قال الدكتور عطية عطية عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية، إن ما يحدث فى سوق النفط العالمى من انهيار الأسعار بصورة لم يحدث لها مثيل منذ عام 1983 يحدث هذا نتيجة عدة عوامل أهمها عدم الاتفاق بين الدول الكبرى المنتجة للنفط وهى المملكة العربية السعودية وروسيا وتبنى سياسة تكسير العظام فى وجود امريكا' وجائحة انتشار فيروس كورونا التى ساعدت على تسريع الانهيار فى الأسعار .
وأضاف الدكتور عطية عطية، فى تصريحات لـ"انفراد" أنه من المعروف أن العالم عام بعد عام سيزيد الطلب على استهلاك النفط بمعدل مليون برميل لافتا أن العالم يستهلك فى الظروف العادية مؤخرا إلى أكثر من مائة مليون برميل يوميا وهذا يتضح منذ عام ٢٠٠٠ حيث كان الاستهلاك حوالى ٧٥ مليون وثمانى مائة ألف برميل يوميا وفى عام ٢٠١٩ وصل إلى ١٠٠ مليون برميل بما يعنى ارتفع بمعدل 24.2% يوميا.
وأشار عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة، ما يحدث الآن عندما بدأت حرب الأسعار وتحديد كميات الإنتاج بين دول أوبك وروسيا ودخول أمريكا على الخط ادى ذلك إلى الانتاج بصورة غير منطقية من الناحية الفنية من حيث العرض والطلب مما يعنى انه هناك عوامل منها خفية ومنها ظاهرة اقوى تتحكم فى عمليات الإنتاج، لافتا إلى أن المملكة العربية السعودية زادت إنتاجها ليصل إلى أكثر من ١٢ مليون برميل يوميا وكذلك روسيا واستمرت الولايات المتحدة الأمريكية فى زيادة إنتاجها من الزيت الطبيعى والصخرى ادى ذلك إلى حدوث تخمة كبيرة فى المعروض وكذلك إلى انخفاض الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل.
وأوضح الدكتور عطية عطية ، أنه وليست لأسباب فنية أن يفوز فى هذه المرحلة من استطاع أن يملأ كافة الخزانات وكذلك الناقلات وغيرها فعل ذلك امريكا حيث انها اصبحت سعة التخزين مكتمله والناقلات وايضا لايوجد لدى شركات النفط الصخرى مكان للتخزين مما أدى إلى البيع بالسعر السالب للعقود الورقية وأيضا انتشار فيروس كورونا الذى زاد من حدة الصراع حيث انه لم يصبح هناك استهلاك مع الاستمرار فى زيادة الانتاج وزيادة العرض موضحا أنه لابد من أن ننظر إلى عواقب وتأثير جائحة كورونا على صناعة النفط فى ظل أن المعروض منه أكبر بكثير جدا.
وتابع عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة، أن وجود تخمة المعروض أمر طبيعى ولكن أزمة كورونا ستغير قواعد اللعبة فى صناعة النفط وإعادة هيكلة الشركات العاملة خاصة الشركات الصغيرة والتى لم تستطع مواجهة كثرة المعروض وانخفاض الطلب حيث أنها لديها قروض كبيرة من البنوك كما أن معظمها شركات تعمل على استخراج النفط الصخرى الامريكى ونتيجة لما يحدث أعلنت معظم هذه الشركات إفلاسها .
وأوضح الدكتور عطية عطية ، أن ما يحدث هو انتشار الوباء المزدوج من كورونا وكورونا النفط قد يغير شكل العمل بقطاع النفط إلى أن يصبح قوى بشركات محدودة قوية وأصغر حجما موضحا أنه فى حال الاستمرار فى زيادة الانتاج وزيادة المعروض وكذلك أزمة كورونا التى أثرت من خلال تدهور كافة وسائل النقل وإغلاق معظم مصانع التكرير وتخفيض كفاءة الذى يعمل منها وغلق كثير من محطات الوقود ووقف معظم المشاريع النفطية التى كان من المقرر لها أن تبدأ وقد تصل قيمتها ما يقرب من ١٠٠ مليار دولار للتنمية والاكتشافات وتحسين الانتاج وايضا تأثير سلبى بشكل كبير فى حركة التجارة الداخلية والخارجية.
