عادل السنهورى يكتب: كيف تتحول كورونا إلى قبلة الحياة للصناعة المصرية؟ خطة مشتركة بين الحكومة ورجال الصناعة تؤدى إلى إنتاج مستلزمات الصناعة محليا بنسبة 100%.. وتوقعات بوصول مساهمة القطاع فى الناتج المح

أحيانا تمر اقتصادات الدول بظروف استثنائية صعبة تتأثر بها قطاعات عديدة مثل الظروف التى نمر بها حاليا نتيجة انتشار فيروس كورونا عالميا والاجراءات الحمائية التى اتخذتها الدول واغلاق حدودها ووقف خطوط طيرانها وتجميد حركة السفر والانتقال..لكن فى مثل هذه الظروف تأتى قطاعات اقتصادية لتحقيق الاستفادة وانتهاز الفرصة للنمو وزيادة نسبة المساهمة فى الناتج الاجمالى المحلى.. ربما تضررت قطاعات السياحة والطيران فى مصر نتيجة استمرار الأزمة.. إلا أن قطاع الصناعة فى مصر أمام فرصة ذهبية حاليا للعودة بقوة لتصدر المشهد الاقتصادى والتأثير فى الاقتصاد الوطنى من خلال الاستفادة من الفرص الراهنة المتاحة لتعميق الصناعة المحلية والوصول بالمنتج الوطنى فى السوق المحلى إلى نسبة 100% فالصناعة هى أحد الركائز المهمة والحيوية فى الاقتصاد الوطنى وفى خطة التنمية الشاملة، فالصناعة عالميا والتى تتضمن التصنيع والبناء والكهرباء والتعدين تعتبر ثانى أكبر ماهم فى الناتج العالمى. وفى عام 2011 كانت نسبة مساهمة القطاع الصناعى فى مصر فى الناتج المحلى لا تتعدى نسبة 11% لكن وفى ظل برنامج الاصلاح الاقتصادى منذ عام 2016 واهتمام الدولة بالنهوض بالصناعة بقطاعاتها المختلفة، فالقطاع الصناعى يسهم حاليا بحوالى 18% من حجم الناتج المحلى الاجمالى القطاع الصناعى فى مصر يسهم حاليا بحوالى 18% من حجم الناتج القومى الإجمالى والذى يتجاوز وفقا لوير المالية الدكتور محمد معيط فى يناير الماضى 6 تريليون جنيه. ومصر تأتى فى المركز الثالث افريقيا بعد جنوب افريقيا ونيجيريا من حيث مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى بحوالى 88 مليار دولار- أى حوالى 1.37 ترليون جنيه- من ناتجها المحلى الإجمالى، ويعمل فى قطاع الصناعة 26.5% من القوى العاملة فى مصر. وفى السنوات القليلة الماضية عملت الدولة على احداث النهضة الحقيقية فى الصناعة بحيث يزيد حجم المساهمة إلى أكثر من 25% من اجمالى الناتج القوى. وأمام الصناعةالمصرية –كما أكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء فى اجتماعه مع كبار الصناعيين والمستثمرين فى مصر بحضور نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة - فرصة كبيرة للعودة بقوة وإعادة دورها وتأثيرها فى الاقتصاد الوطنى، حيث دعا رئيس الوزراء إلى إطلاق مبادرة وطنية للتحرك الجاد نحو التوسع فى إنتاج مستلزمات الإنتاج ومدخلات الصناعة محليًا لتلبية احتياجات العديد من القطاعات وكشف رئيس الوزراء أن الحكومة اتخذت فى الفترة الأخيرة عددا من الحوافز للقطاع الصناعى لتمكينه من الانطلاق والى بدت وكأنها رد فعل لتداعيات أزمة فيروس كورونا، إلا أنها كانت مدروسة مسبقًا وتنتظر التوقيت الأنسب، مثل تقليل سعر الغاز الطبيعى والكهرباء للمصانع، وغيرها من المبادرات لصالح المصانع لتخفيف حدة الإجراءات البيروقراطية. المرحلة المقبلة بالتأكيد تتطلب أهمية التحرك بجدية، لتحقيق قدر أكبر من التناغم بين الحكومة ورجال الصناعة، والاستفادة من هذه الأزمة الاستثنائية، وتحويل المحنة الراهنة إلى منحة، وتحقيق دفعة فى قطاع الصناعة. فالدولة –كما أوضح رئيس الوزراء-بحاجة