قبل عام من وفاته تقريبا، ارتدى الشهيد العقيد أحمد صابر منسى، بدلته العسكرية كاملة، وذهب إلى أحد مقابر شهداء الجيش المصرى، وأحد أساطين الصاعقة المصرية، وهو الشهيد إبراهيم الرفاعى، القائد المصرى السابق للمجموعة 39 قتال، أحد أشهر مجموعات الصاعقة المصرية فى حرب أكتوبر، والذى خلد اسمه فى تاريخ العسكرية المصرية لما فعله ومجموعته فى حربي الاستنزاف وحرب أكتوبر.
وطلب الشهيد المنسى، عبر أسرة الرفاعى زيارة قبر الشهيد إبراهيم الرفاعى، لعشقه له، وكان مغرما به وبما فعله فى حروب مصر السابقة، حتى أن نجل الشهيد الرفاعى فى أحد التصريحات، ذكر أن المنسى كان يرتدى بدلته على أكمل وجه وكأنه ذاهبا للقاء رئيس الجمهورية، ودخل منطقة القبر بمفرده، وجلس مع الرفاعى أمام قبره، وكان بينهما حديثا طويلا، وذلك قبل عام من استشهاد المنسى فى شمال سيناء، حتى أن ظل يزوره حتى استشهاده.
كان حب الشهيد إبراهيم الرفاعى، بمثابة قرار من الراحل أحمد المنسى، فكان يتخذه قدوة فى كل أعماله، واصفا إياه بـ"أسطورة الصاعقة"، و"أمير الشهداء"، وكان قرار المنسى هو أن يجسد فى حياته، أسطورة أخرى ممتدة لأسطور الرفاعى، قبل أن يكون الاختيار بين الدفاع عن الوطن، أو السير فى مسارات أخرى.
رأى الشهيد أحمد المنسى، فى إبراهيم الرفاعى، أسطورة مصرية، يجب الاقتداء بها، وذلك لما فعله مع مجموعته القتالية فى حربي الاستنزاف وأكتوبر، وقيامه بعمليات فدائية سجلها التاريخ، حتى صارت مجموعته معروفة باسمه، فكان يطلق عليها أحيانا مجموعة " إبراهيم الرفاعى".
كتب الشهيد أحمد المنسى، راثيا الرفاعى فى أحد قصائده قائلا.
خصبة أرضك تنبت الأبطال ................ وقصة شهيدك تملأ الأصداء
شعبك الأبى العصى على الطغاة ......... أحن من أم الرضيع على الضعفاء
يحرس أرضك أسدك الضارية ............... ناجزة سيوفهم على الأعداء
يلى الشهيد نداء ربا ......................... وقصاصة وثارة قبل العزاء
وقبيل أن أرحل أوصيكم ونفسى .............. بوطن يستحق منا العناء
يقول محمد جمال الغيطانى، نجل الكاتب والمؤرخ الراحل جمال الغيطانى، أن الشهيد أحمد المنسى كان يتخذ من ابراهيم الرفاعى، قدوة له، وكان دائم الزيارة لقبره، وكان يذهب إليه بمفرده، حتى أن نجل الرفاعى قال فى أحد الحوارات التلفزيونية " كنا لا نعرف، ماذا يدور بينهما، إلا أن الشهداء بينهما أسرار لا نعلمها".
فى حياة أحمد المنسى، كان دائما هناك "ٌقرار" بأنه سيكون بطلا فى الجيش المصرى، ولابد أن يحاظ على سيرته الطيبة، وأن يخدم العسكرية ويضيف إليها، ولذلك ذاع صيته فى كل منطقة خدم بها، وصولا لسيناء، التى كانت المستقر له حتى استشهاده، ولم ينسى دائما المنسى أن يتعلم من قادته وكل من قرأ عنهم، حتى أن فى نعيه للعقيد الشهيد رامى حسنين، وهو قائد الكتيبة التى سبقه واستشهد، كتب قائلا:" في ذمة الله أستاذي ومعلمي اتعلمت على يده كتير شهيد بإذن الله العقيد رامي حسنين إلى لقاء شئنا أم أبينا".
ويعتبر الشهيد الرفاعى، أحد العناصر المؤثرة فى حربي الاستنزاف وأكتوبر، تم تعيينه مدرسًا بمدرسة الصاعقة وشارك فى بناء أول قوة للصاعقة المصرية وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر 1956 شارك فى الدفاع عن مدينة بورسعيد الباسلة، وبعدها التحق بفرقة "مدرسة المظلات" ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة.
أمره الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة بعد أن نشرت إسرائيل صواريخ فى الضفة الشرقية، قائلا:" عايزين منها صواريخ يا رفاعى بأى ثمن لمعرفة مدى تأثيرها على الأفراد والمعدات فى حالة استخدامها ضد جنودنا".
كما استطاع الرفاعى ومجموعته فى تدمير موقع المعدية 6 وهو الموقع الذى أطلقت منه القذائف التى كانت سبباً فى استشهاد الفريق رياض، وقضى وقتها على كل من فى الموقع ويقدرون بأنهم 44 إسرائيليًا.
شارك القائد الرفاعى ومجموعته فى عملية تدمير آبار بترول بلاعيم فى 6 أكتوبر 1973، وعملية ضرب مواقع العدو الإسرائيلى فى شرم الشيخ ورأس محمد فى 7 أكتوبر 1973، وعملية الإغارة على مطار الطور فى 7 أكتوبر 1973، وعملية منطقة الدفرسوار فى 19 أكتوبر وتم منع العدو من التقدم في اتجاه طريق ("الإسماعيلية / القاهرة).