وأشار عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة ، أن الولايات المتحدة الأمريكية وصل استهلاكها مايكافئ 20 مليون برميل يوميا بينما تنتج ما يصل إلى ١٨ مليون او يزيد قليلا بالمكافئ أما أوربا فهى تستهلك حوالى 15مليون برميل يوميا والصين تستهلك 13مليون برميل يوميا والهند تستهلك 5 مليون برميل يوميا واليابان تستهلك حوالى 4 مليون برميل يوميا وباقى الدول مثل البرازيل المانيا كندا تستهلك كل منهم يوميا 3مليون برميل والمملكة العربية السعودية تستهلك ما يقرب من 4 مليون برميل بينما تنتج الآن ما يزيد عن 12 مليون برميل يوميا كما أن روسيا تنتج ما يزيد عن 10 مليون برميل واستهلاك فقط اقل من 4 مليون برميل يوميا موضحا أنه بالنظر إلى هذه الإحصائيات والأرقام فهناك لاعبين أساسيين فى الانتاج وهم السعودية وروسيا وامريكا لاعبين أساسيين فى الاستهلاك وهم الصين وأوروبا الهند واليابان والتى وصل استهلاكها فى اليوم الواحد فى الظروف العادية إلى حوالى 37مليون برميل لافتا أنه من هنا نعرف حجم التحديات التى تواجه عمليات العالم كله جراء أزمة كورونا.
وتابع ، أنه بنقص الطلب بكميات كبيرة جدا على النفط كنتيجة لتوقف حركة التجارة ووسائل النقل وكذلك مصافى التكرير وأغلقت معظم المصانع الكبرى على مستوى العالم والتناحر بين الدول الكبرى فى الإنتاج أدى لزيادة حدة الصراع وتكسير العظام حيث زادت السعودية فى إنتاجها وكذلك روسيا وظلت أمريكا تنتج بنفس طاقتها وتشجع على الإنتاج من الزيت الصخرى إلى أن اكتمل كل أماكن التخزين وحدث إغراق السوق لافتا أنه من هنا خسرت الشركات الصغرى الأمريكية.
وذكر الدكتور عطية عطية ، أن جميع اللاعبين فى أسواق النفط طالتهم الخسارة و لكنها متفاوتة املا فى أن يتم إعادة الهيكلة والتحكم فى سوق النفط لافتا أنه بالنظر إلى الدعم الأمريكى لصناعة النفط واستخراج النفط الصخرى والتقدم الذى حدث فى تكنولوجيا استخراج النفط الصخرى بالوصول إلى تكلفة أقل إلى حد ما أصبح الإنتاج فى أمريكا يزيد عاما بعد عام وبالفعل اصبحت من الدول الكبرى المنتجة للنفط وفى نفس الوقت من أكبر المستهلكين فى العالم حدث هذا بتشجيع الرئيس الأمريكى لهذه الشركات موضحا أن هذا العام هو عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث أعلنت هذه الشركات إفلاسها وستستمر الشركات الكبرى فقط وهذا سيمثل ضغطا على الرئيس الأمريكى ليمارس ضغطا أكبر على الدول الأخرى التى تنتج بكميات كبيرة كالسعودية وروسيا وهذا ما يحدث الآن.
وأضاف الدكتور عطية عطية، أن التنافس والتناحر واللعب الظاهر سيستمر وكذلك التحالفات الظاهرة والخفية وكل هذا سيجعل سعر النفط فى تذبذب هذه الفترة.
أما فيما يتعلق بفترة ما بعد الكورونا، قال الدكتور عطية عطية إن هناك احتمالين الاحتمال الأول إذا استمر الصراع فى تكسير العظام بين الدول المنتجة وخاصة روسيا والسعودية فسيستمر انخفاض سعر النفط، لافتا إلى أن الجميع خاسرون والكاسبون هم الدول المستوردة، موضحا أن حجم خسائر السعودية سيكون أكبر بكثير من حجم خسارة روسيا وذلك حيث أن الاقتصاد السعودى يعتمد على أكثر من 70% على النفط بينما الاقتصاد الروسى يعتمد على حوالى من 35الى 38% ولذلك الاستمرار فى هذا الصراع سيكون الخاسر الأكبر فيه السعودية والشركات الصغرى الأمريكية وروسيا ستكون أقل خسارة.
أما السيناريو الثانى لما بعد الكورونا فيقول عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة، أن تستجيب الدول المنتجة خفض الإنتاج ووجود حل لأزمة انتشار فيروس كورونا بإيجادالعلاج واللقاح وعودة حركة التجارة ووسائل المصانع والمصافى فى أوروبا والصين والهند واليابان، لافتا إلى أن فى هذه الحالة فمن المتوقع أن يزداد الطلب على النفط خاصة من الصين وبالتالى يتم استهلاك المخزون بصورة سريعة وقد يتضاعف الطلب على النفط فى هذه الدول ويتم تعويض الخسائر وتعود الحياة إلى ما كانت عليه.