إلى تعويض العديد من الواردات من البلدان المُختلفة التى توقفت نتيجة الظروف العالمية الراهنة، داعيًا إلى إطلاق مُبادرة وطنية للتحرك الجاد نحو التوسع فى إنتاج مستلزمات الإنتاج، ومدخلات الصناعة محليًا لتلبية احتياجات العديد من القطاعات، مثل مستلزمات المشروعات القومية، لتغطية هذا الاحتياج المحلى من تلك المُكونات والمدخلات، وتقليل الحاجة إلى الاستيراد، مع طرح فكرة التوسع فى الإنتاج لتغطية الطلب المحلى، وايجاد خطوط انتاج تلبى متطلبات كافة المستويات، من خلال براندات مصرية ذات جودة عالية، مؤكدًا ثقته فى أن بعض المؤسسات الصناعية الوطنية تستطيع الوصول إلى انتاج محلى 100%.. فهناك توقعات بانكفاء الدول على ذاتها نتيجة تداعيات أزمة كورونا بالتالى تصبح الفرصة متاحة أمام الانتاج الوطنى لتعويض حجم وارداته، منها أهمية البدء-كما صرحت وزيرة الصناعة-بالعمل على عدة قطاعات فى مقدمتها قطاع الصناعات الهندسية وقطاع المنسوجات والغزل والنسيج بما يشمل الملابس الجاهزة، نظرا لارتفاع القيمة المضافة بهما، بالإضافة إلى وجود قدرات تصنيعية للقائمين عليها على قدر عال. علاوة أن مصر قامت فى الفترة القليلة الماضية ببناء مجمعات صناعية –حوالى 16 مجمعا-منها مجمع بنى سويف ومجمع فى مدينة السادات والمخصص لإنشاء مدينة نسيجية، بالتالى تصبح الفرصة مواتية لتصنيع مدخلات بعض الصناعات التى يتم استيرادها من الخارج محليا اذن الصناعة المصرية تمهد لخارطة طريق ما بعد كورونا..هكذا تشير تقارير اقتصادية عديدة من خلال تعميق الصناعة، وإحلال الواردات، زيادة القيمة المضافة، رفع التنافسية، وفتح أسواق جديدة وجذب سلاسل إمداد عالمية للتوطين، فالحكومة المصرية لم تكتف بالاستجابة السريعة لدعم القطاع الصناعى الوطنى للتصدى لجائحة كورونا، بل تعدّت ذلك نحو التخطيط والمباشرة فى اتخاذ الخطوات العملية لانتهاز الظروف الحالية لتحقيق أهداف استراتيجية، فالمحنة الحالية تشكل فرصة ذهبية للصناعة المصرية لن تُعوّض، تستوجب الاعتماد على أنفسنا فى جميع الصناعات وتشجيع التصنيع المحلى وتحقيق رؤية الدولة للنهوض بهذا القطاع". مُعلنًا أن "المُكوّن المحلى للصناعة الوطنية أصبح مسألة حياة أو موت. وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع تؤكد أن أزمة كورونا "تمثل فرصة كبيرة للإعتماد على الصناعة الوطنية، والحدّ من الاستيراد عبر تصنيع المدخلات والمستلزمات الإنتاجية اللازمة للصناعات المختلفة"، مُشيرةً إلى أن الحكومة تركز أيضًا على دراسة مرحلة ما بعد كورونا، لناحية تعميق التصنيع المحلى، وتقليل الواردات، وإزالة العوائق الجمركية، وتوفير الكثير من الحوافز للصناعة المصرية"، لافتةً إلى أن "عددًا من المصدرين المصريين نجح فى خضم الجائحة بفتح أسواق جديدة فى دول تباطأ إنتاجها نتيجة الأزمة العالمية". فى حين تؤكد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد أنه "على الرغم من شدة الأزمة الحالية إلاّ أنها فى الوقت ذاته تخلق فرصًا يمكن الاستفادة منها، تتمثل فى إمكانية النهوض بقطاع الصناعة، حيث يُعدُّ الوقت الحالى مثاليًا لتوطين الصناعة فى ضوء انخفاض الواردات لتأثر سلاسل التوريد العالمية، فى موازاة وجود فرص كذلك لنفاذ الصادرات المصرية لبعض الأسواق التى لم تدخلها من قبل". اذن ما الخطوات المرتقبة، وما هى أبرز التحديات؟ منذ الأيام الأولى لتفشى فيروس كورونا، أطلقت الحكومة المصرية العديد من المبادرات دعمًا للقطاع الصناعى، منها تخصيص ما نسبته 14% من اجمالى مبادرة الـ 100 مليار جنيه التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى لمواجهة كورونا. واتخذت الدولة عدة اجراءات لدعم الصناعة منها، خفض وتوحيد سعر الغاز الطبيعى للصناعة عند 4.5 دولارات/مليون وحدة حرارية، بينما كان السعر 6 دولارات لصناعة الاسمنت و5.5 دولارات للحديد والصلب. ومراجعة أسعار الكهرباء للقطاع الصناعى لأول مرة منذ تعويم الجنيه، وإقرار خفض للأنشطة الصناعية من 1.18 إلى 1.08 جنيه للكيلوواط/ساعة. واستهداف الإبقاء على أسعار الكهرباء للصناعة عند مستوياتها الحالية لمدة 3 إلى 5 أعوام. وتأجيل دفع الضريبة العقارية المستحقة على المصانع لمدة 3 أشهر، مع أرجحية تمديدها لثلاثة أشهر إضافية.و توفير حوالى 126.7 مليون دولار حتى يونيو 2020 لتسديد 10 % من مستحقات المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات، ولدفع مستحقات المصدرين كافة التى تقل مستحقاتهم لدى الصندوق عن 300 ألف دولار، وتأمين الدفعة الأولى من مبادرة الاستثمار الموقعة مع 80 مصدرًا حتى الآن. علاوة على إنجاز بروتوكول التسوية مع 40 مصدرًا جديدًا بقيمة تسويات تبلغ 209 ملايين دولار، واستهداف سداد الدفعة الأولى المستحقة لهم فى يونيو 2020. وتسجيل العمالة غير المنتظمة ومنحهم دعمًا بقيمة 500 جنيه لمرة واحدة (الدفعة الأولى 500 ألف عامل، واستمرار تنفيذ مبادرة البنك المركزى لإتاحة 50 مليار جنيه كتمويل للشركات العاملة فى القطاع الصناعى بعائد سنوى متناقص يبلغ 8% واستمرار مبادرة إسقاط الفوائد المتراكمة على المصانع المتعثرة كافة والبالغ عددها 5184 مصنعًا، عبر عمل تسويات لها مع دفع 50 فى المئة من أصل الدين، بما يتيح إزالة هذه المصانع من القوائم السلبية لدى البنك المركزي. ما القادم للصناعة المصرية حسب المعلومات فالحكومة تدرس حزمة من المقترحات، تتجاوب فى معظمها مع التوصيات التى تقدم بها اتحاد الصناعات المصرية برئاسة المهندس محمد السويدى لمواجهة تداعيات كورونا، والذى طالب خلال اجتماع الصناعيين مع رئيس الوزراء بضرورة تطبيق قانون تفضيل المنتج المحلى فى المشتريات الحكومية. مُركزًا على أهمية الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لمواجهة تبعات كورونا؛ "إذ يجب أن يعى الجميع أننا فى ظرف دقيق، وهذا التوقيت هو توقيت حرب، وأننا فى مركب واحد". وتتلخص المبادرات الجديدة التى تدرسها الحكومة لدعم الصناعة فى:الاستفادة من ضعف حركة التجارة الدولية عبر التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتى من المنتجات المحلية وإحلال الواردات. والانتهاء من وضع قاعدة بيانات وخريطة الموردين المصريين للسلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج. وسرعة التوجه لتوطين الصناعة وتصنيع السلع الوسيطة محليًا من خلال الحوافز المالية وغير المالية. وتحديد الأسواق والفرص التصديرية للمنتجات المصرية فى ظل تأثر سلاسل الامداد العالمية خصوصًا من الصين. وحصر الطاقات الإنتاجية المعطلة فى الصناعات المختلفة، وطرح برنامج متكامل لتشغيل وتطوير الطاقات الإنتاجية غير المستغلة وتحديثها بتمويل ميسر من القطاع المصرفي. وإلغاء الضريبة العقارية على المنشآت الصناعية.