض الأسعار العالمية للنفط له أيضا تأثير سلبى على بعض الشركات العالمية والتى تتخذ قرارات فى هذه الحالة بخفض الانفاق الاستثمارى وتباطؤ فى عمليات التنمية والبحث والاستكشاف لأنها بحاجة إلى سعر متوازن .
كشف المصدر ،عن أن مصر قامت خلال الفترة الماضية بتخزين كميات من النفط الخام من خلال الشراء من السوق الفورى للاستفادة من انخفاض أسعار النفط لافتا أن عملية الاستفادة من التخزين تكون لفترات مؤقتة وذلك بسبب الطاقة الاستيعابية لمستودعات التخزين قائلا: " أنا محكوم بحجم الخزانات الموجودة عندي لاستيعاب الخام".