وتفعيل القرار الخاص بعدم تحصيل ضريبة القيمة المضافة على الآلات الصناعية وقطع الغيار والمواد الأولية. وإعفاء الشركات الصناعية كافة من ضريبة كسب العمل والتأمينات الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر لتوفير السيولة لها للوفاء بالتزاماتها التشغيلية ولاسيما أجور العمالة. والعمل على استدامة التمويل الميسر لدعم قطاع الصناعة. ويؤكد خبراء فى القطاع الصناعى انه فى حالة تطبيق تلك المقترحات فان مصر فى انتظار نهضة صناعية حقيقية قد يرتفع معها اسهام الصناعة إلى نسبة تفوق الـ30% من اجمالى الناتج المحلى فى السنوات القليلة المقبلة. ثغرات للمعالجة على الرغم من الآثار الإيجابية للإجراءات المتخذة، والآمال المعقودة على المبادرات الجديدة فى الفترة القريبة المقبلة، إلاّ أن جُملة من التحديات الآنية والهيكلية تقف فى سبيل خروج الصناعة المصرية من إرهاصات كورونا من دون "ندوب"، والتأسيس للإستفادة من مرحلة ما بعد كورونا. وأهم هذه التحديات والخطوات الإضافية المطلوبة من الحكومة والقطاع الخاص؛ بحسب مصادر مواكبة لهواجس الصناعيين إلى "أولًا – الاقتصاد والأعمال": "من الضرورى وجود خطوات استباقية لتلافى تأثير الأزمة الناجمة عن كورونا على مخزون السلع الاستراتيجية، ولاسيما أن آثارها التجارية العنيفة يُتوقع أن تظهر خلال الأسابيع المقبلة، كما من المتوقع أن تعانى كل من الصادرات والواردات والصادرات المصرية من تباطؤ، وعلى اعتبار أن نحو 40 فى المئة من الواردات السلعية المصرية تتركز فى 5 أسواق عالمية، أهمها الصين والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأميركية، وهى من أكثر الأسواق تأثرًا، فإنه من الضرورى رفع مستوى التنسيق إلى أعلى مستوى بين الحكومة واتحاد الصناعات والمصانع والشركات لإعداد قاعدة بيانات ترصد احتياجات المصانع من الآلات وقطع الغيار ومستلزمات ومدخلات الإنتاج الضرورية للأشهر الثلاثة المقبلة، كذلك يجب دراسة هيكل التكاليف فى كل قطاع صناعى ومتابعة مردود خفض أسعار الطاقة على خفض تكاليف الإنتاج، وعدم إتاحة الفرصة للتلاعب بالأسعار أو ارتفاعها خلال الفترة المقبلة". 830مليون دولار كلفة دعم الصناعة لشهرينو5 مبادرات جديدة على الطريق إلى ذلك، يجب على الحكومة مساندة المصانع، ولاسيما التى تستورد أكثر من 60 فى المئة من مستلزمات إنتاجها، للوصول إلى بدائل محلية أو من أسواق عالمية بديلة للأسواق التقليدية المتأثرة بشدّة، وأن تكون هناك أوامر شراء مجمعة لكل قطاع، بدل أن يقوم كل مصنع بمفرده بذلك، مما يخفض التكاليف ويسهل سلاسل الإمداد، كما يجب أن تكون الأولوية من حيث الدعم والحوافز والمتابعة للقطاعات الصناعية الأكثر تضررًا وذات الكثافة العالية من حيث العمالة، كالصناعات الغذائية والملابس الجاهزة والأثاث، كذلك من الضرورى متابعة أهم المعوقات المستجدة والتى تؤثر حاليًا على القدرات التصديرية والإنتاجية للشركات، كعدم توفر الحاويات بالشكل الكافى نظرًا إلى تقليص عدد كبير من الخطوط الملاحية للرحلات، والارتفاع الكبير فى أسعار الحاويات، والسعى إلى خفض تكاليف النقل والمناولة، وتحديد البدائل الاحترازية لمواجهة الارتفاع المحتمل فى أسعار مدخلات الإنتاج ومواد التعبئة والتغليف المستوردة، فضلًا عن أهمية وضع استراتيجية شاملة للنهوض بصناعة الدواء المصرية ومستلزمات المستشفيات فى ظل ارتفاع العجز التجارى فى المنتجات الطبية إلى 3.5 مليارات دولار.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;